بدأت المحكمة الخاصة المنعقدة بمقر محكمة الأراضي الديم بالخرطوم ، أمس جلستها الإجرائية الأولى برئاسة القاضي عمر ابوبكر محمود ، لمحاكمة النائب السابق للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر وابنته ومتهم ثالث صيدلاني ، على ذمة اتهامهم في البلاغ (2/2019م ) تحت مخالفة نصوص المواد (89) المتعلقة بمخالفة الموظف العام القانون بقصد الإضرار أو الحماية ، والمادة (177/2) المتعلقة بخيانة الامانة للموظف العام وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م ، الى جانب مخالفة نص المادة (35) من قانون غسل الاموال وتمويل الإرهاب لسنة 2014م ، والمادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1983م ، ومخالفة نص المادة (6) من قانون مكافحة الفساد لسنة 2016م . وذلك بحسب ما ورد في قرار رئيس القضاء الصادر بتاريخ (24/8/2020م ) بتشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة المتهمين .
وبدأت الجلسة الإجرائية برفض المحكمة طلباً للدفاع بالإفراج عن موكله النائب السابق للمعزول عثمان محمد يوسف كبر ، لانه يواجه تهماً من بينها خيانة الأمانة للموظف العام التي قد تصل عقوبتها للإعدام.
في ذات الوقت قال القاضي بان قرار تشكيل المحكمة الخاصة للمتهمين يجيز لها بانتقال جلسات المحكمة لاي مكان اخر يحدده رئيس الجهاز القضائي الخرطوم، منوهاً الى ان قرار تشكيل المحكمة جاء استناداً لنص المادة (6/ح) و(9/2) من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م، اضافة الى استناده لنص المادة (6/ه/ط) من قانون السلطة القضائية لسنة 1986م تعديل 2017م ، وشدد قاضي المحكمة على ان اجراءات هذه المحكمة عادية وطبيعية ومتاح لجميع الاطراف بتقديم طلباتهم فيها .
وابتدر قاضي المحكمة بتسجيل بيانات المتهمين الثلاثة واولهم نائب الرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر ، وافاد بانه سوداني الجنسية والحمدلله ، ومسلم الديانة، ويقيم ببحري كافوري ، ومهنته معلم ، ويبلغ (63)عاماً ،ومتزوج ، فيما قالت المتهمة الثانية (ابنة كبر) بانها دون عمل ربة منزل ،وتبلغ (29)عاماً ، وتقيم ببحري كافوري ، بجنسية سودانية ، فيما قال المتهم الثالث للمحكمة بانه يعمل اختصاصى صيدلة ، يقيم بالازهري ، ومتزوج، ويبلغ (52) عاماً ، وبجنسية سودانية .
في ذات الوقت سجلت المحكمة حضور ثلاثة محامين يمثلون دفاع المتهمين في الدعوى الجنائية، الى جانب تسجيل المحكمة حضور ممثلي الاتهام عن الحق العام وهما وكيل اعلى نيابة مكافحة الفساد، ووكيل ثاني النيابة ، في ذات الوقت سجل المبلّغ حضوراً بالمحكمة ويدعى عبدالعزيز علي احمد .
المحامي حافظ أحمد ، ممثل دفاع المتهم الاول النائب السابق للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر ، باغت المحكمة باول طلب له يتعلق بالإفراج عن المتهم موكله بالضمانة المالية عن طريق ضمانة ضامن كفؤ ،وذلك إعمالاً لنص المادة (105) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م ، وأرجع ذلك الى ان البينة المقدمة في البلاغ ضد موكله المتهم الاول هي بينة تقرير مبدئي صادر من المراجع العام ، منوهاً الى انه ومن المعلوم أن مثل هذه التقارير لا يعتد بها من حيث الإدانة أو البراءة بحسب ما أرسته السوابق القضائية وما جرى عليه العمل في المحاكم السودانية بحد تعبيره ، مشدداً للمحكمة على انه في حال لم تكن هناك اي بينة اخرى في البلاغ ضد موكله المتهم الاول ترقى بتوجيه التهمة له فانه يلتمس من المحكمة اطلاق سراحه بضمانة ضامن كفؤ غارم ، ممثل دفاع المتهم الأول لم يقف عند ذلك بل التمس من قاضي المحكمة احتياطياً إعمال نص المادة (106) من قانون الاجراءات الجنائية واطلاق سراح المتهم الاول بالكفالة المالية التي تكفلها المحكمة .
