ولد الهدى والكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
ونحن وسط ملهيات الحياة وضغوطها يجب ان لا ننسى من عانى لاجلنا ودافع عن ديننا وعقيدتنا التي كادت الان تتلاشى في اشد المراحل التي يجب علينا ان نتمسك بدين الله ونهج نبينا الكريم واخلاقه السمحة حتى لا ياتي يوم نخجل فيه ان ناتي بسيرته لاننا وقتها لن بمقدورنا او جرآتنا ان نلفظ اسمه الكريم لما نرتكبه من اخطاء وتجاهل لسيرته العط‘رة الطاهرة .
نبينا محمد صلى الله عليك وسلم التمس لنا العذر لديك واصفح عنا من نسيان ارتكبناه في حقك فانت نبي الله المختار وانت خير الاخيار وانت مرسل من العظيم الجبار
إن الزمان الذي استدار لنعود مرة أخرى إلى شريعة الغاب ليجعلنا أكثر حوجة الان إليه صلى الله عليه وسلم ليعلمنا من جديد التسامح والصفح الصبر والايثار، صفاته التي جمعها رب العزة فقال :وإنك لعلى خلق عظيم ،لتقول امنا الحبيبة عائشة رضي الله عنها بعد ذلك…..كان خلقه القرآن.
ومن اعظم مواقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الانسانية التي يجب ان نتحلى بها في هذه الذكرة الطيبة وهو رسول الانسانية انه عليه الصلاة والسلام .
مواقف عن نبي الرحمة والانسانية
كان النبي صلي الله عليه وسلم خلقه القرآن، فكان كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان خلقه القرآن.. كأنه قرآن يمشي على الأرض”.
لكن هناك مواقف بعينها تستحق الوقوف أمامها، لتعكس ما كان عليه النبي الكريم في الحزن والسرور، والنصر ولحظات الابتلاء، وتتجلي هذه المواقف في ثلاثة أيام : “يوم الطائف” ، و”يوم أحد”، ويوم “فتح مكة”، فأين كان قلب النبي الكريم في هذه الأيام، وفي تلك اللحظات.
يوم الطائف
لما توفي أبو طالب، اجترأت قريش علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونالت منه، فخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ليال بقية من شوال سنة عشر من حين نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقام بالطائف عشرة أيام لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، ومنهم: سادة ثقيف وأشرافهم، وهم :عبد يا ليل، ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف.
فجلس إليهم فدعاهم إلى الله، وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم: هو- يعني نفسه- يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحدًا أرسله غيرك؟.
وقال الثالث: والله، لا أكلمك أبدًا.. لئن كنت رسولاً من الله- كما تقول- لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام. ولئن كنت تكذب على الله، ما ينبغي لي أن أكلمك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، وقد يئس من خير ثقيف، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم: يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، وألجأوه الى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد الى ظل حبلة من عنب فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران اليه، ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف.
فلما اطمأن قال فيما ذكر: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟
إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي.. ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك».
يوم أحد:
عندما وقعت الهزيمة في صفوف المسلمين، وقتل 70 من عظماء الصحابة، وفر من فر منهم، سرت شائعة بموت الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن سرعان ما تأكد المسلمون من كذبها، وإن كان هذا لا ينفي حقيقة أن إصابات طالت جسد النبي الشريف، حتي إنه اشتكي منها شهرًا بعد أحد.
لكن في نهاية المعركة، كيف كان حال النبي صلي الله عليه وسلم، بعد كل هذه الجراحات، وفقدان أصحابه.
تروي كتب السيرة ما كان عليه قلب النبي الكريم، حتي إنه جمع الصحابة بعد انتهاء المعركة، ليقول لهم ما رواه الإمام أحمد، لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: استووا حتى أثني على ربي عز وجل، فصاروا خلفه صفوفًا، فقال:
“اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت. اللهم: ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك”.
“اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول. اللهم: إني أسألك العون يوم العيلة، والأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.. اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك. اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق”.
بوم النصر وفتح مكة:
هذا النصر والفتح المبين الذي سعد به أهل السماء، كما سعد به أهل الأرض، ودخل النبي الكريم فاتحًا مكة، وبعدها، دانت له جزيرة العرب، لكن أين كان قلب النبي صلي الله عليه وسلم، وهو داخل وسط كتيبته، المدججة بالسلاح، والقول قوله، والكلمة كلمته.
ويروي هذا المشهد العلامة “ابن القيم” في كتابه زاد المعاد حينما يعقد مقارنة بين دخول النبي صلي الله عليه وسلم مكة فاتحًا، وما كان عليه من الخضوع لله، فيقول: “كان الله عز وجل قد وعد رسوله وهو صادق الوعد، أنه إذا فتح مكة دخل الناس في دينه أفواجا، ودانت له العرب بأسرها، فلما تم له الفتح المبين اقتضت حكمته تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام، وأن يجمعوا ويتألبوا لحرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمين؛ ليظهر أمر الله وتمام إعزازه لرسوله ونصره لدينه، ولتكون غنائمهم شكرانا لأهل الفتح، وليظهر الله – سبحانه – رسوله وعباده، وقهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون مثلها، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب، ولغير ذلك من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين، وتبدو للمتوسمين”.
واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عددهم وعددهم، وقوة شوكتهم ليطامن رءوسًا رفعت بالفتح، ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واضعًا رأسه منحنيًا على فرسه، حتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعًا لربه وخضوعًا لعظمته، واستكانة لعزته، أن أحل له حرمه وبلده، ولم يحل لأحد قبله ولا لأحد بعده.
وليبين سبحانه لمن قال: “لن نغلب اليوم عن قلة” أن النصر إنما هو من عنده، وأنه من ينصره فلا غالب له، ومن يخذله فلا ناصر له غيره، وأنه سبحانه هو الذي تولى نصر رسوله ودينه، لا كثرتكم التي أعجبتكم، فإنها لم تغن عنكم شيئا، فوليتم مدبرين، فلما انكسرت قلوبهم أرسلت إليها خلع الجبر مع بريد النصر”.