ما تزال في المخلفات دماء !!
البيئة تعترف بخلل في المحارق وخبير يؤكد غياب المواصفات
تحقيق : تغريد ادريس – عائشة ادم
في العام 2015 شيد مصنع النفايات الطبية بالخرطوم بشراكة مع الشركة السعودية الخليجية لحماية البيئة ويعتبر أكبر مصنع للتخلص من النفايات الطبية واعادة تدويرها حينها تعهد المسؤولون في الولاية بتحسين البيئة وتقديم أفضل الخدمات للمواطن وفق الأهداف الاستراتيجية لتطوير نظم ونقل ومعالجة النفايات الطبية، ولكن واقع الحال يقول أن هذا العمل لم يجد أي نصيب من الاهتمام والتفاعل من المؤسسات العلاجية والجهات المختصة في مجال النفايات والتخلص منها، لنجد النفايات الطبية مختلطة بالنفايات العادية، كما حدث قبل عام في منطقة الرميلة بالخرطوم ومازالت الأزمة مستمرة في أخطر أنواعها وأشكالها والكل يعلم ان بقايا “ادمية” ملوثة او عينة دم ملوثة تكفى لإصابة عدد كبير من الناس خاصة الذين يجولون الطرقات ومكبات النفايات.
وحسب افادات داخل التحقيق فان السودان مازال في مؤخرة الدول في التخلص من النفايات الخطرة رغم الجهد المبذول
“المجرة” تجولت في مصانع ومستشفيات وهيئات مختصة لمناقشة هذه المشكلة وكيفية علاجها بطرق جذرية .
آراء اطباء :
د كتور عبد المنعم محمد قال ان النفايات الطبية لها آثار سالبة جداً على صحة المواطن وذلك لعدم اتباع الطرق السليمة في معالجتها بطريقة علمية وطرق معالجتها غير مطابقة مع الشروط والقوانين العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات العالمية كما ان النفايات الطبية في السودان تعتبر هاجسا لدي اختصاصي إصحاح البيئة ومنظمات المجتمع المدني وفئات مقدرة في المجتمع وكثير من متخذي القرار علي جميع المستويات الأتحادية والولائية والمحلية ،لأن الأضرار التى تسببها مثل هذه النفايات قد تكون قاتلة لفئات كثيرة من الناس، وربما تختلط النفايات الطبية بغيرها من النفايات العادية مما يهدد صحة الأفراد ويعرضهم للأمراض المزمنة وانتشار الاوبئة ، كما ان الطرق التي تنقل بها غير سليمة، حيث يتم نقلها بواسطة عربات غير مطابقة للمواصفات، وقد ثبت ان هذه النفايات تسببت في كثير من الإمراض، من أهمها وأخطرها مرض الكبد الوبائي (ب) والايدز والسل اضافه لتأثير النفايات علي برامج مكافحة العدوى في المنشآت الصحية. ويجب البحث بجدية عن آليات ووسائل حديثة وإيجاد طرق معينة لتنظيم إدارة آمنة وسليمة للتخلص من حجم الكميات الهائلة لتلك النفايات بطريقة اقتصادية وبتكلفة أقل ما يمكن بحيث تقلل الأضرار الصحية والأضرار البيئية. وأوضح عبد المنعم ان عدم الاهتمام بتوفير الموارد المالية ونقل التكنولوجيا وتوفير البدائل الآمنة وعدم وجود بيانات ومعلومات أو احصاءات دقيقة عن وزن وحجم النفايات الطبية التي تنتجها كل مستشفى وندرة وجود المحارق واذا وجدت لا تستوفي شروط السلامة والمواصفات المطلوبة، وعزا عبد العزيز هذا الخلل الموجود لغياب الاستراتيجيات والسياسات والخطط الشاملة للإدارة المتكاملة للنفايات.
لا بد من اتقان العمل . .
