رصد عبدالقادر حيدر2019، العام الذي يلفظ انفاسه الأخيرة، يستحق لقب الثورات و الاحتجاجات بلا منازع، فقد شهد فيه الشرق الأوسط تحديدا هبات شعبية ضد انظمتها الحاكمة و كل اشكال الفساد التي تمثلها . شهد السودان فيه احداث جسام ، انتصارات و هزائم ، انكسارات ودموع ، ثم فرح متوجس . شهد العام الفريد بأحداثه انهيار واحد من أعتي الانظمة المستبدة في المنطقة وتحطيم اسطورته بعد مسيرة نضالية بذلت فيها كل أنواع التضحيات الجسام.
كان موكب 31 ديسمبر 2018 مقدمة عريضة لوداع العام المنصرم و استقبال عام 2019 ، ذاك الموكب الذي كان هدفه الوصول لباحات القصر الجمهوري بغرض تسليم مذكرة تطالب بتنحي البشير فقوبل بعنف مفرط وبطش بالغ من قوات الأمن بمختلف تشكيلاتها وذاك بعد ان تحولت منطقة السوق العربي الي ثكنة عسكرية وتم أغلاق جميع المرافق بالمنطقة الممتدة من صينية القندول وحتي القصر الجمهوري. كان عنوانا مناسبا لعام قادم ملئ بالمعارك من أجل الحرية.
يناير – ابريل ” مواكب، مواكب”
تطورت الاحداث مع مطلع العام ليشهد ربعه الاول تفجر الاوضاع وتزايد الاحتجاجات لتشم كافة بقاع السودان، انطلقت المواكب منذ السادس من يناير ولم تتوقف حتي السادس من ابريل ، ملحمة امدرمان في التاسع من يناير وموكب 17 يناير الذي اعلن ان الثورة قد بلغت رشدها اضافة للملاحم اليومية المستمرة في كافة الاحياء وعلي رأسها بري وعطبرة والقضارف وبقية بقاع السودان، اكدت اصرار الشعب علي بلوغ مراميه دون اي تفكير في العودة للوراء ، تطورت الشعارات ليبرز للسطح شعار” يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” ” الشعب يريد اسقاط النظام” ” سلمية سلمية ضد الحرامية” و الشعار التاريخي الذي تفردت به الثورة السودانية ” تسقط بس”. في تلك الفترة تتابعت التصريحات من مسئولي النظام ، خطاب للمعزول البشير في ذكري الاستقلال يعد فيه بزيادة الاجور ، ثم اعلان لحالة الطواري و تشكيل حكومة عسكرية ودعوة للحوار، ثم خطابه في عطبرة الذي أعلن فيه عدم ممانعته لاستلام الجيش للسلطة وذكر” بعدها سيدخل كل فار جحره” . ثم تتالت التصريحات العنجهية كتلك التي اطلقها النائب السابق للمعزول علي عثمان محمد طه عبر قناة سودانية 24 والتي توعد فيها الجميع بكتائب ظل الحركة الاسلامية المستعدة للموت دون النظام الي تصريحات الفاتح عزالدين التي وضع فيها مدي زمني بعده سيقطعون رؤوس الشعب ثم يأتي أعلان المخلوع البشير في خطابه الجمعة 22 فبراير 2019 حل مجلس الوزراء القومي، وإعفاء ولاة الولايات ، وحل الحكومات المحلية ، وإعلان حالة الطواريء لمدة عام في محاولة للالتفاف علي مطالب الشعب بتنحي البشير ونظامه الشمولي الفاشي الدموي ، وقيام حكومة قومية إنتقالية باعتبار ذلك هو المخرج من الأزمة ، كما جاء في وثيقة قوي” الحرية والتغيير ” .
قبلها كان 21 فيراير يوما أغر في تاريخ السودان الذي أكد وحدة وتماسك الشعب واصراره علي المضي قدما في ثورته، فبرغم الاعتقال الاستباقي لققادة الحرية والتغيير الذي كانوا يضطلعون بمهمة تسليم مذكرة التنحي الا ان اعتقالهم لم يغيلر شيئا لتستمر المواكب و التظاهرات بين كر وفر تحت ظروف قمع متوحش حتي منتصف الليل. وفي تطور جديد بدأت الوقفات الاحتجاجية من شركات الاتصالات وشركات القطاع الخاص تشكل فعالية جديدة في فعاليات الثورة .
ازدادت اشتعالا بالرغم من القتل والدهس بالتاتشرات والاعتقال و التعذيب الذي راح ضحيته المعلم أحمد الخير ابرز شهداء الثورة الي جانب د. بابكر الذي استشهد في منطقة بري بزخة رصاص مباشر في القلب و محجوب التاج محجوب الذي مات لدفاعه عن زميلاته ضربا باعقاب البنادق. تواصلت المسيرة حتي جاء يوم السادس من ابريل ليصل الموكب الاضخم خلال الفترة وللمرة الأولي لوجهته المعلن عنها ” القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة “
تلك الفترة شهدت تعتيم اعلامي وعدم اكتراث وصمت عالمي كبير الا من قلة من القنوات التي لم تبخل بالتغطية علي الحراك السوداني علي رأسها تأتي قناة الشرق التي تبث من تركيا التي كانت تغطي بشكل يومي ومباشر كل ما يحدث في الشارع السوداني.
