Site icon المجرة برس

ارتفاع الدولار.. تضارب تصريحات المسؤولين

مازال أمر ارتفاع أسعار الصرف المتتابع مقابل الجنيه أمر عصي على التفسير أو حتى السيطرة، رغم الوعود التي تطلقها الحكومة بين الفينة والأخرى بتحسن الأوضاع بالعبور والانتصار، ووسط كل ذلك يجد المواطن البسيط نفسه أمام ارتفاع الأسعار المتواصل في الجموح وندرة السلع الأساسية، في وقت لا تبدو الحكومة على لسان رجل واحد في أسباب تهاوي العُملة المحلية، هناك من يفضح السر ويؤكد أن الحكومة نفسها من تسببت في ارتفاع أسعار الدولار، وآخر يرمي بالتهم على طرف ثالث مجهول يسعى لتحقيق أرباح من هدم الاقتصاد، وقد يكون السؤال المهم أين الحقيقة؟، أو أن ثمة سؤال أهم.. أين الحل؟.

*حديث الأزمات
عندما تهاوى سعر العُملة المحلية ووصل الدولار إلى 100 جنيه لأول مرة في تاريخه، رغم الحملات التي شنتها السُلطات لمحاربة السوق السوداء، أرجع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك وقتها، أزمة ارتفاع العُملة الأميركية إلى مؤامرة يقوم بها تجار لمحاربة سياسات بدأتها الحكومة لضبط تجارة الذهب ومعالجة التشوهات الاقتصادية، وأكد أن الحكومة بدأت في تنفيذ سياسات لضبط تصدير الذهب، خلق هلعاً لدى المستفيدين من الوضع الراهن، ما جعلهم يحاولون إفشال تلك السياسة، مضيفاً أن هناك مجموعات معلومة لدينا مستفيدة من تجارة الذهب والعُملة.

وكذلك تكرر الأمر إبان إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية من قبل الحكومة الانتقالية لمواجهة التداعيات السلبية المرافقة لتدني سعر صرف الجنيه السوداني أمام العُملات الأجنبية، واحتواء التداعيات المترتبة على ذلك أكدت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة هبة محمد علي، أن السوق الموازي ينفذ عملية تهريب ممنهج تستخدم فيه العُملة المزيفة والمضاربات في الذهب والشراء بأعلى سعر ممكن، والإحجام عن البيع بما في ذلك أسعار الذهب، واتهمت في الوقت نفسه جهات لم تسمها بالسعي لتخريب الاقتصاد الوطني وخنق الحكومة الانتقالية، وأفصحت عن سلسلة من الإجراءات بتنفيذ خطة اقتصادية ذات إجراءات محددة تشمل عائدات الصادر وصادر الذهب وخطة التنمية التي ستمول من مؤتمر برلين بتوفير 800 مليون دولار لاستقرار سعر الصرف بطريقة غير مباشرة.

*كشف الحقائق
ولكن حديث رئيس مجلس السيادة رئيس اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية الفريق أول محمد حمدان دقلو، الأخير لا يتفق البتة مع التصريحات الحكومية السابقة بل يدحضها أن جاز التعبير، حيث قال في مقابلة تلفزيونية على قناة سودانية 24: إن شراء الحكومة لأموال تعويضات أسر ضحايا تفجير السفارتين والمدمرة كول والبالغة (330) مليون دولار، كان له أثر كبير في رفع أسعار الدولار في السودان، وأضاف حميدتي : (تجهيز المبالغ كان له الأثر الكبير جداً في رفع الدولار في السودان)، وتابع: (عشان نقدر ندفع الـ 330 مليون دولار نجيبها من وين؟، عشان كدا لازم نشتري ذهب ودولار، وهذا كله في سبيل الخروج من قائمة الإرهاب) .

*دواعٍ وظروف
وبين التصريحات المتضاربة والبحث عن الحقيقة يقول الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان إن المشكلة بين تلك التصريحات في مجملها وإن كانت متناقضة، ولكنه فند كل على حدى، وقال إن حديث رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووزيرة المالية، كان بغرض التبرير وإيجاد أعذار لانهيار الجنيه، بينما حديث رئيس اللجنة العليا للطوارئ يعتبر حديث مكاشفة وكشف حقائق، وأبان عثمان أن الاقتصاد الوطني يحتاج إلى تصريحات تبريرية في كثير من الأوقات، وإن حديث حميدتي جاء بعد انتهاء الحكومة من عمليات شراء الدولار، باعتبار السوق الموازي شديد الحساسية للطلب الحكومي، وأضاف السوق يكون في حالة استقرار إلا أن الطلب الحكومي للدولار دائماً ما يتسبب في انهيار أسعار العُملة المحلية، وبالمقابل حال طرحت الحكومة عُملات أجنبية في السوق ترتفع قيمة الجنيه كنتيجة طبيعية، باعتبار أن الطلب والعرض الحكومي يكون بكميات كبيرة ذات تأثير سريع .

*أسباب متعددة
الخبير أكد أن الحكومة تسببت بطرق وسياسات أخرى غير التدخل المباشر في انهيار الجنيه وذلك عبر زيادة معدلات التضخم وطباعة كميات كبيرة من العُملة لتغطية المرتبات ودعم السلع الأمر الذي التهم 60% من الموازنة، وتوقع الرجل مواصلة ارتفاع معدلات التضخم والمزيد من الانهيار بعد اتفاقية السلام، حال لم تجد الحكومة جهات دولية تدعم تنفيذ الاتفاقية خاصة وإن الاتفاقية تضمن لعقار 40% من عائدات النفط، بجانب نسبة كبيرة من الدخل القومي لحركان دارفور، عثمان وضع الحل في رفع الدعم عن السلع ودعم المنتج المحلي لدقيق الخبز مؤكداً أن ذلك سيحدث فرقاً كبيراً في أسعارالصرف، وقال إن الحكومة الآن لا يوجد أمامها سوى التطبيع مع إسرائيل لتمويل ما بقي من فجوات في الموازنة.

*خطأ إستراتيجي
وفي ذات المنحى يرى المحلل الاقتصادي محمد الناير، أن حديث حميدتي عن شراء الحكومة للدولار هو الأقرب للحقيقة، وقال إنه حديث نائب مجلس السيادة ورئيس اللجنة العليا للطوارئ، واعتبر دخول الحكومة للسوق الموازي خطأ إستراتيجي كبير، خاصة وإنها تتخذ تدابير لمحاربة ذات السوق وعده اعترافاً بنشاط غير مشروع نتج عنه ارتفاع أسعار الصرف من 150 إلى 240، ومن جهة أخرى لفت الناير إلى أن قضية تعويضات تفجيرات السفارتين بنيروبي ودار السلام ليست أولوية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فضلاً عن السودان بريء من القضية برمتها، وقال إن المواطن هو من دفع مرتين مرة أموال التعويضات ومرة فرق سعر الصرف البالغ 90 لكل دولار، وأبان أن الحكومة كان من الأجدى أن تبحث عن مصادر أخرى للنقد الأجنبي مثل حصائل الصادرات والذهب .

اخر لحظة

Exit mobile version