مسؤول قسم الصحة العامة ومكافحة العدوى بمستشفى الجودة دكتورة زحل محجوب ابراهيم، قالت في حديثها لـ”المجرة”، ان مشكلة النفايات الطبية أصبحت هاجساً لبعض المستشفيات، ولكن في الآونة الاخيرة ظهرت شركات التخلص من النفايات التي تستخدم اجهزة متخصصة وتقسم النفايات الى قسمين نفايات طبية، واخرى عادية كما أن فى كل مؤسسة صحية يوجد جانب مختص بهذه النفايات وكل منهما لديه شق يقوم بذاته. وقالت انهم بالمستشفى يقومون بفرز النفايات الطبية بمخزن مخصص لها وذلك لسلامة المرضى والعمال. وقالت أن لديهم تعاون مع شركة سودانية سعودية تهتم بالتخلص من النفايات بطريقة علمية وحرقها عبر آليات مخصصة لحرق النفايات الطبية
وقالت د. زحل أن :”النفايات حرقها مكلف جداً تصل تكلفة الحرق للشهر الواحد الى اكثر من ٣٠ الف جنيه للمستشفى”.
واضافت أن حرقها بالنسبة للمستشفيات يقدر بالكيلو، لذلك يجب ان تتعاون جميع المستشفيات مع شركات المحارق الطبية للحفاظ على البيئة وصحة الأنسان،وعن عدد المحارق قالت زحل ان هناك محرقة في مستشفى القابلات بامدرمان والمستشفى السعودي بالإضافة إلي المجمع السعودي وهو نظام معالجة فقط حتى لا تصبح معدية وتقليل الحجم، ولكن لا يعتبر التخلص نهائي، واضافت زحل ان السودان يحتاج الى حل للتخلص النهائي من النفايات بنوعيها وقالت حالياً لا توجد شركة او جهة تتخلص من الادوية المنتهية الصلاحية حتى المجمع لسعودي لا يستلمها وختمت قائلة “نحن بالمستشفى حريصون على صحة المريض وسلامته”، وأشارت زحل لنسبة الاضرار التي تسببها النفايات الطبية التي تحرق بطرق غير علمية، مشيرة الى ان النفايات بها غازات نسبة 99% منها ضارة بصحة البيئة، كما انها تؤثر على الغلاف الجوي بنسبة كبيرة.
نفايات خطيرة تحرق بمحرقة لا تقبل الدم ..
وقال مصدر مسؤول ومختص في البيئة والهندسة الميكانيكية ان السودان حتى الان لا توجد به محرقة نفايات طبية بالمقاييس المطلوبة، واضاف أن جميع المحارق الموجودة تفتقر للمقومات الصحية والعلمية، مشيراً الى أن المحارق التي توجد في أفضل المستشفيات الخاصة لا تقبل عنصر نفايات الدم وهذه تعتبر اكثر خطورة !علماً بان المستشفى يختص في علاج الاورام الخبيثة، موضحاً انهم يعانون من مشاكل حقيقية في مسألة النفايات وكيفية التخلص منها بطريقة علمية، وقال ان المشكلة الأكبر في طرق نقلها الى الشركات أو المحارق في ظل ضغط المرافق الصحية وكثرة المراكز. وأضاف المصدر أن المشكلة التي تعانى منها مستشفى البراحة لم تراوح مكانها وتعانى منها جميع المستشفيات، واضاف المصدر بان هناك مشكلة كبيرة في تحديد المسؤولية في هذا الجانب الصحي.
رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي قال في افادة للمجرة ان هنالك تطور كبير مستمر في صناعة محارق النفايات الخطرة والطبية من ضمنها.
وهنا في السودان دخلت شركة أمريكية السوق متخصصة في المحارق الطبية، وفعلاً أمدوا المجلس الاعلى للبيئة بمحرقة تعمل الآن في مكب النفايات بأمدرمان.
واضاف شلقامي ان المواصفات المطلوبة في مثل هذه المحارق الحديثة الّا تكون هنالك انبعاثات جراء حرق النفايات الي جانب الحرق الكلي مع تكوين كمية قليلة من الرماد تصلح كسماد عضوي ومن غير رائحة والّا يكون لها صوت عالي عند التشغيل والا تشعل حيز كبير.
