عاود الجنيه السوداني رحلة تهاويه المريع أمام سلة العملات الأجنبية بالرغم من اعلان الحكومة عن حالة الطوارئ الاقتصادية، في العاشر من سبتمبر الماضي للحد من التدهور الاقتصادي وحمايته من التخريب عبر إجراءات هامة اولها سن قوانين رادعة وتشكيل نيابات وقوات مشتركة لردع المتلاعبين وتأمين خطة حماية الاقتصاد السوداني ،وتشير متابعات (الإنتباهة) الى تسجيل الدولار لقفزة جديدة أمس سجل فيها 260 جنيها للبيع بينما قفز الريال السعودي الى 70 جنيها،وزارة المالية بدورها صرحت في وقت سابق سبب التراجع الحاد للجنيه سببه تخريب ممنهج وأن ما يحدث من ارتفاع في سعر الدولار لم يكن بسبب تغييرات هيكلية في الاقتصاد وإنما هو عملية تخريب للاقتصاد السوداني اتهمت بها جهات لم تسمها بشن حرب سياسية تستخدم الاقتصاد لإفشال الثورة والتحول الديمقراطي في البلاد خاصة عقب وقف تعاملات تجار العملة الذين يديرون انشطتهم بالخارج ، وبعد ان أعلنت أنه سيتم توفير 800 مليون دولار لإحداث استقرار في سعر الصرف بطريقة غير مباشرة.
رحلة الصعود والهبوط
والثابت ان رحلة الدولار في الارتفاع والهبوط ارتبطت بأحداث سياسية منذ عهد النظام البائد وحتى عقب سقوطه عند إعلان دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية بتقديم دعم مالي 3 مليارات دولار تسلمت الحكومة جزءا ضئيلا منها،وايضا اتفاق السلام بين الحركات المتمردة والحكومة السودانية أدى الى هدوء لحظي في السوق الموازي ، سبقه زيارة رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان للامارات دون الإعلان عن أسباب الزيادة التي وجدتها وسائل التواصل الاجتماعي مادة دسمة لنشر الشائعات والتي تكشفت فيما بعد أن غرض الزيارة لإجراء مشاورات مع مسؤولين امريكيين واماراتيين حول تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل ابيب مما ساهمت بدورها على خفض سعر الدولار،وايضا انعقاد المؤتمر الاقتصادي بعد طول انتظار ساهم الآخر في ضخ روح التعافي في جسد الجنيه المنهك.
ويعد انعقاد مؤتمر برلين لأصدقاء السودان في شهر يونيو من أكبر الأحداث التي ساهمت في تهاوي سعر الدولار بالسوق الأسود حيث استمر اثر ذلك لعدة شهور وسرعان ما تفرقعت البالونة عندما تعذر وصول الجزء الأول من المبلغ الذي خرج بها المؤتمر والمقدر بواقع 1.8 مليار دولار بغرض دعم الحكومة الانتقالية وتحفيز الاقتصاد المتراجع .
انهيار اقتصادي
ويربط عضو اللجنة الاقتصادية د. شوقي عزمي على تعافي قيمة الجنيه بعودة حصائل الصادر وتوجيهها لاستيراد السلع الإستراتيجية ،ويضيف لـ(الإنتباهة) أن استمرار حصائل الصادر خارج يد الدولة خاصة الذهب الذي يتم توجيهه لصالح جهات معينة سيظل العجز في الميزان التجاري كبيرا ، وبالتالي سوف يرتفع سعر الصرف بصورة كبيرة ، لذا يجب على الدولة عبر بنك السودان ان تضع يدها على كافة حصائل الصادر وتوجيهها الى تغطية الاحتياجات من السلع الاستراتيجية وعدم لجوء المستوردين للسلع الاستراتيجية واللجوء الى شراء الدولار من خارج الجهاز المصرفي ، كما ان سياسة الدولة ورغبتها في رفع الدعم تؤدي الى ارتفاع سعر الدولار بصورة كبيرة وصولاً الى مرحلة الانكماش الاقتصادي الذي يؤدي للانهيار الاقتصادي الكامل للدولة والذي يتمثل في عدم مقدرة المواطنين على شراء السلع وإحجامهم عن الشراء .
الانتباهة