السادس من ابريل ، اعتصام القيادة ومزيد من الدماء
السادس من أبريل، يوم للعزة والكرامة، قديما وحديثا، صدق الشعب وعده ، تدفقت الجموع من كل حدب وصوب لتشكل أمواج بشرية عصية علي الانكسار والتخويف، اكدت ان الشعب هو المعلم والرائد الذي لا يكذب اهله. قررت الجموع الاعتصام امام القايادة العامة لقوات الشعب المسلحة التي ابدي بعض افرادها بسالة نادرة في حماية المعتصمين ضد مليشيات النظام التي استهدفت فض الاعتصام ليبرز اسم النقيب حامد كأيقونة للجندي الوطني ويظهر هتاف” الجيش جيش السودان.. الجيش ما جيش الكيزان” . واستمر رموز النظام في غيهم ليستجلب أحمد هارون عدد من القوات لفض الاعتصام الا ان سعيهم خاب. لتعلن القوات المسلحة في الحادي عشر من ابريل تنحية البشير وتنصيب ابن عوف الذي رفضته الجماهير المعتصمة ليتم استبداله في اقل من 24 ساعة بالفريق اول عبد الفتاح البرهان. لتبدأ حلقة جديدة من المفاوضات و الصراعات المختلفة ومزيد من الدماء المراقة ومزيد من القتل كما حدث في يوم الاثنين 13 مايو التي جاءت بعد ان قطعت المفاوضات شوطا بعيدا في اتجاه تكوين حكومة مدنية. استمر الامر حتي حانت لحظة فض الاعتصام.
فض اعتصام القيادة العامة.
يوم دامي في تايخ السودان، أسود كالليل، مر كالعلقم ، فبعد ان تقدمت المفاوضات و سادت اجواء احتفالية جاء فض الاعتصام الذي اريد فيه ان تتفرق دماء الثوار علي القوات، سبقته ارهاصات عديدة كاطلاق النار في شارع النيل في 13 مايو ثم احداث كولومبيا التي سبقتها تصريحات مكررة وممجوجة عن كيف ان المنطقة أصبحت تهدد الامن و انه يجب فضها ، كل ذلك كان يشير بوضوح للاتجاه لفض الاعتصام بالقوة، بلغت الوحشية مداها في ذاك اليوم، قتل و سحل وحرق و اغتصاب . استباحة تامة للنفس والمال والعرض. لم يبت السودان ذاك اليوم الا علي ثورة تغلي في العروق وصدمة ما زالت تلقي بآثارها علي كل من شهد الواقعة.
مليونيات 30 يونيو
القهر والاحباط كانا السمات الابرز، تحولت الخرطوم وعواصم الاقاليم لغابة من لمتاريس، لم يكن هناك من هم سوي استمرار الجذوة و تفقد الشهداء والمصابين والمفقودين، أيام من حزن أصابت الجميع في مقتل ليأتي العصيان المدني ليومين نتتالين لتتحول الخرطوم الي مدينة تشباح لا أحد يتحرك فيها و ما أعد الأمل للنفوس فبدأت التعبئة لمليونية الثلاثين من يونيو ، في ذاك الصباح تحول كامل العاصمة الي ثكنة عسكرية من كل شاكلة ونوع، وما بين متخوف من فشل المواكب الذي يعني موت الثورة ومتخوف من القمع ظل القلوب تخفق حتي حانت الساعة الواحدة بمواقيت الثورة. مرة اخري يثبت الشعب السوداني انه فينيق زمانه لينهض من رماد فض الاعتصام ، يبث فيه الشهداء الروح ليتدفق هادرا عبر كل فج في ارض السودان الحبيب ليشكل انعطافة كبري في تاريخ السودان الحديث.
تعليق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي
اثر فض الاعتصام وبعد مليونيات الثلاثين من يونيو قام الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية السودان فيه و يهدد برفع الامر الي مجلس الامن ما لم يسلم المجلس العسكري الامر لحكومة مدنية. تقدم الاتحاد الافريقي بمبادرة لادارة التفاوض كما قام ابي احمد بزيارة للسودان والالتقاء باطراف الصراع ليقدم مبادرته التي تم دمجها مع مبادرة الاتحاد الافريقي ليشكلا معا خارطة طريق للخروج من الازمة.
عودة عرمان واعتقاله وترحيله
شهد العام في يونيو منه عودة المعارض البارز ياسر سعيد عرمان الي الوطن بعد غياب دام عدد من السنين ليتم اعتقاله بعد ايام قلائل ” السابع من يونيو” وترحيله الي جوبا بدعوي انه يواجه تهما جنائية.
التوقيع علي الوثيقة السياسية
وقع المجلس العسكري وقوي اعلان الحرية والتغيير في يوم الاربعاء 17 يوليو وثيقة تقاسم السلطة و وقع عن المجلس الفريق اول محمد حمدان دقلو وعن قوي الحرية والتغيير الاستاذ محمد الربيع بحضور محمد ودلبات عن الاتحاد الافريقي .
