واشنطن: الخرطوم……الشرق الاوسط
يواجه إعلان الإدارة الأميركية نيتها رفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب عراقيل في الكونغرس الأميركي، قد تقيد من تحركات الإدارة في هذا المجال وتصعّب من إيفائها بوعودها التي تعهدت بها في الاتفاق بين البلدين.
وأكدت مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة لم تبلغ المشرعين رسمياً بعد بقرارها رفع السودان من اللائحة، وهو ما ينص عليه القانون الأميركي، تساءلت المصادر نفسها ما إذا كانت تغريدة الرئيس الأميركي يوم (الاثنين) تُعدّ الإبلاغ الرسمي للكونغرس «في هذا الزمن الاستثنائي» بسبب جائحة كورونا.
وأمام الكونغرس 45 يوماً للنظر في القرار، وفي حال عدم موافقته عليه، فينبغي على مجلسي الكونغرس تمرير مشروع قانون يناقض قرار الرئيس لعرقلته. لكن من غير المرجح حدوث عرقلة نظراً لسيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلس الشيوخ، ودعم عدد كبير من الديمقراطيين للقرار، فأي قانون ناقض يتطلب أغلبية ثلثي الأصوات في المجلسين لإقراره وليتمكّن من تخطي الفيتو الرئاسي، وهذه أصوات لا يملكها المعارضون لقرار رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
لكن التحدي الكبير الذي تواجهه الإدارة هو قانون آخر جاء ضمن الاتفاق الثنائي بين البلدين، إذ على الكونغرس تمرير قانون يسمح بالإفراج عن التعويضات التي دفعتها السودان لضحايا هجمات السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998 والمدمرة الأميركية «كول» في عام 2000.
فهذه الأموال التي تم الإعلان عن تحويلها إلى «حساب معلّق»، بانتظار تمرير الكونغرس للقانون الذي يوفر للسودان الحصانة ضد دعاوى قضائية مرتبطة بهجمات إرهابية أخرى، مثل 11 سبتمبر 2001.
وهنا تكمن المشكلة إذ إن كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب منديز، أعرب عن معارضته لأي قانون يتضمن إعفاء السودان من الدعاوى القضائية التي قدمتها عائلات ضحايا 11 سبتمبر في محاكم أميركية.
ولا تزال هذه القضايا معلّقة بانتظار صدور قرار فيها.
وسيؤدي تمرير قانون من هذا النوع، وهو ضروري لرفع السودان عن اللائحة، إلى إسقاط هذه الدعاوى، وهو ما يعارضه منديز الذي حثّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في رسالة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، على وجوب إدراج تعديلين أساسيين على نص القرار قبل إقراره، وهما أولاً الحرص على عدم إنهاء الدعاوى المقدمة ضد السودان من قبل عائلات ضحايا 11 سبتمبر بما أنه لم يتم التطرق إليها في المفاوضات بين البلدين. ثانياً، معالجة موضوع المعاملة المختلفة للضحايا غير الأميركيين للهجمات الإرهابية في أفريقيا والذين عملوا في السفارتين الأميركيتين عندما وقعت التفجيرات، والسعي لدفع تعويضات أكثر لهم.
وأكدت مصادر مطلعة أن السيناتور الديمقراطي مستعد للتفاوض بشكل منفتح مع الخارجية الأميركية لحسم الملف، خاصة أنه يعلم أهمية رفع السودان عن اللائحة بالنسبة للمصالح الأميركية. ويتسابق المشرعون والإدارة مع الزمن في هذا الملف، فالتعويضات التي حولها السودان والتي تبلغ 335 مليون دولار ستبقى في «الحساب المعلّق» إلى أن يحل المشرعون خلافاتهم ويصوتون على القانون.
لكن في حال تأخروا فإن هذه التعويضات لن تبقى في الحساب لأجل غير مسمّى، إذ إن السودان قد يضطر إلى سحبها مجدداً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول العام المقبل.
وقد تعهد السيناتور الديمقراطي كريس كونز بالعمل جاهداً لحل الخلافات، مشدداً على أهمية رفع السودان من اللائحة، قائلاً «على إدارة ترمب والكونغرس مضاعفة الجهود لتمرير قانون السلام القانوني للسودان، وذلك لتسليم التعويضات وتأمين العدالة لضحايا الإرهاب وعائلاتهم».
ويعيد القانون المذكور إحياء حصانة السودان في الولايات المتحدة بحق أي دعاوى قضائية لاعتداءات إرهابية سابقة بمجرد الإفراج عن التعويضات التي تعهدت بها البلاد. وكان السودان قد فقد حصانته بسبب إدراجه على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
كما يتضمن الاتفاق بين واشنطن والخرطوم دعوة لتمرير القانون المذكور للحرص على إعفاء السودان من دعاوى قضائية مقدمة ضده في المحاكم الأميركية بصفته دولة راعية للإرهاب.