Site icon المجرة برس

المؤتمر الوطني .. توقعات البشير تتحقق

في الرابع والعشرون من شهر أغسطس عام 2015 ارتسمت علي وجه الرئيس المخلوع عمر البشير ملامح الجدية والحسرة وهو يخاطب الجلسة الختامية لشوري المؤتمر الوطني،وتحدث الجنرال الذي وصل الي السلطة عبر انقلاب عسكري بتدبير من الاخوان المسلمين في ذلك النهار الخريفي بشفافية وأرسل عدد من الرسائل التي وضعها بريد الحزب الذي كان يرأسه.

وبدأ الرئيس المخلوع الذي تم تجديد ولايته في انتخابات جرت في ذلك العام لم تحظي بإقبال من المواطنين غاضبا من اعتماد المؤتمر الوطني علي جماهيريته وعدم بذل الحزب جهود لاعانته في إدارة الدولة التي كانت وقتها تواجه صعوبات اقتصادية، هذا مادفعه لتصويب إنتقادات غير مسبوقة لمؤسسات حزبه، ووسمها بالضعف، وبأنها مغيبة عن القضايا الرئيسية في الساحة، وأبدى خشيته من زوال حزب المؤتمر الوطني حال ذهاب الحكومة ، كما ذهب الاتحاد الاشتراكي على عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري،ومن حديثه هذا استشف المراقبون وقتها حقيقة أن الحزب الذي يمسك بمفاصل الدولة ليس في تمام عافيته وان انهياره رغم مساحيق التجميل ماهو الا مسألة وقت، غير أن قادة الحزب حاولوا وقتها التقليل من تحذيرات وتوقعات البشير وأكدوا أن الحزب في أفضل حالاته، لتمر الايام ويزداد جدار الحزب الذي اتخذ النادي الكاثوليكي بشارع المطار مقرا له تصدعا.

ومع اقتراب انتخابات العام 2020 تباعدت شقة الخلاف وانقسم الوطني بين مؤيد ورافض لترشيح البشير، وفي خضم هذه الأجواء تندلع بغته ثورة شعبية غاضبة في ديسمبر من العام 2018 لم يكترث لها الحزب الحاكم كثيرا لتزداد كرتها تدحرجا بسرعة لافتة، حاول حيالها البشير إنقاذ مايمكن إنقاذه وهو يعلن في فبراير من العام 2019 ابتعاده النسبي من المؤتمر الوطني ووقوفه علي مسافة واحدة من كل الأحزاب في محاولة منه لامتصاص غضب الشارع الذي كان في ذلك الوقت يغلي كالمرجل وقد رفع شعار “تسقط بس”، وحينما شعر المؤتمر الوطني بالتهديدات تطرق أبوابه نشط في حشد عضويته لمقابلة الشارع الثائر ونجح عبر الترهيب والترغيب في أكثر من مناسبة وجمع مئات الآلاف لحضور احتفالات خطابية، غير أن ذلك لم يجد نفعا فقد سبق السيف العزل، فايقاع الثورة كان سريعا ولم يمهل الوطني وقتا لتنظيم صفوفه أو قمع الحراك الشعبي.

ومع حلول شهر أبريل بدأت توقعات البشير تتجسد علي ارض الواقع حينما تواري منسوبي الوطني عن الأنظار كليا وهو الحزب الذي كان يفاخر بأن عضويته تبلغ سبعة مليون مواطن، وفي الحادي عشر من أبريل قالت الأقدار كلمتها وتبددت رياح المؤتمر الوطني بعد ثلاثون عاما من السيطرة المطلقة.

وبعد مرور أربعة عشر شهرا علي الثورة فإن الحزب الذي كان ممسكا بمقاليد السلطة ويدين له بالولاء الملايين لم يعد له وجود الا عبر بيانات ونشاط اسفيري محدود من بعض قادته، ولم يعد يدافع عنه من أثروا عبر امتطاء رافعته بل إن عدد منهم سبحوا مع التيار وتدثروا بثياب الثوار،ليبقي فقط من يوصفون بالبدريين وهم من انضموا مبكرا للحركة الإسلامية يدافعون عن الحزب، اما الذين انضموا إليها عقب المفاضلة الشهيرة فقد فروا منه فرار السليم من الأجرب بل إن بعضهم أنشأ أحزابا جديدة، لتتجسد بذلك توقعات الرئيس المخلوع فالمؤتمر الوطني ولأنه كان حزب سلطة فإنه لحق بالاتحاد الاشتراكي ولم يعد له وجود ليس لقرار حله من قبل الحكومة الانتقالية ولكن لانتفاء أسباب البقاء فيه بعد أن غابت عنه شمس السلطة والمال.

الانتباهة

Exit mobile version