يواجه حصاد الموسم الشتوي بالمشروعات الزراعية العديد من التحديات من نقص في الجازولين والخيش في ظل توقعات بإنتاجية عالية، ويعتبر البنك الزراعي الممول الوحيد لعمليات الإنتاج والحصاد في المشروعات الزراعية، حيث بلغ حجم تمويله للموسم الشتوي (٤) مليارات جنيه، في مساحة (578) الف فدان، (الإنتباهة) التقت مدير البنك لتقصي الحقائق حول حصاد الموسم الشتوي واستعدادات الموسم الصيفي وغيرها من القضايا التي تهم البنك عبر هذا الحوار.
• بداية حدثنا عن موقف الحصاد؟
ــ بالرغم من بعض المشكلات التي تواجه الحصاد الا أنه يمضي بصورة جيدة، وتم حصاد ــ حالياً ــ أكثر من (١٧٠) الف فدان من المساحات التي تمت زراعتها في مشروع الجزيرة بإنتاجية (١.٦) ملايين طن، ولكن هنالك مشكلات الجازولين وترحيل المحصول من الغيط للشون ومخازن البنك، وتم حلها من قبل وزارة الزراعة برفع الإمداد اليومي من الجازولين إلى (50) الف جالون في اليوم بدأت من (٣٠) الف جالون، أما في ما يخص قضية الخيش فهنالك فروع قليلة حدث فيها نقص وتمت تغطيته، وحالياً وصلت كميات أخرى حوالى (10) آلاف بالة خيش سيتم ترحيلها من بورتسودان في غضون الأيام القليلة القادمة، وستوزع على كل مناطق إنتاج القمح لسد النقص. وأيضاً هنالك محاولات شراء جوالات بلاستيك من السوق المحلي، وفي خلال الأيام العشرة القادمة سوف تحل الأزمة بعد ترحيل حوالى (13) الف بالة من ميناء جدة لميناء بورتسودان، وعادةً السفن التي تحمل بضائع البلاد يتم تفريغها في ميناء جدة ويتم ترحيلها الى ميناء بورتسودان، وهذه هي المعضلة الأساسية التي خلقت أزمة الخيش، لجهة ان الميناء لا يستوعب أعداداً كبيرة من السفن، ومن حسن الحظ أن الحصاد في المشروعات الزراعية لا يتم في وقت واحد، ونجد أن الذروة حالياً في مشروع الجزيرة.
• هنالك رفض من قبل المزارعين للخيش البلاستيك لسعته الكبيرة؟
ــ أبداً، فالتجارب أثبتت عكس ذلك، وعادة عند حصاد المحصول تكون نسبة الرطوبة عالية لذك فالجوال يزن أكثر من (100) كيلوجرام. ومن تجارب البنك السابقة عند ترحيل القمح للمطاحن مباشرة يتم وزنه مرة أخرى، ويحدث فرق في الوزن أقل من الوزن الأول، مما يضطر البنك لدفع فرق الوزن للمطاحن.
• ماذا عن نقص الجازولين في المشروعات الزراعية؟
ــ هذه مهمة وزارة الزراعة، ولكن البنك يعلم مثلاً احتياج مشروع الجزيرة لـ (٥٠) الف جالون يومياً لحصاد القمح يتم توفيرها حالياً.
• لماذا لا يتم التحضير مبكراً الحصاد؟
ــ لأن العام الماضي شهد عدم استقرار في البلاد، وفي قضية الخيش تحديداً البنك الزراعي يواجه مشكلة كبيرة مع مصنع الخيش في بنغلاديش الذي أوقف التعامل مع البنك الزراعي، بسبب انه في تسعينيات القرن الماضي توجد مديونية على الحكومة بواقع (٢٤) مليون دولار لم تسددها حكومة الإنقاذ بالرغم من توفر عائد كبير من البترول، وحالياً المصنع يطالب البنك بحوالى (331) مليون دولار اصل الدين زائداً فوائد التأخير، ويتم حسابها بالفائدة المركبة وبفوائدها أيضاً، وعند تسلمي منصب مدير البنك بعد شهرين تسلمت مطالبة من المصنع بأصل المديونية زائداً الفوائد وتبلغ (331) مليون دولار، وهذا احد المعيقات التي ورثها البنك من النظام البائد.