من جهته تضامن دفاع المتهمين الثاني والثالث المفرج عنهما بالضمانة في البلاغ ، الى طلب زميلهما محامي دفاع المتهم الاول ، وعلل ممثل دفاع المتهمة الثانية للمحكمة تضامنه باعتبار ان موكلته المتهمة الثانية منسحب عليها الاتهام بالاشتراك الجنائي مع المتهمين الاخرين في البلاغ – وبالتالي لا بد من صيانة حقوق المتهمة الثانية الدستورية ،فيما تضامن ايضاً محامي دفاع المتهم الثالث مع طلب محامي دفاع الاول ،واضاف بان الضمان هو حق دستوري كفله القانون، منوهاً الى انه لا ضرر في استمرار الاجراءات في الدعوى الجنائية في ظل إطلاق سراح المتهم الأول بالضمانة .
في المقابل اعترض رئيس هيئة الاتهام وكيل أعلى نيابة مكافحة الفساد ، على طلب ممثل دفاع المتهم الاول باطلاق سراحه بالضمانة المالية ، وعلل ذلك ان موضوع الدعوى يتعلق بتبديد المال العام وهناك تقرير مراجعة نهائي وليس ابتدائياً أثبت المخالفات التي بموجبها تم توجيه الاتهام للمتهم الأول ، مشيراً في ذات الوقت الى ان هذه التدابير حسب القانون تعتبر غير مواتية وتمنع تطبيق نص المادة (105) من قانون الاجراءات الجنائية التي لم تشترط أن تكون هناك إدانة أو براءة للمتهم أو بينات كافية للإدانة ، والتمس ممثل الاتهام من المحكمة رفض طلب الدفاع الأصل والاحتياطي .
ممثل دفاع المتهم الاول المحامي حافظ أحمد ، عقب على رد ممثل الاتهام بالاعتراض على طلبه بالإفراج عن موكله بالضمانة المالية ، وقال للمحكمة بانه يصر على طلبه ،منوها ًالى انه ومن الواضح ان مواد الاتهام التي تُليت من قبل المحكمة في قرار تشكيل المحكمة هي (177/2، ) من القانون الجنائي ، والمواد (35/6 من قانون الثراء الحرام والمشبوه ، ) وهي من جرائم الأموال ، مبيناً بان نصوص قانون الاجراءات الجنائية في المادتين (105/106) فيما يتعلق بالاموال لا يحتاج الى كبير عناء وجهد أو تفسير بحد تعبيره ، إذ أن المشرّع تناول طرق الضمانة فيها بجواز الاموال دون تقييد سواء أكانت اموال متعلقة بعام او خاص ، لافتاً الى ان ادعاء الاتهام بان التقييم المبدئي يمكن أن يؤخذ به في تغيير الضمانة هذا ما لم ينص عليه القانون ولم يجرِ عليه العمل في المحاكم السودانية ولا يبنى عليه إدانة أو براءة ، موضحاً بان إشارة الاتهام في اعتراضه على طلبه للتقرير النهائي للمراجعة فان ذلك سيقرر في الاخر عند تقديم البلاغ ، مشدداً على أن اثارة الاتهام لمسألة البينات في البلاغ هو أمر من صميم اعمال المحكمة وتقييمها ، وفي ختام تعقيبه أصر محامي دفاع المتهم الاول على طلبه باعتباره حقاً كفله القانون والدستور .
قاضي المحكمة وبعد تقدم دفاع المتهم الاول بطلبه والاعتراض عليه من قبل الاتهام ، حسم الجدل القانوني بينهما وأصدر قراراً برفض الإفراج عن المتهم الأول النائب السابق للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر ، بالضمانة العادية أو المالية ، وعللت المحكمة رفضها بأن المتهم الأول (كبر ) يواجه تهماً من بينها خيانة الامانة للموظف العام المنصوص عليها بالمادة (177/2) من قانون الإجراءات الجنائية ، وهي جريمة تصل عقوبتها للإعدام ، وشددت المحكمة في قرارها على أنه ليس من سلطاتها في هذه المرحلة تقييم البينات في الدعوى الجنائية أو إعطائها اي وزن – وإنما يكون ذلك في مرحلة لاحقة.
وأشارت المحكمة في قرارها الى أن نص المادة (106) من قانون الاجراءات الجنائية ، نص على انه لا يجوز الإفراج عن اي متهم تكون عقوبته الإعدام ، وبالتالي فانه يمنع تطبيق نص المادة (107) من ذات قانون الإجراءات الجنائية المتعلق بوجود بينة مبدئية أو غيره ضد المتهم، من جهتها قطعت المحكمة موعداً في الثلاثين من الشهر الجاري لسماع المتحري في الدعوى الجنائية
الانتباهة