محكمة مدبري انقلاب 89.. لماذا تنحى الــقــاضـــي؟

<p>يبدو أنه وبعد الإطاحة بالحكومة البائدة أضحت تقلبات الساحة في بلادي على جميع أصعدتها ومناحيها تجعلك دوماً مستعداً لمعترك فورانها وإرهاصاتها وظلالها حيث انه لا يمر يوم أو أسبوع أو شهر الا وأن صاعقة المفاجآت تدوي &lpar;طبلة&rpar; أذنك ولا تجد لها تلك الإجابات القاطعة ، وفى المقابل كان صباح أمس يرسل نسماته الدافئة ربما رحمة منه بتلك الأجساد المجهدة المنهكة بفعل المعاش ولكن يبدو أنه كان &lpar;تخديراً &rpar; لما هو قادم حيث كانت قاعة معهد تدريب ضباط الشرطة بمباني الأدلة والمختبرات الجنائية شرقي العاصمة الخرطوم مقر محاكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989م المتهم فيها الرئيس المعزول عمر البشير،و&lpar;27&rpar; آخرين من قادة النظام البائد ، تنعم بذلك الجو المعتدل كما الآخرين بالخارج ، وبعدها كان دوي صوت حاجب المحكمة الشرطي بالسلطة القضائية احمد صالح ، اعلاناً بانطلاق جلسة المحاكمة ، حيث قدم خلالها طلبات للاتهام والدفاع وأرجئ الرد عليها من قبل الطرفين في جلسة قادمة ،وقبل أن تكمل عقارب الساعة دورتها لتعلن عن الحادية عشرة من صباح امس ، ودون سابق إنذار انخفض صوت قاضي المحكمة علي نحو مفاجئ وهو يقلب تلك الاوراق التي أمامه بمنصة المحكمة وبات مشغولاً بها وصوته يخرج من المايكرفون المثبت امامه وهو يقول انها الجلسة الاخيرة التي سيترأس خلالها جلسة المحكمة والنظر في ملف البلاغ ،وانه سوف يتنحى عنها لمرضه بارتفاع ضغط الدم ، وقتها امتلات وجوه الحاضرين بالدهشة وعقد جبينهم لفرطها ،وتلعثم حديث محامي الدفاع وممثلي الاتهام &period;<br &sol;>&NewLine;ومازالت حمى مفاجأة تنحي القاضي عن رئاسة القضية وعدم مواصلة النظر فيها تسيطر على الجميع وباتوا يتساءلون بعد رفع الجلسة عن من هو القاضي الذي سيخلف رئيس هيئة المحكمة المتنحي قاضي المحكمة العليا عصام الدين محمد ابراهيم لينضم الى بقية اعضاء هيئة المحكمة الباقين وهما قاضيان بدرجة الاستئناف&period;<&sol;p>&NewLine;<p>دخول وتأمين<br &sol;>&NewLine;وكعادتهم يرابط منسوبو شرطة السلطة القضائية في الصفوف الاولى ويحضرون منذ بواكير الصباح يقومون بتأمين مقر مباني انعقاد محاكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989م المحدد له الثلاثاء من كل اسبوع ، ويوم امس ورغم أن القاضي في الجلسة الماضية قد أمر بعدم إحضار لقاعة المحاكمة المتهمين جميعاً ماعدا اثنين منهما لعدم وجود محامين للدفاع عنهما ، اضافة الى محامي الدفاع ووسائل الإعلام المحلية والعالمية وبالتالي يتبادر للذهن العادي ان إجراءات الدخول للمحكمة وغيرها ستكون اكثر من عادية الا أن المفاجأة كانت قوية عندما رصدت &lpar;الإنتباهة &rpar; اصطفاف سيارات الشرطة القضائية وغيرها في منظر مهيب تقشعر له الأبدان يقومون بتأمين المحكمة ، الى جانب تقاطع ضباط السلطة القضائية هنا وهناك يتابعون عمليات دخول المحامين والإعلاميين لقاعة المحكمة على رأسهم مدير محكمة الخرطوم شمال عقيد شرطة حماد محمد علي ضيفان ، الى جانب وجود لفيف من منسوبي الشرطة يرابطون في فناء المحكمة بالداخل يشرفون على إجراءات دخول الجميع للقاعة وديباجاتهم المخصصة بحوزتهم &period;<br &sol;>&NewLine;متحر ثان<br &sol;>&NewLine;عند انطلاق جلسة المحاكمة سجلت هيئة المحكمة اسماء هيتئي الاتهام &lpar;من النيابة العامة &sol; ومحامون قانونيون &rpar; بمحضر الدعوى ومن بعدها باغت قاضي المحكمة هيئة الاتهام عن الحق العام وطالبهم بالكشف عن أسباب عدم حضور المتحري وكيل النيابة أحمد النور الحلا ، امامه وتلاوة وتقديم محضر التحري في الدعوى الجنائية ،حينها تقدم رئيس هيئة الاتهام عن الحق العام وكيل النيابة العامة سيف اليزل محمد سري، بطلب مكتوب للمحكمة إشتمل على اسباب عدم حضور المتحري الحلا للمحكمة بل لم يقف عند ذلك بل أماط اللثام في طلبه عن تعيين العقيد شرطة جمال محمد ، عضو لجنة التحري في بلاغ الانقلاب كمتحر ثان لتقديم البلاغ للمحكمة &period;<br &sol;>&NewLine;في المقابل تحصلت &lpar;الإنتباهة &rpar; على نسخة من طلب الاتهام الذي كان ممهوراً بترويسة النيابة العامة وجاء فيه بان النائب العام تاج السر الحبر ، قد أصدر بتاريخ 3&sol;11&sol;2019م قراراً بالرقم &lpar;4&sol;2019&rpar; شكل بموجبه لجنة التحري والتحقيق في بلاغ انقلاب 30 يونيو 1989م ومن ضمن أعضائها العقيد جمال محمد الخليفة بركات ، واشار الطلب الى ان اللجنة باشرت بكل أعضائها اجراءات التحري والتحقيق في البلاغ المذكور وقد كلف عضو اللجنة وكيل النيابة احمد النور الحلا ،بكتابة المحضر لأعمال التحري التي قامت بها اللجنة مجتمعة باعتباره مقرراً لها ، ولفت الطلب ايضاً الى انه ونسبة لظروف ادارية بالنيابة العامة تم إيقاف وكيل النيابة الحلا ، بقرار من النائب العام وتقديمه لمجلس محاسبة مع آخرين وتم سحب كافة البلاغات التي طرفهم ، وأبان الاتهام في طلبه الى انه ولسلامة الإجراءات أصدر النائب العام قراراً بالرقم &lpar;13&sol;2029م&rpar; بانهاء تكليف المتحري وكيل النيابة احمد الحلا ، وتكليف خلفاً له عضو لجنة التحري والتحقيق العقيد جمال محمد الخليفة ، ممثل الشرطة لتقديم البلاغ امام المحكمة ، وفي ختام طلب الاتهام التمسوا من المحكمة السماح لهم بان يقدم البلاغ ومحضر التحريات في القضية عقيد شرطة جمال محمد الخليفة ، عضو وممثل لجنة التحري والتحقيق في البلاغ &period;<br &sol;>&NewLine;اعتراض الدفاع<br &sol;>&NewLine;بعد تفحص هيئة المحكمة لطلب الاتهام المطبوع وزعت المحكمة على جميع هيئة دفاع المتهمين نسخة من طلب الاتهام حول ذلك ، في المقابل استنكر المحاميان في هيئة الدفاع عبدالباسط سبدرات ومحام آخر طلب الاتهام المكتوب والمقدم للمحكمة ،مشيرين الى انهما يرفضان الطلب ابتداء ،عازين ذلك الى ضرورة ان يمثل المتحري بنفسه أمام المحكمة بعد إعلانها له ، ويقدم اسباب عدم حضوره اليها في جلسات ماضية لتقديم محضر التحريات في بلاغ الانقلاب &lpar;89م&rpar; ، فيما نبه ايضا محامي الدفاع الآخر في اعتراضه على طلب الاتهام الى ان المتحري كان حاضراً طيلة جلسات المحاكمة الماضية وتم تغييبه عن الجلسة الماضية والحالية لغرض ما بحد تعبيره ، مشدداً على انه يجب ان لا تسمح المحكمة للنيابة التدخل في عملها ،حينها قاطعه قاضي المحكمة قائلاً &colon; &lpar; المحكمة لم ولن تسمح بتدخل اي في أعمالها &rpar;بحد قوله&period;<br &sol;>&NewLine;الموافقة على طلب<br &sol;>&NewLine;في ذات السياق التمس ممثل دفاع المتهم الخامس المحامي الشهير عماد جلجال من المحكمة ، مدهم في الدفاع بصورة من القرار الذي بموجبه تم ايقاف المتحري إدارياً بواسطة النائب العام حتى يتمكنوا من الرد عليه كتابة في جلسة قادمة ، فيما وافق قاضي المحكمة على طلبه وأمر حاجب المحكمة الشرطي