لم يعد أمر تغيير العملة أولوية بالنسبة لقطاعات واسعة من المواطنين مع تفاقم الظروف المعيشية الصعبة واستمرار الأزمات اليومية في نقص الخبز والوقود التي مثلت احد اسباب الثورة على نظام البشير وبعد مرور عام على عزله تبدو ذات الأزمات والقضايا ماثلة حاليا متزامنة مع استمرار طرح مقترح تغيير العملة، فهل تلجأ الحكومة لتلك الخطوة والي اي مدى يمكن أن تنعكس على الاقتصاد فى ظل التكلفة الضخمة لطباعة العملة وهل ستفلح فى إعادة الكتلة النقدية إلى داخل الجهاز المصرفي ؟
تحالف قوى الحرية والتغيير سلم الحكومة طلباً مستعجلاً لتغيير العملة الوطنية، ونوه إلى توسع كبير في حجم الكتلة النقدية بسبب انتشار مصانع العملة المزيفة خاصة فئات الـ “500” و “200” جنيه وأثنى على جهود شرطة المباحث في ضبط مصنعين للعملة الوطنية المزيفة بالعاصمة الخرطوم ومدينة نيالا.
وكشف عضو اللجنة الاقتصادية لتحالف الحرية والتغيير، المهندس عادل خلف الله عن إيداع اللجنة طلباً مُستعجلاً منضدة وزير المالية الدكتور ابراهيم البدوي بإصدار قرار يقضي بتغيير العملة الوطنية وقال خلف في حديثه لبرنامج مؤتمر اذاعي بثته الاذاعة القومية “الجمعة” إن ما تم ضبطه من العملة المزيفة معروف وأين تسرب للأسواق.
ورأي عضو اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير أن تسرب الأموال المزيفة قاد لارتفاع عالٍ في سعر الدولار، و أن (60%) ممن يملكون الكتلة النقدية الآن يوجهونها في تخريب الاقتصاد والمضاربات بما يؤدي لغلاء الأسعار.
ويرى عدد من الخبراء المصرفيين أن تغيير العملة يمكن من التحكم فى حجم الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي وقال مصدر مصرفي مسؤول فضل عدم ذكر اسمه لـ” السوداني” ان تغيير العملة يسهم فى جذب الكتلة النقدية إلى داخل الجهاز المصرفي مشيرا إلى أن هناك صعوبة كبيرة تواجه الحكومة في توفير تكلفة الطباعة للعملة مضيفا أن إجراء تغيير العملة سليم لكنه ليست سهلا مؤكدا أنها تتطلب توفير عملات اجنبية ضخمه للطباعة.
وقال إن تغيير العملة يسهم في معرفة تمركز الكتلة النقدية إضافة إلى إيقاف عمليات التزوير الذي أدى إلى إدخال كتلة نقدية ليست لها سند أسهمت في ارتفاع العملات وغسيل الأموال إلى جانب ارتفاع اسعار المحاصيل بسبب المضاربات الأمر الذي يؤدى إلى فقدان قيمة المنافسة للمحاصيل فى الخارج لافتا إلى أن تغيير العملة يسهم أيضا فى إيقاف المضاربات في شراء النقد الأجنبي إلى جانب المساهمة في توجيه الاستثمار نحو القطاعات الإنتاجية وزيادة الصادرات وتقليل الواردات إلى جانب رفع قيمه الجنيه .
ويذهب الخبير المصرفي محمد عبد الرحمن أبو شورة في حديثه لـ السوداني إلى أن التغيير لارتفاع حجم التزوير ووجود كتلة نقدية كبيرة خارج الجهاز المصرفي تقدر بأكثر من ٨٠ ٪احد اهم الاسباب لتغيير العمله وتابع أن عملية التغيير تكلف الدولة مبالغ كبيرة لا تقل عن ٢٥٠ مليون دولار لافتا إلى أن تغيير العملة بالرغم من أهميته فى إدخال الكتلة النقدية إلى داخل الجهاز المصرفي الا انه لايمثل أولوية حاليا مشيرا إلى أن تجربة تغيير العملة لم تنجح خلال عقد التسعينيات عندما لجأت إليه الحكومة السابقة في تلك الفترة لجهة ما يسببه من فقدان الثقة فى القطاع المصرفي مضيفا إلى أن المشكلة الاساسية تكمن في أن من يتعاملون مع الجهاز المصرفي في السودان لا يتعدون ١٠٪
ويذهب ابو شَورة إلى أنه بدلا عن تغيير العمله حاليا يمكن اللجوء إلى إيقاف طباعة الفئات الكبيره خاصة ٥٠٠، ٢٠٠ مشيرا إلى أنه حتى في حال تغيير العملة يمكن تحدث آثار سلبية بحدوث عدم اطمئنان لدى المواطنين بخصوص معرفة الغرض من تغيير العملة كما أن هناك من يحتالون على عملية تغيير العملة بتحويل الأموال بحوزتهم إلى شراء الاراضي أو الدولار أو الذهب وأضاف في حالة تغيير العملة يجب
أن تكون المدة لعملية العملة محددةَ وقصيرة كما أنه لا بد من إيقاف إجراءات تسجيل الممتلكات في الاراضي لمنع عملية الشراء لفترة.
ويرى الأمين السابق لاتحاد المصارف والخبير المصرفي مجذوب جلي حديثه لـ (السوداني) ان الطلب بتغيير العملة خلال الوقت الحالي غير مناسب، مبديا استغرابه إلى اللجوء لتلك الخطوه لافتا إلى أن تغيير العملة يكلف خزينة الدولة مبالغ مقدرة بالنقد الأجنبي واصفا الطلب بتغييرها حاليا بغير المبرر خاصة أن عمليات التزوير موجودة في أي دولة بما فيها الولايات المتحدة مستبعد وجود أي آثار إيجابية لتغيير العملة خاصة أن القطاع المصرفي تجاوز مشكلة السيولة النقدية والتي كانت أحد المبررات التي يمكن أن يتم تغيير العملة بموجبها.
السوداني