وقال من المفترض ان تلزم المستشفيات العامة والخاصة بان تكون عندها محارق بمواصفات حديثة من غير اثار تلوث البيءة
ويمتد الإلزام للمختبرات المنتشرة في ارجاء المدن دون ضوابط ان تلزم بالتعاقد مع محارق المستشفيات او المحارق العامة لمعاملة نفاياتها التي تشكل مصدر حيوي للمخاطر خاصة ان الكثير من هذه المختبرات وسط الأحياء
خبيرة بيئة.. المتسولون الاكثر تضرراً
الأستاذة سمية السيد كانت أمنت على عدم وجود محارق بمواصفات مطابقة، وقالت فى حديث سابق اوضحت بانه لا توجد سيارات مختصة بنقل النفايات الطبية لذلك تنقل ضمن النفايات العادية وتكب فى مكبات النفايات العامة ويتم التعامل معها كنفايات فقط وهذا يشكل خطراً كبيراً جداً بالنسبة للمواطن، خصوصاً أبناء الشوارع والمتسولين الذين يتجولون بمكبات النفايات. مما يزيدهم ضرراً ومعاناة . واضافت سمية انهم فى السودان يعانون من عدم وجود محارق طبية بجودة عالية وحتى ان وجدت غير مطابقة للمواصفات.
مدير الادارة العامة لشئون البيئة بوزارة البيئة والموارد الطبيعية سابقا منى عبد الحفيظ ومدير ادارة التحكم البيئي المنسق مع مشروع النفايات مع جايكا قالت ان هناك بعض المحارق بالعاصمة ولكن بها نقص. وعن التعاون بين الوزارة والجهات المختصة قالت ان هناك تعاون بين وزارة البيئة والصحة يتضمن الخطة المستقبلية ودراسة الوضع الحالي واختيار انسب الطرق والتكنلوجيا للمعالجة .
وفي مقابلة اجرتها المجرة مع مدير الرقابة بالمجلس القومي للبيئةعلي محمد احمد قال ان ولاية الخرطوم من الولايات التي تشكل مصدر قلق في موضوع النفايات الطبية نسبة لكثافة السكانية وبالتالي يوجد بها نفايات طبيبة اكثر من باقي الولايات.
واضاف اذا لم تتم معالجتها والتخلص منها تتسبب في نقل العدوي والبكتريا تعتبر مصدر خصب للجراثيم وبالتالي لابد من معالجة آنية، حتي نقل هذه النفايات لابد ان يكون باحكام حتي لا تنتقل العدوي من جهة الي اخري وان يراعي فيها ان تكون محكمة الاغلاق وان يلتزم العاملين فيها بالملابس التي توفر لهم الحماية.
ووضَّح ان ولاية الخرطوم الآن تعمل مع شركة سعودية وشركات اخري للمعالجة، مشيراً الى السعي الجاد للمجلس القومي من اجل استخدام التكنلوجيا في النفايات الطبية، وقال ان هنالك دراسة مع شركات ايطالية للمعالجة وهي التعقيم مع الفرم حتي تصبح نفايات صلبة وهي مكلفة جداً وما زالت قيد الدراسة .
حتي الآن لا يوجد جسم قومي يحمي البيئة لان الحكومة السابقة عندما رأت انه سيتم ترشيد الانفاق الحكومي بدأت أولاً بازالة وزارة البيئة واستبدلتها بالمجلس في حين أن الوزارة كانت بها مشاريع قيمتها 300 مليون دولار، واضاف بأنه ليس هنالك محطات لمعالجة النفايات الطبية لان الدولة تنظر لصحة البيئة بانها عملية مرهقة ومسألة إنفاق فقط، واضاف أنه ليس هنالك تنسيق بين المجلس القومي للبيئة ووزارة الصحة وهذا خطأ تنسيقي كان موجود في النظام السابق يجب تصحيحه الآن. ليس هنالك قانون منفصل يحكم التعامل مع النفايات الطبية وقد تقدم المجلس القومي للبيئة بقانون، ولكن لم تتم اجازته كما لا توجد رقابة علي المستشفيات في كيفية معالجة النفايات الطبية من قبل المجلس القومي للبيئة وانما هي مسؤولية الولايات.السياسات المتبعة في التخلص من النفايات الطبية في ولاية الخرطوم مثلاً لا تحقق الطموحات لانها غير مواكبة للتطور الذي يحدث في مجال معالجة النفايات الطبية والتخلص منهاوأشار الى مشروع تمويل من الامم المتحدة ب 2مليون دولار لمشروع بصات تعمل بالكهرباء لمعالجة ازمة المواصلات ووحفاظا علي البيئة من التلوث، ولكن هذا المشروع تمت عرقلته من قبل النظام السابق وبقي حتي الآن دون تنفيذ .