• ما هي المعيقات الأخرى التي ورثها البنك من النظام السابق؟
ــ حقيقة يعد البنك الزراعي أفضل حالاً مقارنة بالمؤسسات الأخرى، لوجود لوائح يتم تطبيقها في عمليات التمويل وعمليات استيراد المدخلات، لكن إحدى المشكلات الكبيرة الموروثة زيادة المساحات والمزارعين الذين يطلبون التمويل خلال الثلاثين عاماً الماضية مما زاد احتياجات التمويل، بجانب زيادة الطلب على التمويل الزراعي، وأيضاً تغيير التقانات الزراعية، وباتت الزراعة تحتاج إلى تمويل رأس مالي أكبر، فالتقانات الحديثة تحتاج إلى تراكتورات أكبر حجماً ومبيدات حشائش، فالقطاع المطري لم يكن يستخدم هذه المدخلات سابقاً، ولكن مع تطور التقانات ارتفع استخدام هذه المدخلات. وبالرغم من الزيادة الكبيرة في الطلب على التمويل وحجم التمويل من عام لآخر لم يزد النظام السابق رأس مال البنك، ومازال يعمل برأس مال (٨٥٨) مليون جنيه، فيما بلغ حجم التمويل السنوي العام السابق حوالى (25) مليار جنيه.
وايضا هناك تحدٍ موروث من بعض الإدارات السابقة يتمثل في عدم زيادة المهارات الفنية للموظفين، فمعظم التدريب الذي تم كان في مجال غير مجالات البنك، وأيضاً من المشكلات فقدان البنك علاقات تربطه قديماً مع مؤسسات دولية كانت بمثابة مصدر تمويل مهم جداً ودعم فني أيضاً، مثل منظمات الأمم المتحدة، الإيفاد، البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقية، إلى جانب ذلك هنالك نسبة التضخم التي تمثل احد التحديات الكبيرة التي تواجه البنك، فمثلاً يحصل البنك على هامش ربح ١.٥% إلى ٢٪ شهرياً، وهذا هامش ربح سالب، إذ أن نسبة التضخم في الشهر تتراوح ما بين ٤% الى ٦٪ اي ما يعادل ٧٠٪ في العام، بهامش ربح ١٨ ــ 14% في العام.
• ما هو حجم التمويل والمساحات المزروعة في الموسم الشتوي؟
ــ بلغت جملة التمويل في القطاعات الجغرافية المختلفة (٤.٦) مليار جنيه تمويل نقدي وعيني عبارة عن السماد والخيش، والتمويل النقدي (١.٥) مليار جنيه. في الجزيرة وحدها المساحة الممولة حوالى (403) آلاف فدان من جملة المساحة المزروعة البالغة (٤٢٣) الف فدان، بحجم تمويل أكثر من (٣) مليارات جنيه، وفي الولاية الشمالية بلغ حجم التمويل الشتوي (٤٨٧) مليون جنيه في مساحة (٦٥.٧١١) فداناً، وفي النيل الأبيض (٥٦) مليون جنيه في مساحة (٢١.٨٤٥)فداناً، ومشروع حلفا الجديدة (٢٥٩) مليون جنيه في مساحة (٦٥.٦٧٤) فداناً.
• هل وجدتم تجاوزات وشبهات فساد في البنك عقب تسلمكم مهامه؟
ــ لا توجد حالياً تجاوزات كثيرة يمكن الإشارة لها، وما كان يثار عن فساد في البنك إنما كان أشياء تتم خارج البنك بصورة خفية، وعندما تأتي للبنك تأتي جاهزة، وتتم ضمن الممارسات والنظم والقوانين واللوائح بالبنك، وبالتالي لا توجد جنحة فساد كبيرة بائنة كما كان يشاع في الوسائط، فهنالك التزام من قبل الإدارة الوسيطة باللوائح، وفريق المراجعة من ديوان المراجع العام مازال يراجع ولم يرفع تقريره بعد.
• ماهي توقعاتكم لإنتاج محصول القمح؟
ــ في مشروع الجزيرة بلغ متوسط إنتاجية الفدان في العام السابق (١.٢) طن، أي (12) جوالاً للفدان، وفي هذا العام تم تحقيق متوسط إنتاجية، وبعد حصاد حوالى (130) الف فدان بلغت (١.٦) طن اي (١٦) جوالاً للفدان، وفي الولاية الشمالية ربما تكون الإنتاجية أكبر من ذلك، الا أن المساحات المزروعة قليلة.
