عبد الفتاح عرمان يكتب….المكتولة ما بتسمع الصايحة

<p>حقق تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير نجاحا باهراً عبر التوقيع على ميثاق &lpar;إعلان الحرية والتغيير&rpar; في يناير 2019، وبذلك شكلوا تحالفاً عريضاً ضد النظام البائد&period; إلتف الشعب حول تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير لنجاحهما في جذب قاعدة عريضة لقوى الثورة من النساء والرجال، والشباب، والطلاب، والعمال، والمزارعين، ولجان المقاومة كقوى شابة جديدة خارج عباءة الأحزاب، و عضوية حركات الكفاح المسلح&period;<&sol;p>&NewLine;<p>كان يآمل شعبنا أن تقوم قوى الحرية بعد نجاحها في قيادة الثورة حتي ازاحة النظام البائد أن توسع من مواعين إتخاذ القرار داخلها لتمثيل النساء ولجان المقاومة وشباب الثورة لتعبر فعلا لا قولاً عن جميع القوى التي صنعت التغيير، ولكنها ركزت عملية صنع القرار في يد المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وهي مجموعة صغيرة لا تعبر حتي عن كل الأجسام داخل قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين مما أوصلها لحالة التوهان وفقدان البوصلة التي تعاني منها اليوم&period; يبدو أن ما جمع بين تلك القوى هو كرهها لنظام &lpar;الإنقاذ&rpar; أكثر من قناعتها بالعمل المشترك لمصلحة بلادنا&period;<&sol;p>&NewLine;<p>اليوم، عادت الصراعات والأجندة الحزبية الضيقة تسيطر على قوى الحرية مما حدا بحزب الأمة القومي تجميد عضويته في قوى الحرية إثر خلافات عميقة داخل المجلس المركزي، ولكن بحسب خطبة العيد للإمام الصادق المهدي فهو لا زال يُعول على إصلاح قوى الحرية عبر طرحه لمشروع &lpar;العقد الإجتماعي&rpar; الذي من غير المتوقع أن توافق عليه بقية الكتل المنضوية تحت مظلة قوى الحرية&period; وفي الضفة الأخرى، عاف الحزب الشيوعي الوثيقة الدستورية دون أن يعاف المحاصصات التي ترتبت عليها، وأصبح &lpar;كراع في الطوف وكراع في المركب&rpar;&period; أما تجمع المهنيين فقد نجح بصورة غير مسبوقة في قيادة الثورة إذ وحد كل السودانيين خلفه- وأنا واحد منهم- ولكن اليوم حاله يُغني عن سؤاله&excl; إذ ضربه زلزال الإنقسامات عبر عملية إنتخابية لم تستطع المحافظة على وحدته دعك عن توحيد الشعب خلفه&period; الديمقراطية ما هي إلا عملية لإنتقال سلس للسلطة تعزز من وحدة التنظيم ثم لاحقا تعزيز ثقة أهل المصلحة خلفه، ولكن الديمقراطية التي تفتت التنظيم نفسه ما الفائدة منها؟ بغض النظر عن صحة العملية الإنتخابية من عدمها، عملياً خدمت أعداء الثورة أكثر من اي شخص آخر&period; وأصبحت حالة التوهان تسيطر على التجمع لدرجة جعلت بعضهم يذهب إلى جوبا للإستقواء ببندقية &lpar;الحلو&rpar; ضد أعدائه المتخيلين، في حالة أشبه بحالة أبي يزيد البسطامي الذي خرج من دياره يطلب الله سبحانه وتعالى، فناداه هاتف من السماء بأن يعد لدياره لان إلهه الذي خرج يبحث عنه قد تركه خلفه في بسطام&period; فقوة الثورة ونجاحها ليس في البندقية وإنما في الحراك الجماهيري السلمي في الخرطوم ومدن السودان المختلفة&period; هنا لا ننكر مساهمة تلك الحركات في صناعة التغيير، ولكن كل حركات الكفاح المسلح السودانية فشلت في الوصول