هل تنقسم البلاد مرة اخرى نتيجة البعثة السياسية الاممية
المجرة
الرفض الكبير الذي ووجه به خطاب رئيس مجلس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله حمدوك، الذي بعث به وسط يناير الماضي الي منظمة الامم المتحدة يطالبها فيه بابتعاث لجنة سياسية لكامل البلاد وتولي ادارة العديد من المشاريع والبرامج الانمائية ، والمساعدة في تنفيذ الوثيقة الدستورية والاسهام في تدريب وهيكلة القوات النظامية ، الي اخر المطالبات التي رآها اغلب السودانيين تدخلا سافرا في السيادة الوطنية . ظن الجميع بعد الرفض الكبير الذي تم به مقابلة تلك الخطوة ، ان الحكومة تراجعت عن ذلك الخطاب ، واشاع عدد من المدافعين عنها انها ارسلت خطابا اخر الغى العديد من المطالب التي اختلفت حولها القوى السياسية بالبلاد وكادت ان تؤدي لانقسام المجتمع . ولكن فيما يبدو ان الامم المتحدة لم تستلم الخطاب الثاني !! او ان الحكومة لم تبعثه الي الجهة المعنية !! لان الامم المتحدة الان ترد بالاستجابة لطلب حمدوك وتقرر ارسال بعثة اممية للسودان قوامها 2500 جندي وكتيبة من قوة الرد السريع . وبحسب اقرار مجلس الامن لمشروع قرار أممي ، ( تكوين بعثة سياسية لبناء السلام ودعم التحول الديموقراطي في السودان، تحل محل بعثة “يوناميد” ، تعرف باسم بعثة بناء السلام السياسية المتكاملة في السودان أو “UNPPMS” إبتداء من مايو ولفترة اولية لمدة عام، وسيكون من مهام البعثة السياسية ، أيضا، بناء القدرات ) . وحسب مصادر صحفية : ( أن الهدف الاساسي للبعثة البديلة التابعة للامم المتحدة، دعم إنتقال السودان الهش إلى الديمقراطية ، بما في ذلك في صياغة دستور جديد وإعداد للإنتخابات ، ويقضي مشروع القرار بنشرما يصل إلى 2500 شرطي دولي وكتيبة واحدة لقوة الرد السريع – التي تتكون –عادة- ما بين 500 و 800 جندي – لحماية أفراد الأمم المتحدة والمرافق والعاملين في المجال الإنساني ) . هذه الاستجابة فتحت الباب واسعا امام الشكوك العميقة ، والعديد من الاسئلة الجوهرية ، حول نية الحكومة الحقيقية بوجود هذه البعثة السياسية ، بعد نفيها السابق واشاعة تراجعها عن بعثة لكامل البلاد ، ليأتي القرار الاخير ويؤكد كافة المخاوف التي ساقها الجميع تجاه الخطاب الكارثة ! ؟ ويبقي السؤال هو هل تكتفي الامم المتحدة بالعدد المذكور من النظاميين (2500) بالاضافة لقوات التدخل السريع الذي يقارب الالف جندي! ؟! ام سوف تسعي فيمابعد لزيادة قواتها العاملة في السودان نتيجة للمهام المتعاظمة التي سوف تتولاها كما يبدو من فحوى القرار ، عند المساعدة علي تدريب القوات النظامية ، والمساهمة في دمج قوات وعناصر حركات الكفاح المسلح بعد السلام !. هل تعتبر هذه القوات التي تقارب مايزيد عن الثلاث الف عنصر ، دعوة لوضع البلاد تحت الانتداب الاممي حقيقة ؟! واين تكون اماكن توزعها وانتشارها ، و اين يكون تمركزها طيلة الفترة التي حددتها مبدئيا بعام ، قابل للزيادة والتمديد ، كماهو واضح من فحوى القرار ، بمعنى انه يمكن ان تظل البعثة ممارسة لمهامها طيلة الفترة الانتقالية بالبلاد ! هل حقيقة حمدوك يحاول ان يتقوى بالبعثة الاممية ؟! ام تيقن بعجز الحكومة الانتقالية عن احداث اي تغيير دون اسناد ومساعدة البعثة السياسية الاممية ؟! وماهي حدود سلطات هذه البعثة واين تكمن مرجعيتها فيما يخص قراراتها التى تتعلق بما تحدثه من تغييرات جوهرية في الاوضاع الخاصة بالبلاد ؟! ولنا ان نتساءل حول ما تحدثه البعثة السياسية الاممية من انقسام سياسي بالبلاد ، بحسب ما هو متوقع عطفا علي ما اثاره الاعلان عن الخطاب السابق من خلاف واختلاف ، وما سوف تحدثه من ارباك لكامل المشهد السياسي ، خاصة وان تحالف قحت لم يعد كما كان متماسكا في السابق ! فهل تعجل البعثة السياسية الاممية بالانقسام السياسي في البلاد ؟!؟