• بالرغم من الإنتاج الكبير من الغلال والمحاصيل الزيتية، إلا أن الطاقة التخزينية متدنية، وتقدر نسبة الفاقد بحوالى 30% من الكميات المخزنة في المخازن التقليدية، مما يهزم الاستفادة بصورة أكبر من المحاصيل التي يتم تخزينها؟
ــ السعة التخزينية للبنك متدنية مقارنة بالإنتاج الكبير، وتوجد حالياً المخازن التقليدية ويوجد الحديث، ولكن لم يشهد التخزين تطوراً بصورة كبيرة خلال الثلاثين عاماً الماضية، فسعة التخزين حالياً بالبنك (٢٩٥) الف طن الصوامع، (٣١٠) آلاف طن المخازن التقليدية، بإجمالي (٦٠٠) الف طن، وعندما يكون الإنتاج ضخماً جداً يعاني البنك في التخزين، خاصة محصول الذرة عندما تكون الإنتاجية مرتفعة والمساحات المزروعة كبيرة، مما يضطر البنك إلى إنشاء مطامير لحفظ المحصول وهي مكلفة جداً، وحالياً البنك لديه خطة لإنشاء (١٧) صومعة لتخزين ما يقارب مليون طن من الإنتاج، وسيتم إنشاؤها في مناطق الإنتاج والاستهلاك بما فيها العاصمة، وتم تجهيز المواقع والتمويل الداخلي، وتبقى التمويل الخارجي للتنفيذ البالغ (٧٠) مليون دولار، وهنالك محاولات مع جهات مصنعة محلياً ويمتلكون صناعات كبيرة للحديد ويعملون في صناعة الأبراج، وعملوا في تجارب كبيرة في المجال، وطرح عليهم إنشاء أنموذج من صومعة، وفي حال تحقق نجاح يتم التعاقد معهم ويتم الدفع بالعملة المحلية، وسوف يتم الجلوس معهم خلال الأيام القادمة، لوضع المواصفات الفنية والتكلفة ورفع المقترح لوزارة المالية للموافقة عليه.
• هنالك جهات دخلت في شراء القمح من المزارعين بأسعار أعلى؟
ــ هذه الظاهرة ليس بالشيء الكثير، وذلك لأن السعر التركيزي مجزٍ للمزارع، بجانب إيقاف البنوك التجارية من تمويل شراء القمح، وانتشار الجهات الأمنية لمنع المضاربة في القمح، ففي العام الماضي تسلم البنك أربعة ملايين جوال عملت على اكتفاء استهلاك البلاد من القمح لمدة أربعة شهور، وحالياً نتوقع استلام أكثر ستة ملايين جوال من القمح تكفي استهلاك البلاد من القمح لأكثر من أربعة شهور، وهنالك إقبال من قبل المزارعين على تسليم المحصول للبنك الزراعي. وحالياً هناك سبعة مطاحن تقوم بترحيل القمح من مناطق الإنتاج، وأيضاً هنالك شركات أجنبية مثل (الراجحي) و (نادك) تقوم الآن بتسليم إنتاجها للمخزون الاستراتيجي.
• ماذا عن الأضرار التي لحقت بالمزارعين من حريق محصولاتهم؟
ــ هنالك تضخيم كبير لهذه الحرائق، فحسب تقارير مشروع الجزيرة فإن المساحة التي تضررت من الحريق بلغت (٢٠٠) فدان في مناطق محددة، مثلاً هنالك حالة ناتجة عن مشادة بين رعاة وبعض المزارعين، وحالة أخرى نتيجة لكمينة طوب، وتم القبض على الذين تسببوا في الحريق.
• حدثنا عن سياسات البنك في التمويل الأصغر؟
ــ هي ذات سياسات بنك السودان المركزي والبنك ملتزم بها، بزيادة سقف التمويل لصغار المزارعين من (100) الف الى (200) الف جنيه، وسنرفع سقف التمويل كلما ارتفعت كلفة الإنتاج اعتباراً من الموسم القادم.
• ما هي خطة البنك الاستراتيجية القادمة؟
ــ خطة البنك الحالية سوف تنتهي هذا العام، ونسعى إلى عمل دراسات وخطة استراتيجية جديدة للأعوام (٢٠٢١ ــ ٢٠٢٥م)، الا أنه من الصعب وضع خطة لأكثر من ثلاث سنوات في البلاد، وحتى نكون واقعيين سوف تكون الخطة لثلاث سنوات لصعوبة التنبؤ في ظل عدم استقرار الوضع الاقتصادي وسعر الصرف، ومن ملامح الخطة عدالة التمويل بين القطاعات الزراعية، إضافة إلى التوسع في التصنيع الزراعي المتوسط والصغير لتحقيق فائض الصادر، خاصة إنتاج الألبان وصناعة الدواجن، وهي ميزة يتمتع بها السودان مقارنة بالدول الإفريقية الأخرى.
