و سؤال هل ما قرأته هو قصة قصيرة يستدعي الكثير؟ هذا الفن الماكر المراوغ، ما هو ؟ كيف اميزه ؟ هل هو سرد نثري أو حكائي ؟ أجل و لكن هو في ذلك لا يتميز عن الرواية أو الخرافة و الاسطورة ( الاحاجي). هل بكميته ؟ أي أنَّه يكتب في حدود الفيّ كلمة او ما يعادل عشرين و رقة ؟ هذا تعريف حيادي لا علاقة له بالابداع . كما أن الحجم قد يدخلنا في متاهة من نوع آخر، فقد يرص الكاتب عددا من الاسطر ليقول شيئا يمكن أن يقال في سطر واحد كما في (الققج)، كذلك قد تتوافر عناصر القصة القصيرة في عمل قد يتجاوز تلك العشرون صفحة المذكورة كما في أعمال انطوان تشيخوف و التي ما زال الجدل دائرا حولها بين النقاد بشأن تجنيسها هلي هي قصة قصيرة طويلة ام رواية قصيرة ؟ الحجم يكشف عن تداخل الاجناس، فالرواية قد تطول أو تقصر، كذلك القصة القصيرة قد تطول لتتماهي مع تقاليد الرواية، و قد تقصر حتي تقارب شعر الهايكو .
اذن لابد من استقراء بنية القصة القصيرة عبر تاريخها، لتحديد هوية هذا الكم التراكمي من الجمال الذي ابدعه عباقرة الحرف عبر الزمن. و هنا يمكن القول بثقة ان القصة القصيرة هي ( سرد نثري حكائي يكتب غالبا في عشرين صفحة أو أقل و لكن الأهم أنه سرد واحدي ) اي أن القصة القصيرة غالبا ما تتمركز حول:
– شخصية مركزية واحدة , حتي لو صاحبتها شخصيات ثانوية اخري .
– حدث اساسي واحد.
– مشهد واحد .
هي اذن لا تشتغل بمرض شخص ما منذ بدايته و رحلة علاجه، انما (بلحظة) موته مثلا . هي في ذلك تتجنب الاستطرادات و الشروحات و المقدمات – ذاك ما يفعله كاتب الرواية- و يمكن تلخيص ذلك في ( التكثيف، التكثيف، التكثيف، في الشخصيات، الحدث و المشهد) .
قد تتمحور القصة حول شخصيتين و لكن تظل الصدارة لأحدهما، كذلك المشهد، اذ انه يمكن للقصة ان تستدعي مشاهد من الذاكرة او تقوم بعملية استرجاع أو استباق، الا ان الصدارة دائما ترتبط بمشهد رئيسي وحيد. لذا شئنا أم ابينا فالقصة القصيرة تحدد شخصياتها في أقل عدد ممكن .العنوان، الحبكة، الثيمة لاساسية
قد يكون العنوان هو أول أو آخر ما يكتبه الكاتب، و هو قد يأخذ شكل المفرد او المركب الاضافي الوصفي الدال علي الحدث او البطل، وربما يعمد البعض الي التمويه و اخفاء هوية النص في العنوان، الا أنه يظل العتبة النصية الأولي التي تخلق علاقة مع خارج النص من ناحية، و مع جسد النص من ناحية أولي، من هنا تأتي أهميته، و هنا لابد من الأشارة الي أن العنوان الناجح يبتعد عن الجمل التامة نحويا و دلاليا، لأن هذا الاكتمال – النحوي و الدلالي – هو بمثابة اجهاض و قتل مباشر لاحتمال قيام اي علاقة بين القارئ و النص . نقص العنوان نحويا و دلاليا هو أول توتر جاذب لإيقاع القاري في شبكة القص .
