جدل كبيير يسود المجتمع السوداني بعد الغاء ما يعرف بقوانين النظام العام، فرحة طاغية بزوال أحد أسوأ كوابيس المواطن ، الا ان هذه الفرحة شابها لبس وخلط بين قوانين النظام العام” الولائية” والقانون الجنائي وتحديدا الفصل (15) منه. الغاء قانون النظام سيء الذكر خطوة للأمام في سبيل الغاء كافة القوانين التي تنتهك كرامة الانسان الا ان الخطوة الأهم هي تعديل القانون الجنائي المعيب لسنة 1991م . وفي هذه العجالة نرجو ان نوفق في توضيح اللبس الواقع والخلط بين النظام العام ومواد القانون الجنائي .
النظام العام ” تاريخ وتفاصيل”
أصدرت ولاية الخرطوم في عهد الوالي السابق بدر الدين طه ، قانوناً ولائيا أسمته ” قانون النظام العام” وهو خاص بولاية الخرطوم، ويتكون من سبعة فصول و (26) مادة، تلخيصها كالآتي..
الفصل الأول عبارة عن تعريف للأحكام التمهيدية، اسم القانون وبدء العمل به. الفصل الثاني تناول شروط اقامة الحفلات الخاصة وتصديقاتها، وضوابط الحفلات والأعيرة النارية. الفصل الثالث تناول المركبات العامة وضوابط استخدامها، وتخصيص أبواب البصات و افراد عشرة مقاعد للنساء . الفصل الرابع تناول حظر وممارسة التسول والتشرد، كما تناول ضرورة الحصول علي اذن رسمي لجمع التبرعات والصدقات من المحلية المعنية بالتبرع. الفصل الخامس تناول المحلات التجارية العاملة في تصفيف شعر النساء ووضع لها ضوابط عمل. الفصل السادس تناول أحكاما مختلفة شملت حظر استخدام مكبرات الصوت، حظر فتح المحلات التجارية في وقت صلاة الجمعة، حظر أعمال الدجل والشعوذة، حظر الاستحمام في النيل عاريا، حظر غسل العربات في الشواطىء والحدائق العامة دون أذن، حظر بيع الأطعمة خلال شهر رمضان، حظر اسماء المحلات المتنافية مع العقيدة والقيم والأعراف الصالحة، نظم قانون تجديد رخصة المحل القائم. الفصل السابع حدد العقوبات للمخالفات الواردة في القانون وتراوحت بين عقوبة السجن والجلد والغرامة.
القانون الجنائي 1991م (جرائم العرض والآداب العامة والسمعة)
ورغم قبح قانون النظام العام وضرورة الغاؤه فورا الا أن القانون الجنائى لسنة 1991 الذي أصدره الترابي ، تحديدا الفصل الخامس عشر أشد قبحا خصوصا فيما يعرف بجرائم العرض والآداب العامة والسمعة وتحديدا المواد ( 152، 153، 154) وتعريفها علي التوالي ..
المادة 152 ” الأعمال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة”
هذه هي المادة التي يحاكم بموجبها الفتيات بسبب أزيائهن التي يعتبرونها مخالفة للقانون بموجب تقدير ذاتي من أفراد تنفيذ القانون وفي كل واقعة علي حده، وهي ما تعارف عليه من الكل في بلاغات سابقة ” الطرحة والبنطال والزي الفاضح والمشية الما ياها .” وذلك لأنه حسب المادة فان هذا الزي يسبب مضايقة للشعور العام؟ بالرغم من ان الشعور العام يختلف بحسب الفرد حسب ثقافته و بيئته وتربيته وتعليمه وسلوكه الشخصي ولا يوجد معيار ثابت لكيفية مضايقته.
