تحاول حكومة دكتور حمدوك جاهدةً معالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الضاغطة على المواطن من خلال الإجراءات الطارئة، إلا أن هذه الأوضاع المتردية تتدحرج بمتوالية هندسية رهيبة نحو الهاوية فاقت كل التصورات بسبب عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة أو خطة إسعافية تنقذ الاقتصاد الوطني من كبوته.
قبيل إنتقاد المؤتمر الاقتصادي قالت وزير المالية المكلف د. هبة محمد علي في تصريح للإذاعة السودانية إن الفجوة الكبيرة بين النفقات العامة والإيرادات بلغت جملتها (20) مليار جنيه وأضافت أنّ محاولة تغطية هذه الفجوة بطباعة زيادة الأوراق النقدية سيزيد من معدلات التضخم والتهرب الضريبي. وشددت هبة على ضرورة توحيد سعر صرف الدولار والعمل على تقليص حجم التضخم وأقرت وزيرة المالية بأن التضخم وصل الى (%166) واعترفت بخطأ تنفيذ الخطة المتعلقة بزيادة المرتبات من دون أية دراسة مسبقة، مؤكدة أن زيادة المرتبات بشكلها الحالي ستزيد من معدلات التضخم.
ما أقرت به وزير المالية المكلف يعتبر إعترافاً حقيقياً بفشل الخطط الاقتصادية والمالية لحكومة حمدوك، حيث يرى أكاديميون وإقتصاديون بأنّ مشكلة الاقتصاد السوداني هي مشكلة هيكلية ولم توجد إدارات إقتصادية قائمة على سياسات مالية مناسبة لموارد الدولة بجانب عدم وجود سياسة النفس الطويل في التخطيط والتوقعات من واقع ما يطرأ من تغييرات لهذه السياسات ومدى إنفاذها. كما يرى خبراء في الاقتصاد والمال بأن هناك موارد مالية مهولة ومهدرة في الدولة إبتداءاً من عدم إدارة الوقت والموارد البشرية والثروات التي تزخر بها الدولة بشكل جيّد.
حكومة حمدوك عجزت عن الموائمة والتنسيق والانسجام بين وزارة المالية والبنك المركزي، فقد صرح بأن الحكومة تستدين وتعلم موقف النقد وقال إن حكومة حمدوك إستدانت مبلغ (126) مليار جنيه خلال الستة أشهر المنصرمة. وقال إنهم يضطرون لطباعة عملة نقدية لتمويل الحكومة.
هذا الوضع أدى إلى هذه المالآت الكارثية التي وصلت ذروتها الآن، من أوضاع معيشية سيئة يعيشها المواطن الذي أدرك أن ما يعانيه اليوم ليس بسبب سياسات النظام البائد وحدها، بل تشترك معها سياسات متخبطة لحكومة حمدوك، والدليل على ذلك عدم الانسجام والتنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي وغياب الرؤية الاقتصادية والسياسية الموحدة بين الحاضنة السياسية قوى الحرية والتغيير وكثير من وزراء الحكومة.
الانتباهة