احمد صالح ، بتسليمه نسخة من صورة القرار المطلوب &period;<br &sol;>&NewLine;تعليق المحاكمة<br &sol;>&NewLine;من جهته دفع رئيس هيئة دفاع جميع المتهمين المحامي المعروف عبدالباسط سبدرات ، بطلب لهيئة المحكمة يلتمس من خلاله تعليق جلسات محاكمة المتهمين في البلاغ بسبب جائحة كورونا في موجتها الثانية ،واشار في طلبه التي تحصلت &lpar;الإنتباهة &rpar; علي نسخة منه الى ان الجائحة تكاد تكون من أشراط الساعة ، إذ حالت بين الناس في حج البيت ورمي الجمار والحلق والتقصير وبين الصوم وصلاة القيام وحبست الناس في البيوت وكأنهم زوجات يقضين عدة الأربعة أشهر وعشراً ، لافتاً الي ان الجائحة في الصلاة أماتت سنة الحميمية الكتف في الكتف والقدم مع القدم ، وجعلت المصافحة لا باليدين وإنما بالمرفقين ، حتى دفن الموتى أصبح كدفن &lpar;كيبل &rpar; دون غسل ولا حنوط ولا دعاء ، الى جانب ان ارتداء الكمامة أصبح جزءا من الزي القومي وفرض عين وتقبله الجميع باعتباره ابتلاء ، وتخوف سبدرات ،في طلبه ايضا لهيئة المحكمة من الموجة الثانية للجائحة التي ضربت البلاد ووصفها بانها &lpar;أعتى &rpar; وجعلت الناس بين مشتبه فيه وبين مصاب أكيد وأصبح الجميع في قبضة الفيروس بحد تعبيره ، مشيراً الى انه وبموجب هذه الموجة بادرت رئيس القضاء بتعليق إجراءات المحاكم الا بقدر لا يكاد يسع شيئاً ،وأغلقت المدارس والجامعات والحفلات حتى المآتم أصبحت الفاتحة بالموبايل عزاء حاراً وله دموع ،وتساءل سبدرات بقوله &colon;إذاً كيف نتلاصق وتختلط الأنفاس ونصبح وجبة طازجة للفيروس ، وشدد في طلبه قائلاً على ان هذه القاعة ومهما كان الاحتراز فيها لن تحمي متهماً أو مترافعاً وحتى المحكمة ولا خيار الا أن ننجو من قدر الله الا بقدر الله الذي يلزم بالحيطة والحذر والأخذ بالأسباب بحد تعبيره ، وختم سبدرات طلبه بقوله &colon; بانهم يطلبون تعليق جلسات المحاكمة بسبب الجائحة ويضعون امر ذلك بين كفتي المحكمة المبصرة ، عازيا ذلك الى ان السيف إذا حملت مقبضه كف عمياء اصبح موتاً أعمى والفيروس ليس موتا فحسب وإنما &lpar;موتة شينة كالميته أم رماداً شح كما رجت أخت فارس له وهو قتيل بموت مشهود&rpar;&period;<br &sol;>&NewLine;تنحي القاضى<br &sol;>&NewLine;وأعلن رئيس هيئة المحكمة قاضي الدرجة العليا عصام الدين محمد إبراهيم ، في ختام جلسة المحاكمة عن تنحيه في مواصلة النظر في الدعوى الجنائية ،مضيفا بانها ستكون المرة الأخيرة التي سيترأس فيها جلسة المحاكمة ونظر القضية ، وبرر القاضي تنحيه الى حالته وظروفه الصحية وإصابته بداء ارتفاع ضغط الدم ، وأشار القاضى الى أن هذا المرض يجعل صاحبه يبتعد عن كل ما يؤدى الى الانفعال بحد قوله ، وأردف القاضى قائلاً &colon; &lpar; بانه يشكر رئيس القضاء مولانا نعمات عبدالله محمد خير ، لإصرارها والحاحها في استمراره لتولي نظر الدعوى الا أنها قدرت مؤخراً طلبه بالتنحي عن رئاسة المحكمة ونظر الدعوى الجنائية ، مشدداً بقوله &colon; يجب على الإنسان أن يكون أحرص على صحته ، كاشفاً بان هناك قاضيا آخر سيتولى أمر النظر ومواصلة الدعوى الجنائية في جلسة قادمة محددة في الخامس من يناير للعام 2021م، وختم القاضي أقواله بانه يتمنى التوفيق للقاضي الجديد الذي سيتولى النظر والاستمرار في القضية ، فيما لم يسم القاضي عن خلفه الذي سيتولى المواصلة في الدعوى الجنائية&period;<&sol;p>&NewLine;<p>الانتباهة<&sol;p>&NewLine;