خلت قائمة محدثة أصدرتها الخارجية الأميركية، الأربعاء، من اسم السودان في قائمة البلدان غير المتعاونة في مكافحة الإرهاب التي وضع فيها منذ عام 1993، في تطور اعتبره مراقبون خطوة مهمة على طريق الرفع الكلي من القائمة، وبالتالي إصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد بعد أشهر من الإطاحة بنظام عمر البشير.
وأبقت القائمة الأميركية على كل من إيران، وكوريا الشمالية، وسوريا، وفنزويلا، وكوبا.
وتسبب وضع السودان في خسائر تراكمية قدرها خبراء اقتصاديون بأكثر من 800 مليار دولار، في حين بلغت الخسائر المباشرة خلال الأعوام الـ27 الماضية نحو 350 مليار دولار.
وكان رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، ووزير المالية، إبراهيم البدوي، أجريا مباحثات عدة مع المسؤولين الأميركيين خلال العام الماضي ومطلع العام الجاري.
وصرح البدوي في وقت سابق بأن رفع اسم السودان من القائمة بات مسألة وقت فقط، وهو ما أكده مساعد وزير الخزانة الأميركية خلال زيارته للخرطوم في مارس الماضي.
جهود كبيرة
وبعد أقل من 3 أشهر على تسلمه مهامه رئيسا للوزراء، زار حمدوك واشنطن وأجرى عددا من اللقاءات المهمة مع المسؤولين الأميركيين في وزارات الخارجية والخزانة والدفاع، ومع قيادات الكونغرس، وبحث معهم مسألة خروج السودان من القائمة.
وقال حمدوك حينها إن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يعد من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية.
انتصار الثورة
واعتبر عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، أن الخطوة تمثل تطورا مهما في اتجاه رفع السودان نهائيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال الدقير لسكاي نيوز عربية إن الشعب السوداني أصلاً لا علاقة له بالإرهاب، بل كان هو أحد ضحايا إرهاب النظام السابق.
وأضاف أن خروج السودان من قائمة الدول غير المتعاونة في مكافحة الإرهاب أمر منطقي بعد انتصار الثورة السودانية السلمية على إرهاب نظام البشير.
رسالة واضحة
وفي ذات السياق، اعتبر وليد الريح، عضو تجمع المهنيين السودانيين، الخطوة بمثابة رسالة واضحة من الإدارة الأميركية تؤكد التقدم الملحوظ لوضع السودان في تعاونه في مجال مكافحة الإرهاب، وتجاوب واضح من واشنطن مع التغيير السياسي في السودان.
وـأشار الريح إلى أن الحكومة الانتقالية، منذ تشكيلها في ديسمبر، وضعت الملف في صدارة أولوياتها.
ويرى الريح أن الخطوة تعبر عن تحول كبير في موقف الإدارة الأميركية تجاه السودان في مرحلة ما بعد الثورة، توطئة لرفع اسم السودان نهائيا من القائمة التي يسبب وجوده فيها إلى تعطيل عودته معافا من جديد إلى الأسرة الدولية، مما سيكون له بالغ الأثر في تعافي الاقتصاد، ونهوض البلاد من كبوتها الطويلة.
خطوة مهمة
ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي عادل عبدالعزيز إن ما حدث يعتبر من “البشائر” التي تطل برأسها على المشهد في السودان من خلال علاقته بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك بالتزامن مع اتصال ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وتأكيده أن المملكة تقف مع السودان لرفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويتسق أيضا مع جهود الاتحاد الأوروبي ومؤتمر أصدقاء السودان الذى انعقد قبل أيام وأكدت فيه أكثر من 25 دولة ومؤسسة دولية تضامنها مع السودان، وأحقيته في الخروج من هذه القائمة.
وأشار عبدالعزيز إلى أن خروج السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب سيسهل إجراء التحويلات المالية عبر البنوك الدولية مع السودان، كما سيتمكن المواطنون والشركات الأميركية من إجراء استثمارات وتحويلات مالية مع نظرائهم في السودان، كما ستتيح الخطوة رفع الحظر المفروض على الممتلكات والمصالح، بموجب العقوبات.
تحسن العلاقات
وفقا لعادل خلف الله القيادي في قوى الحرية والتغيير، فإن هذا التقرير يأتي ضمن مؤشرات أخرى تؤشر بدء تحسن العلاقات الطبيعية المشتركة السودانية الأميركية، بعد أن ظلت منذ بداية تسعينات القرن الماضي موسومة بالتعسف والانقطاع الدبلوماسي.
ويؤكد خلف الله أن إزالة السودان من القائمة “تحسن إجرائي في العلاقات بين البلدين، لا يمكن عزله عن تآكل تأثير إدراج اسم السودان في القائمة الأميركية علي الصعيد الاقتصادي.
فقد وضع الاتحاد الأوروبي صادرات السودان على قائمته، مما يعني استئناف التبادل السلعي، وكذلك استعاد بنك السودان المركزي نافذة المراسلين في 4 بلدان، إضافة إلى استئناف التحويلات الخارجية عبر بعض المصارف.
ويعبر خلف الله عن اعتقاده بأن الإدارة الأميركية ترى، وهي مقبلة علي تنافس انتخابي، ألا تعزل نفسها عن التطورات السودانية التي شغلت العالم بأسره.
سكاي نيوز عربية