تظل الشحنة الفكرية و النفسية و الدلالية للعنوان قابعة في مكان ما في ذهنية القاري لتعينه علي الفهم و التأويل و هو يجتاز هذه العتبة ليدلف الي عتبة البداية التي تصدمه بتوتر جديد، عدد الاسئلة و التشوش و اللا انتظام والنقص هي ما يثير الاسئلة، تعرف القصة القصيرة بأنها ناقصة البداية. مثلا نجد بداية كهذه ( وقفت في انتظار من لا يأتي، علمت جريمتي الكبري ..) مدخل أو بداية كهذه تستدعي و تخلق تشوشا كبير، عدد من الاسئلة، من هي ؟ أين وقفت؟ وما هي جريمتها و و و …. هذا هو توتر البداية الذي ينقلنا الي الثيمة الاساسية للنص، هو دافع القارئ لمواصلة القراءة بحثا اجابات . ترتبط القيمة السردية للنص بعدد ما يفرضه من اسئلة و بمقدار ما يثير من فوضي في طبيعة الاشياء في افتتاحيته، يظل القارئ علي توتره هذا في توالي السرد و صيغته الدراماتيكية حتي تأتي لحظة التنوير الكاشفة في الخاتمة، القفلة، نقطة النهاية، ايا كان اسمها. بينها و البداية تظل الثيمة الاساسية هي الايقاع المتصاعد الذي يقود في هذا الطريق، و غالبا ما لا توافق النهاية البداية و هنا تأتي المفارقة التي اهتم بنسجها و حبكها عظماء القصة القصيرة، يضعون لها قوالب مميزة من تهكم و سخرية او فجيعة و لوعة، المفارقة هي جوهر القصة القصيرة و سر تميزها، و تظل العلاقة بين البداية و النهاية في القصة القصيرة في غالب الاحوال علاقة تضاد تنسج لوحة جمالية و تظهر كل منهما الاخري .
الخاتمة
النهاية هي زبدة النص وخلاصته، وكما ذكرنا قد تشكل لحظة التنوير و الكشف النهائي، كما أنها قد تأتي عادية في شكل اشارة تدل علي استمرار الحدث. أو قد تنتج اسئلة جديدة تجعل القاري في حالة استفزاز فكري لاستنباط الحلول .يبقي ان المفارقة في الخاتمة هي عنوان النص الناجح وأقوي عناصره التي تمكنه من الاستمرار في انتاج المعني.
تظل الشحنة الفكرية و النفسية و الدلالية للعنوان قابعة في مكان ما في ذهنية القاري لتعينه علي الفهم و التأويل و هو يجتاز هذه العتبة ليدلف الي عتبة البداية التي تصدمه بتوتر جديد، عدد الاسئلة و التشوش و اللا انتظام والنقص هي ما يثير الاسئلة، تعرف القصة القصيرة بأنها ناقصة البداية. مثلا نجد بداية كهذه ( وقفت في انتظار من لا يأتي، علمت جريمتي الكبري ..) مدخل أو بداية كهذه تستدعي و تخلق تشوشا كبير، عدد من الاسئلة، من هي ؟ أين وقفت؟ وما هي جريمتها و و و …. هذا هو توتر البداية الذي ينقلنا الي الثيمة الاساسية للنص، هو دافع القارئ لمواصلة القراءة بحثا اجابات . ترتبط القيمة السردية للنص بعدد ما يفرضه من اسئلة و بمقدار ما يثير من فوضي في طبيعة الاشياء في افتتاحيته، يظل القارئ علي توتره هذا في توالي السرد و صيغته الدراماتيكية حتي تأتي لحظة التنوير الكاشفة في الخاتمة، القفلة، نقطة النهاية، ايا كان اسمها. بينها و البداية تظل الثيمة الاساسية هي الايقاع المتصاعد الذي يقود في هذا الطريق، و غالبا ما لا توافق النهاية البداية و هنا تأتي المفارقة التي اهتم بنسجها و حبكها عظماء القصة القصيرة، يضعون لها قوالب مميزة من تهكم و سخرية او فجيعة و لوعة، المفارقة هي جوهر القصة القصيرة و سر تميزها، و تظل العلاقة بين البداية و النهاية في القصة القصيرة في غالب الاحوال علاقة تضاد تنسج لوحة جمالية و تظهر كل منهما الاخري .