المادة 153 ( المواد والعروض المخلة بالآداب العامة)
هذه المادة يقع تحت طائلتها بحسب تعريفها معظم المواد التي يتم بثها في القنوات الفضائية الدولية، والقنوات الرسمية وغير الرسمية . واذا صدف وتم ضطك وانت تشاهد احدي هذه المواد ولو في داخل غرفتك، فأنت قطعا واقع تحت طائلتها، لان تقدير اخلال هذه المواد بالآداب العامة يرجع لذات القانون ومن يطبقه استنادا لتعريفها الذي يقول “يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة اذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.” اما الفقرة (2) من ذات المادة فهي تنص علي ” من يتعامل في مواد مخلة بالآداب العامة أو يسمح بتقديمه، او يدير معرضا أو مسرحا او ملهي او دار عرض أو أي مكان عام فيقدم مادة او عرضا مخلا بالآداب العامة أو يسمح بتقديمه، يعاقب بالجلد بما لا يتجاور ستين جلدة أو بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو بالعقوبتين معا.” وبغض النظر عن عرض المواد الجنسية الفاضحة التي يتفق معي الكافة في أن المجتمع السوداني وكافة االمجتمعات السوية تمنعها بموجب القانون أو وفق ضوابط محددة في بعض المجتمعات. الا ان باقي المادة يفتح الباب علي مصراعيه لإجتهاد أي مهووس لقتل ما تبقي من ثقافة وفكر . حتي أن مشاهدة عروض الأفلام في دور السينما – التي أصبحت نسيا منسيا- يقع تحت طائلة هذه المادة بالرغم من توفر الأفلام علي جميع الشاشات ، وبمعيار هذه المادة فان فان عروض الازياء والعروض الرياضية والمسرحية؛ حتما مخلة بالآداب وتستوجب فتح بلاغ ضدها.
المادة 154 ” ممارسة الدعارة”
وجود رجال ونساء في مكان دون رباط شرعي فتلك دعارة وفق هذه المادة، ويعتبر المكان “محل لممارسة الدعارة” ووفق تعريفات هذه المادة فان مكاتب الحكومة، الشركات الخاصة والمعارض التجارية ، البصات وحافلات المواصلات ، حفلات الزفاف وحتي تخاريج الرياض والحدائق العامة كلها اماكن لممارسة الدعارة . وتنص المادة في الفقرة “2” (يقصد بمحل الدعارة، اي مكان معد لاجتماع رجال ونساء او نساء ورجال لا تقوم بينهم علاقة زوجية أو صلات قربي في ظروف يرجح فيها حدوث ممارسات جنسية.) يرجح هنا ان المشرع اراد ان يحفظ ماء وجهه ويخفف من فداحة انتهاكها لكل ما هو متعارف عليه في فقه القانون.
خاتمة
العرض السابق قد يوضح اللبس الواقع بين قانوني النظام العام و القانون الجنائي الذي شرَّعه المشرِع لا لرد المظالم و اقامة العدل وانما سلطة علي رقاب الناس و أطلقه لقهر المجتمع وترك سلطة التأويل و لتنفيذ لتقديرات المنفذ . من هنا نعلم مدي وجوب النضال من اجل الغاء هذه القوانين الهلامية غير محدة المعالم والمصممة لخدمة اهداف بعيدة تماما عن خدمة العدالة. و صياغة قوانين محددة بدقة تحفظ كرامة المواطن اينما كان .
الفصل الأول عبارة عن تعريف للأحكام التمهيدية، اسم القانون وبدء العمل به. الفصل الثاني تناول شروط اقامة الحفلات الخاصة وتصديقاتها، وضوابط الحفلات والأعيرة النارية. الفصل الثالث تناول المركبات العامة وضوابط استخدامها، وتخصيص أبواب البصات و افراد عشرة مقاعد للنساء . الفصل الرابع تناول حظر وممارسة التسول والتشرد، كما تناول ضرورة الحصول علي اذن رسمي لجمع التبرعات والصدقات من المحلية المعنية بالتبرع. الفصل الخامس تناول المحلات التجارية العاملة في تصفيف شعر النساء ووضع لها ضوابط عمل. الفصل السادس تناول أحكاما مختلفة شملت حظر استخدام مكبرات الصوت، حظر فتح المحلات التجارية في وقت صلاة الجمعة، حظر أعمال الدجل والشعوذة، حظر الاستحمام في النيل عاريا، حظر غسل العربات في الشواطىء والحدائق العامة دون أذن، حظر بيع الأطعمة خلال شهر رمضان، حظر اسماء المحلات المتنافية مع العقيدة والقيم والأعراف الصالحة، نظم قانون تجديد رخصة المحل القائم. الفصل السابع حدد العقوبات للمخالفات الواردة في القانون وتراوحت بين عقوبة السجن والجلد والغرامة.