إلى الحكم عبر فوهة البندقية في ظل الكلفة الباهظة لحمل السلاح&period; آن الأوان أن تدرك تلك الحركات أنه لا مجال لديها سوى طاولة المفاوضات بعد ذهاب فاشية المؤتمر الوطني لاسيما أن الثورة خلقت مناخ جديد وصحي لنيل مطالبها العادلة&period; وهنا عليها أن تدرك أن ما يُمكنها أن تحصل عليه في طاولة التفاوض هو أقصي مدي يمكن أن تصل إليه مدفعيتها&period; في 2005، طالب بعض صقور الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق رفض أي إتفاق لا يضمن تقرير المصير للمنطقتين، فكان رده أن ما تم التوصل إليه في طاولة المفاوضات هو أقصى مدي بإمكان مدفعيتهم أن تصل إليه&period;<&sol;p>&NewLine;<p>حاولت الجبهة الثورية مع قوى الحرية المشاركة في الحكم قبل التوصل لإتفاق سلام أو الإنتظار لحين التوقيع على إتفاق سلام في وقت وجيز- في 3 أشهر كحد أقصى- رفضت قوى الحرية ذلك مما عجل بخروج الجبهة الثورية من قوى الحرية وتعاملها لاحقاً بردود الأفعال مع قوى الحرية في عملية أشبه هذه بتلك&rpar; Tit for tat&lpar;<&sol;p>&NewLine;<p>مما عطل تعيين الحكام المدنيين لعدة أشهر، ولا زال مصير تشكيل المجلس التشريعي معلقاً في الهواء&excl; ما كان يحدث ذلك الشرخ لو تعاملت قوى الحرية والجبهة الثورية بحكمة مع تلك القضية عبر توقيع إتفاق بين الطرفين يُلزم قوى الحرية على إعادة تشكيل كل مؤسسات الحكم الإنتقالية من مجلسي السيادة والوزراء والمجلس التشريعي بعد التوقيع على إتفاق السلام، ولكن تلهف البعض على السلطة جعلهم لا يكترثون إلى أن تلك الأفعال ستؤثر سلباً على وحدة قوى الحرية&period; إذ كشف الأستاذ محمد وداعة القيادي بقوى الحرية أن إجتماعات قوى الحرية تمخضت إلى محاصصات حزبية ضيقة لدرجة &OpenCurlyDoubleQuote;دق الطرابيز”&excl; هذا هذه القوى التي يعول عليها شعبنا&period;<&sol;p>&NewLine;<p>يتضح جلياً لكل متابع أن القوى السياسية لم تتعلم شيئا ولم تنسي شيئا وهي أقل قامة من الثورة، فبعضها يريد إصلاح قوى الحرية ومؤسسات الحكم، والبعض الآخر يجد صعوبة في الإنتقال من الثورة إلى الدولة ويحمل أجندة ضيقة تبدو في ظاهرها أكثر ثورية عبر رفع شعار &OpenCurlyDoubleQuote;تسقط تالت” ويتشوق لحرق &lpar;اللساتك&rpar; ولكنها في حقيقة أمرها تقفزعلى الواقع المعقد لبلادنا&period; قرأت تصريحا لاحد قيادات السلفية الحزبية يقول فيه أن قوى الحرية أنجزت التغيير وأن ما يحدث داخلها الآن هو عملية فرز طبيعية لقوى الثورة&excl; أعتقد أنه يعني الثورة تم أنجازها وليس التغيير لأن التغيير عملية شاقة لا تتم بين عشية وضحاها&period; وتصريحاته تلك تذكرني بسماسرة الذرة والقمح في سوق طابت بالجزيزة، إذ يحمل كل واحد منهم &lpar;فتاشة&rpar;؛ مدية مجوفة مثلثة الرأس لتفتيش جوالات الذرة والقمح المعروضة في سوق &OpenCurlyDoubleQuote;الله أكبر” للتاكد من خلوها من الشوائب&period; فصاحبنا هذا يحمل فتاشة ثورية لفحص مواقف الأحزاب المكونة لقوى الحرية&colon; دا ناعم ما بنفع معانا&period;&period; ودا خشن ختوه بالجنبة&excl; هل هنالك ثورية أكثر من إزاحة &lpar;أسد افريقيا&rpar; من الحكم ووضعه وصحبه خلف القضبان لمواجهة العدالة على الجرائم التي إرتكبوها في حق شعبنا؟