التوقيع علي الوثيقة الدستورية
في 17 اغسطس تم توقيع الوثيقة الدستورية بين قوي الحرية والتغيير والمجلس العسكري بحضور دولي علي رأسه رئيس وزراء اثيوبيا أبي أحمد و ووزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ السودان.
بدء مفاوضات جوبا
في مطلع اكتوبر بدأ السعي الجاد نحو تحقيق السلام في ريوع السودان للالتفات للبناء والتعمير وازالة مخلفات النظام السابق، التقي وفد الحركات المسلحة بوفد الحكومة ليكسرا حواجز دامت عقودا و يتقدمو في المفاوضات التي كللت باتفاق اطاري في ديسمبر الجاري وفي طريقها لتحقيق سلام عادل وشامل.
محاكمة المخلوع البشر.
من ابرز ملامح هذا العام خضوع الرئيس المعزول عمر البشير لمحاكمة في البلاغ الذي فتحه المجلس العسكري في مواجهته لتختتم المحاكمة بايداعه في مؤسسة رعاية اجتماعية لكبر سنه في انتظار البت في بقية البلاغات المرفوعة ضده
حل المؤتمر الوطني وتفكيك نظام الانقاذ
بعد معركة طويلة اجاز الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء قانون حل المؤتمر الوطني وتفكيك نظام الانقاذ ، بذا تقفل صفحة من تاريخ السودان الحديث لتبدأ اخري ، وكان هذا القانون قد اثار جدلا واسعا الا ان كافة قطاعات الشعب السوداني قابلته بارتياح عظيم كونه احد مطالب الثورة.
محاكمة قتلة الاستاذ احمد الخير
والعام في خواتيمه تصدر محكمة جنايات امدرمان وسط حكمها بالاعدام علي “31” من المتهمين الـ”38″ لقتلهم الاستاذ أحمد الخير ، وكان الاستاذ قد تعرض لتعذيب وحشي ابان اعتقاله من قبل جهاز الامن بخشم القربة.
كان موكب 31 ديسمبر 2018 مقدمة عريضة لوداع العام المنصرم و استقبال عام 2019 ، ذاك الموكب الذي كان هدفه الوصول لباحات القصر الجمهوري بغرض تسليم مذكرة تطالب بتنحي البشير فقوبل بعنف مفرط وبطش بالغ من قوات الأمن بمختلف تشكيلاتها وذاك بعد ان تحولت منطقة السوق العربي الي ثكنة عسكرية وتم أغلاق جميع المرافق بالمنطقة الممتدة من صينية القندول وحتي القصر الجمهوري. كان عنوانا مناسبا لعام قادم ملئ بالمعارك من أجل الحرية.
قبلها كان 21 فيراير يوما أغر في تاريخ السودان الذي أكد وحدة وتماسك الشعب واصراره علي المضي قدما في ثورته، فبرغم الاعتقال الاستباقي لققادة الحرية والتغيير الذي كانوا يضطلعون بمهمة تسليم مذكرة التنحي الا ان اعتقالهم لم يغيلر شيئا لتستمر المواكب و التظاهرات بين كر وفر تحت ظروف قمع متوحش حتي منتصف الليل. وفي تطور جديد بدأت الوقفات الاحتجاجية من شركات الاتصالات وشركات القطاع الخاص تشكل فعالية جديدة في فعاليات الثورة .
ازدادت اشتعالا بالرغم من القتل والدهس بالتاتشرات والاعتقال و التعذيب الذي راح ضحيته المعلم أحمد الخير ابرز شهداء الثورة الي جانب د. بابكر الذي استشهد في منطقة بري بزخة رصاص مباشر في القلب و محجوب التاج محجوب الذي مات لدفاعه عن زميلاته ضربا باعقاب البنادق. تواصلت المسيرة حتي جاء يوم السادس من ابريل ليصل الموكب الاضخم خلال الفترة وللمرة الأولي لوجهته المعلن عنها ” القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة “
تلك الفترة شهدت تعتيم اعلامي وعدم اكتراث وصمت عالمي كبير الا من قلة من القنوات التي لم تبخل بالتغطية علي الحراك السوداني علي رأسها تأتي قناة الشرق التي تبث من تركيا التي كانت تغطي بشكل يومي ومباشر كل ما يحدث في الشارع السوداني.
التوقيع علي الوثيقة السياسية
وقع المجلس العسكري وقوي اعلان الحرية والتغيير في يوم الاربعاء 17 يوليو وثيقة تقاسم السلطة و وقع عن المجلس الفريق اول محمد حمدان دقلو وعن قوي الحرية والتغيير الاستاذ محمد الربيع بحضور محمد ودلبات عن الاتحاد الافريقي .
التوقيع علي الوثيقة الدستورية
في 17 اغسطس تم توقيع الوثيقة الدستورية بين قوي الحرية والتغيير والمجلس العسكري بحضور دولي علي رأسه رئيس وزراء اثيوبيا أبي أحمد و ووزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ السودان.