• ما هي معيقات البنك؟
ــ أكبر معيق يواجه البنك عدم استقرار سعر الصرف، فمثلاً طرح البنك عطاءً لشراء السماد من السوق المحلي من المستوردين لمقابلة احتياجات الموسم الصيفي القادم، والذي بات استخدامه كبيراً في القطاعين المطري والمروي، ففي المرة الأولى تقدم إلينا شخصان فقط، وتخوف الآخرون من عدم استقرار سعر الصرف، وعندما تم الرجوع إليهم لابلاغهم بموافقة البنك تراجعوا عن العطاء لجهة أن سعر الدولار وصل الى (١٢٥) جنيهاً، وللمرة الثانية تم طرح عطاء تقدم إليه شخصان احدهما وافق والآخر لم يرد على تلفونات البنك عندما وصل سعر الدولار الى (١٤٠) جنيهاً، وهي مشكلة كبيرة، ونرغب في الاستيراد من الخارج ولا توجد عملات حرة كافية.
• كم يبلغ حجم استيراد السماد؟
ــ البنك يوفر حوالى (٢٠٠) ألف طن سنوياً من السماد بواقع (٣٠٠) مليون دولار، ونحتاج في الموسم الصيفي لسماد بما يقارب (١٤٠) مليون دولار، و (١٤٠) مليون دولار لمدخلات العروة الشتوية القادمة، وهنالك مشكلة استمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تعيق التحويلات البنكية، وأيضاً تأخير البضائع بالميناء لضيق سعته.
وأيضاً هنالك معيق كبير للعمل بالبنك بربط عملية مشتروات البنك في كل مراحلها بأخذ موافقة وزارة المالية منذ عام 2011م (الموافقة على طرح العطاء، والموافقة على نتيجة العطاء إلخ)، بالرغم من أن البنك ككل البنوك الحكومية له قانون خاص ولديه مجلس إدارة يكون بموافقة المالكين وهم وزارة المالية وبنك السودان المركزي، ولديه ميزانية سنوية يوافق عليها مجلس الإدارة، وبالتالي هو الرقيب على الإدارة. ومنذ العهد البائد وفي عام2011م حدد وزير المالية سقوفات لشراء المدخلات والمعينات الإدارية الأخرى بطرق الشراء المختلفة، وآخر تغيير تم للسقوفات في عام 2014 ولم يتم تغيير هذه السقوفات حتى الآن. وسقوفات الشراء المحددة بالطرق المختلفة للشراء (مناقصة عامة، مناقصة محدودة، عروض أسعار، شراء مباشر) وتتراوح بين (25) الفاً ومليون و (300) الف جنيه كحد أقصى، وما زاد عن ذلك لا بد للبنك من الحصول على موافقة وزارة المالية في كل مراحل الشراء والتعاقد. ومثلاً إذا أراد البنك شراء إسبيرات أو معدات مكتبية تتجاوز قيمتها (25) الف جنيه لا بد أن يتحصل على موافقة المالية في كل مراحل عمليات الشراء والتعاقد. ولتفادي التأخير تم تخصيص موظف متفرغ لمتابعة المكاتبات والتصديقات، ولكن بالرغم من ذلك يحدث التأخير الذي يؤدي إلى شراء السلع بأعلى من سعر العطاء، أو تراجع بعض الموردين عن العطاء.
والبنوك الأخرى المملوكه للدولة لم يتم إلزامها بهذه الضوابط. وتم وضع سياسة العروة الصيفية، وسيتم طرحها للتنفيذ خلال الأيام القادمة. وتوجد مساعٍ مع بنك السودان ووزارة المالية لتوفير موارد تمويل إضافة لموارد البنك الذاتية، ويستهدف البنك زراعة (٩) ملايين فدان للموسم الصيفي، أي ما يعادل ١٧٪ من المساحة التأشيرية للموسم الصيفي التي تستهدفها وزارة الزراعة البالغة (٦٣) مليون فدان، بحجم تمويل (٤٠) مليار جنيه.
• ما هي نسبة الإعسار وسط المزارعين للعام الحالي؟
ــ من المعروف أن الزراعة تشوبها المخاطر، وتشير التقارير إلى أنه حتى نهاية العام الماضي قلت نسبة الإعسار فيه بصورة كبيرة من 15% إلى 3.6% مقارنةً بحجم محفظة التمويل البالغة (٢٥) مليار جنيه، ويسعى البنك من خلال سياسات التمويل لتقليل المخاطر عبر تأمين التمويل خاصة الزراعة المطرية، وجزء من التأمين يتحمله البنك والجزء الآخر على المزارع.
الانتباهة