&excl;<&sol;p>&NewLine;<p>دعاة النقاء الثوري يعملون على خلق مناخ مسموم يعيد الناس للغة نافع علي نافع وصحبه في تحطيم كل ما يجمع بين القوى الوطنية، وحرق الجسور بتلك الطريقة سيجعل من العسير على تلك القوى العودة للعمل المشترك مما يجعلها لقمة سائغة لقوى النظام البائد&period; عوضا عن تقسيم القوى الوطنية بالطرق على التناقضات بينها عليهم أن يتجهوا صوب البناء فوق القيم المشتركة لأن الطرق على التناقضات سيقسم قوى الثورة والمحصلة ستكون لصالح القوى المتربصة بالثورة والنظام البائد&period; وهنا ستكون النتيجة العملية هي إلتقاء السلفية الثورية والسلفية الإسلاموية تحت رأية واحدة&colon; إسقاط مؤسسات الحكم الإنتقالي لصالح النظام البائد&period;<&sol;p>&NewLine;<p>أهم من ذلك كله، مركز السلطة في الخرطوم لم يعد متماسكا مثلما كان قبل إستيلاء الجبهة الإسلامية على السلطة في 1989، فالبشير وطغمته أفرغوه من السلطة المتماسكة أمنيا وإقتصادياً وسياسياً وصار هشا لا يحتمل الصراع في ظل وجود مراكز متعددة- بعضا منها مسلحا- وأي خطوة غير مدروسة ستُعجل بإنهيار المعبد فوق رأس الجميع&period; لا سبيل لإصلاح الوضع الحالي إلا بعودة قوى الحرية إلى منصة الـتاسيس وتوسيع قاعدة المشاركة لكل القوى التي ساهمت في صناعة الثورة وإصلاح مكامن الخلل في السلطة الإنتقالية&period; بلادنا تعيش في أوضاع داخلية صعبة وجوار مضطرب، والذي يحدث في ليبيا إذا قُدر للإسلام السياسي أن ينتصر بدعم تركي في ليبيا سيؤثر على بلادنا بصورة سلبية&period; وما يحدث داخل قوى الحرية والأداء الضعيف لحكومة الدكتور عبد الله حمدوك أحد مسبباته هو أن قوى الحرية والتغيير تفتقد لبرنامج واضح المعالم لتقييم أداء الحكومة وتحاسبها بناءاً عليه&period; وكما هو معلوم أن قوى الحرية فأجاها النهار- تقرأ الثورة- وهي ماشة بيناتا تتساقط باقي حنين- كما تغنت عقد الجلاد&period; إحدى أسباب هلاك النظام البائد هو أنه أعتمد على قاعدة ضيقة من مناصريه وتلك القاعدة ضاقت أكثر حينما إنقسم إلى &OpenCurlyDoubleQuote;قصر” و &OpenCurlyDoubleQuote;منشية”، والعاقل من إتعظ بغيره&period; على قوى الحرية أن لا تضيق واسعاً وأن تسعي لتوافق يشمل من هم داخلها وخارجها لتحصين الفترة الإنتقالية من الإنهيار وبلادنا على حافة الهاوية في ظل وجود كثيف لأنصار النظام البائد في كل مفاصل الدولة مع تململ في الشارع العام من حصيلة التغيير الضئيلة إذ لا زال موقد الفقراء بلا نار&period;<&sol;p>&NewLine;<p>ما يبعث على الأمل هو أن ثورة ديسمبر وشعاراتها &lpar;حرية، سلام، وعدالة&rpar; خلقت إطارا<&sol;p>&NewLine;<p>للتغيير، على قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الإتفاق على تفاصيله وتطبيقه على أرض الواقع بالعمل على كفالة حرية التعبير، والتنقل، والتجمعات، وتكوين النقابات، والعمل، وتحقيق السلام في كافة ربوع بلادنا حتي يعود كل النازحين واللاجئين لقراهم، وتحقيق العدالة لأسر الضحايا في مناطق النزاعات وأسر الشهداء والجرحي والمفقودين، وتفكيك التمكين في القضاء والأمن والشرطة والجيش والخدمة المدنية، وإصلاح الوضع الإقتصادي وتحسين معاش الناس&period;<&sol;p>&NewLine;