Site icon المجرة برس

“كبوشية ، البجراوية تداعيات وادي عبقر” .. منتصر منصور

 

كبوشية قرية تحمل أسم يقترب من (كوشية) وهي منبع الفن -عاصمة مروي القديمة

 

ما زال الباحثون يكتشفون الجديد عن عظمتها، تأكيدا علي أنها أعظم دولة قامت علي وجه الارض، منبت الحضارات، لتنطلق شمالا مع مجري النيل لتبلغ ذروتها قرب الدلتا.
“كبوشية” الحديثة تعتبر منبع الفن في السودان -فن الغناء تحديدا-وهذه حقيقة لاينكرها عارف، فالمؤرخين للأُغنية السودانية اكدوا انها خرجت من رحم الحقيبة والتي بدورها خرجت من كبوشية وسميت اصطلاحا بأغاني الطمبارة .
فقد غزا الخرطوم/امدرمان قبيل المهدية؛ وبعدها مجموعة من ابناء كبوشية، علي راسهم الغناي”الحسن ودسالم” بأغنياته التي يترنم بها علي ايقاع العصا (عصاتين) وكرير الطمبارة . والفنان محمد ود الفكي وتتلمذ علي يديهما مجموعة من الفنانين والشيالين ، كان من ضمنهم سرور وعبد الله الماحي -ابن كبوشية
“اغاني الطمبارة” وهي مايعرف اليوم بالرميات التي اشتهرت منها اغنية

نايرات الوجن
نايرات الوجن .. تومي متين يجن
نام الخلوق .. والليل جن ..
مرسالي جا وقالي جن ..
قعدن معاي ساعتين رجن ..
ساقن حبيبي .. وعرجن ..

والاغنية تروي شعور العريس (ليلة الدخلة) وقد كانت العاده ان تأتي بعض الفتيات بالعروس لغرفة العريس ليجلسن معه فترة ثم يأخذنها ليعدن بها .. وهنا يروي العريس شعوره في انتظار قدوم عروسه مع رفيقاتها .
اغنية بلقيس ملكة سبا( تنطق سبأ بالتخفيف من الهمزة) ..

خلاي عقلي انسبا ..
في كفها الخاضبة ..
…….. يانديما
بلقيس ملكة سبأ ..

…وقد استمعنا لها بصوت فنان كلي المبدع “السائح ود حمد” وقد ساهم هذا الاخير في الحفاظ علي هذا الفن الذي كاد ان يضيع واداها بنفس طريقة “الحسن ود سالم ”
الشاعر هنا لم ير الفتاة بل اجترحها خياله بأنها ك بلقيس ملكة سبأ حين رأي فقط خضاب كفها ..! أغنية اخري هي “بارعنو

لاصف ديسو بارعنو ..
وجلن نومي كيفنو ..
….. يانديما..
حسحسولو قرنو ..
ولهجك الشنو ..
اماتو ما ادنو ..
العاشق إن جنو ..

اغنية اخري توصف جمال صبية راي شعرها -بالسماع-من آخر فاهتدي لهذه الابيات الي ان يقول

حمت بي ردودا
وعشقي في خدودا

أدي التعاون المثمر بين سيد عبد العزيز ومحمد بشير عتيق وعلي المساح وابوصلاح، لإيجاد قصائد منظومة الاداء مع الاحتفاظ بالرمية والكسرات وكان ان طرأ اختلاف بسيط فيها، فاختلف ماتم تسجيله (رمية القاهرة) عن (رمية امدرمان)، في غناء الطمبارة والتي اخذ بعضا منها الفنان حسن عطية من ابن كبوشية “ابرهيم عبد الجليل”..

من اشهر الطنابرة بكبوشية ( عبد الله الماحي ،الحسن ودسالم-كما ذكرنا آنفا- ود الهيد ، ود القرشي، الداسوقي،ود الطاش، ود اللومنجي وهم من البجراوية )
أغنية (عشق جنابن) للشاعر “سعد بانقا” ، حرر الطيب محمد الطيب مقالا يقول فيه : (وقع عندي ان اول اسطوانة سجلت في مصر للشاعر سعد بانقا من ابناء كلي التي تقع غرب كبوشية بالضفة الاخري …. الخ
الاغنية التي تلقفها من بعد ذلك بشير الرباطابي وتغني بها وهي من الحان ” السائح ودحمد” وسجلها في مصر بصوته-بشير الرباطابي- وغيرها من قصائد سعد بانقا مثل اغنية (لي بليدن قوم) ..
ويلاحظ ان ود بانقا هو اول من ادخل الآلة في شعر الغناء السوداني وهذا في عام 1900م
عبد الله الماحي ذلك الرجل الفذ يستحق كل الثناء الامدرماني والتبجيل لما ابتدعه وساهم في تطويره لاجل ان تكون الاغنية ذات قوام ونظم واداء ونقل تجربته للآخرين من حيز كبوشية وضفاف النيل الي امدرمان والسودان ككل …………………….ودمتم

Exit mobile version