Site icon المجرة برس

رحيل الاحباب (خلسة)

 

نشر :احمد عثمان كرم الله محمد

هناك أناسٌ نلمس ُ في رحيلهم أثرا كبيراً ، بل ويُحدثُ غيابهم عنّا أُفولاً في نبض الحياة، ومن هؤلاء  الحبيب و الطبيب الإنسان الدكتور عبدالله محمد النصري الذي حمل إلينا النّاعي خبر وفاته مساء أمس الجمعة بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض حيثُ كان يتلقى العلاج جرّاء إصابته بفيروس كورونا .
إنّ خبر وفاته قد قطّع القلوب و مزّق الأفئدة وأبكى العيون . و قد شقّ على الجميع نعيُه وهم يسترجعون شريط الذكريات العزيزه معه، فقد كان يرحمه الله حسُن السيره ، طيِّب المعشر ، وكان نعم الرجل وفيّاً ، نقيّاً و تقيِّا.
لقد كان يرحمه الله طلق الوجه ، عذب الحديث ، يصل أرحامه و أهله و أصدقاءه و جيرانه يشاركهم أفراحهم و يشاطرهم أحزانهم. و قد كان من أهل الفضل و البذل ، و من المبادرين لخدمة الناس و قضاء حوائجهم الأمر الذي أضفى عليه محبةً و قبولاً و مهابةً و وقاراً بجانب تواضعه و أدبه الجميل .
لقد كانت له أدوار مشهودة في العمل العام و في خدمة بلده . و كانت له بصماته الواضحة في دعم و مساندة المحتاجين .
لقد كان يرحمه الله كريماً، مِفضالاً ، و كان بيته وجهةً للعديد من الأهل و الأصدقاء ، و كان يُبالغ في إكرام أهله و الإحتفاء بهم تُسانده في ذلك زوجته الكريمة الاصيلة  نصره حسين زياده وهي بت عمته حسونه محمدالنصري واولاده دكتور  مصعب ودكتور مازن ومهند رندة ومحمد الذين حملوا هذه الجينات النبيلة والصفات الأصيلة  و لأ جل ذلك فقد أحبتهم القلوب و عشقت خصالهم الحميدة .
لقد كانت البساطةُ رداؤه و التواضعُ إزاره ، و المهنية العالية و الأدبُ الجمُّ يكسوان حياته بالجمال و الألق.
و حيثُ أنّ حُبّ العباد من حُبِّ ربِّ العباد فقد هُرع الناسُ من كل حدبٍ و صوبٍ و إحتشدوا في مشهدٍ مهيبٍ عصر هذا اليوم السبت مُشيِّعين جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير في مدينة بريدة و هم يدعون له بالرحمة و المغفرة و الألمُ يعتصرُ قلوبهم على فراقه.
لقد فُجعنا كما فُجع أهالي منطقة القصيم من السودانيين و السعوديين و غيرهم على مختلف فئاتهم برحيله إذ كان من خيرة الأطباء و أكثرهم عطاءً و مرؤةً و نبلا ، فقد عاش بينهم ٣٥ سنةً عمِل خلالها إستشاري لأمراض الكلى و مديراً طبيّاً لمستشفى الملك فهد التخصصي بمدينة بريده . و عندما ظهرت جائحة كورونا كان مع زملائه في خط الدفاع الأول حتى إختاره الله شهيداً في يوم الجمعة ليلحق بركب الأبطال من الكوادر الصحية التي قدمت أرواحها فداءً لإنقاذ المرضى و مكافحة هذه الجائحة التي مازالت تفتكُ بالعالم .
خلال مسيرته حياته العمليّة الحافلة في السعودية فقد تعرّف بالألوف من الناس الذين أقام معهم علاقات المحبة و الإعزاز ، فقد كان إنساناً سمحاً جعل الإنسانية هي منهجه في التعامل مع الناس و لم يضع أمامها أيِّ قيودٍ أو حُجُبْ.
لقد وُلِد الفقيد و نشأ و ترعرع في قرية الباجا – ريفي الغابة بالولاية الشمالية ، و من هناك إرتوى من أفضل مواريث أهله الاكارم ، و من النبع الصافي المُتدفق من بيت أبيه محمد النصري و أمه ميمونة حمد كمبال حتى فاض و بلغ في نُبله أنه لم يردّ إنساناً قطُّ جاءه قاصداً خدمته أ و مساعدته .

ما أضيق العبارات حين تُحاول التحدث عن الدكتور عبدالله، فقد إفتقدنا طبيباً و عالماً كان باراً بأهله و موسوماً بالخير بين الناس ، مُحبّاً للخير و أهله ، فما أعظمَ ما ينتظره من خير الجزاء في الآخرة بإذن الله :
*من يعمل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهبُ العُرفُ بين الله و الناسِ*

لن تستطيع السطور كتابة و حصر مآثر الراحل د. عبدالله ، و لا أُزيدُ على ما ذكره الأحباب و الأصحاب و الزملاء و حتى مرضاهُ الذين كانوا يتلقون العلاج تحت إشرافه ، فقد كتبوا كلاماً في حقه يختزلُ الكثير من معاني الحزن و الأسى.
إنّ غياب عبدالله النصري سيترك فينا فراغاً يصعبُ ملؤهُ لحوجتنا للنيل من علمه الوافر و الإقتداء بخصال الخير التي تجسدت فيه.
خالص العزاء لزوجته المكلومة بفقده و لأولاده الأعزاء و لأخوانه الأفاضل عبدالكريم ، حارث ، صديق و عبدالعظيم ، و لأخواته الفضليات نعمات و محاسن و هم جميعاً من أهل الخير و من الذين يمنحون السلام و الوئام للجميع . و العزاء موصولٌ لخالته الحاجة بابه حمد كمبال ، و العزاء لآل النصري و آل حمد كمبال و آل أبّو كمبال و آل أحمد إسماعيل و لجميع الأهل و الأحباب و الأصحاب الذين آلمهم هذا المُصاب الجلل .
رحمك الله يا عبدالله النصري و سيذكرك الناسُ كلما ذُكر َ أهل الفضل و المروءة و الإخلاص و التفاني.
رحمك الله يا دكتور عبدالله و ستذكرك منطقة القصيم بالخير إذ كنتَ نخلةً باسقةً في بساتينها الوريفة ، و كنتَ من أولئك الذين غرسوا قيم الخير و الوفاء داخل روحها و ستظل مواقفهم محفوظة في الذاكرة .
اللهمّ أرحم عبدك عبدالله النصري و أجعل البركة و الخير في ذريته يا كريم .
اللهم أرحمه و أغفر له و لوالديه و أكرمهم بجودك و عفوك و أجمعهم و جميع موتانا في جنتك برحمتك التي و سعت كلّ شيئ.

من اللفتات البارعة التي درجت عليها المملكة العربية السعودية ملكا وشعبا هذا الوفاء النادر تجاه السودانيين فقد ورد هذا الخبر عن تكريم امير منطقة القصيم الراحل المقيم:

مدينة في السعودية تحزن على وفاة سوداني وتضع اسمه على قاعة اهم مستشفى بالمنطقة

اوصي ‏أمير القصيم بتسمية إحدى قاعات مستشفى الملك فهد التخصصي باسم الطبيب السوداني “عبدالله محمد النصري”والذي توفي مؤخراً مؤكداً على جهوده وخدمته في القطاع الصحي بالمنطقة

Exit mobile version