Site icon المجرة برس

عودة الجدل حول محاكمة البشير أمام الجنائية الدولية

وجدت السلطة الانتقالية نفسها في موقف بالغ الحرج، عقب عودة الجدل حول تسليم الرئيس السابق عمر حسن البشير لمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، وأضفى وصول المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا إلى الخرطوم السبت بريقا على تجدد دعوات تسليمه.

ودعا حاكم دارفور مني أركو مناوي إلى تسليم البشير وجميع المتهمين بارتكاب جرائم حرب في الإقليم إلى المحكمة الجنائية الدولية، بغرض تحقيق العدالة، في إشارة توحي بأنه يريد تعزيز نفوذه السياسي كحاكم جديد يلقى معارضة من قوى نافذة في الإقليم.

وطالب مناوي خلال لقائه مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السلطات القضائية في السودان بـ”الإسراع في تطبيق القانون على مرتكبي جرائم دارفور تحقيقا لأهداف الثورة”، بما يوحي بأن السلطة الحالية تتلكأ في هذه الخطوة.

وبدأت المحكمة الجنائية الدولية بالفعل التحقيق في جرائم الحرب وعمليات الإبادة الجماعية في دارفور، ومثل علي كوشيب، وهو أحد زعماء ميليشيا الجنجويد التي نشطت في دارفور خلال سنوات الحرب الأهلية هناك أمام المحكمة في لاهاي، وشرعت المحكمة الأسبوع الماضي في عملية محاكمته.

ووصلت بنسودا الخرطوم ومعها فريق عمل يتكون من خمسة أفراد، في زيارة تستغرق أسبوعا تلتقي خلالها كبار المسؤولين، وتقوم بزيارة دارفور للوقوف على أحوال ذوي الضحايا في الإقليم، وتأكيد أهمية تحقيق العدالة ومعاقبة المجرمين.وزارت بنسودا السودان لأول مرة في أكتوبر الماضي، وبحثت عملية محاكمة مسؤولين سابقين متهمين في جرائم حرب دارفور، وهي الزيارة التي اعتبرها البعض إشارة على أن البشير قاب قوسين أو أدني من محاكمته دوليا.

وتتهم بعض الحركات المسلحة في دارفور المكون العسكري بتعطيل عملية تسليم البشير للجنائية خوفا من أن تؤدي هذه الخطوة إلى توريط بعض القيادات الكبيرة في المؤسسة العسكرية السودانية قيل إنها شاركت بالفعل أو التواطؤ في ما جرى بدارفور خلال عهد البشير وتخشى من ممارسة ضغوط لمحاكمتها معه.

ويبدو موقف محاكمة البشير أمام القضاء المحلي أو المحكمة الجنائية الدولية محل انقسام بين القوى السودانية، فهناك فريق يعتمد على فكرة السيادة ويطالب بمثوله فقط للمحاكمة محليا، بينما يتخوف الفريق المقابل من إطالة أمد المحاكمة وتعويم محاسبته.

ويتشجع الفريق الثاني بوجود بنسودا في السودان حاليا لإعادة تكرار طلب محاكمته ورفاقه دوليا ليكون عبرة لكل من يفكر في ارتكاب انتهاكات جديدة في دارفور أو غيرها، كما أن الخطوة تحمل دلالة مهمة على انتصار الثورة السودانية.

وأصدرت المحكمة الجنائية في الفترة من 2007 – 2012 مذكرات اعتقال بحق كلّ من البشير، ووزير دفاعه عبدالرحيم حسين، ووزير الداخلية سابقا أحمد هارون، بجانب علي كوشيب، بتهم تتعلق ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في إقليم دارفور.

واتفقت الحكومة السودانية مع حركات مسلحة دارفورية في فبراير الماضي على ضرورة مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية، لكن ظهرت مماطلات عطلت هذا التحرك، بالتوازي مع محاولات تفشيل دور لجنة إزالة التمكين، وهو ما جعل الشكوك تتزايد في التنصل من محاكمة البشير دوليا.

وزار وفد من الجنائية الدولية السودان في فبراير الماضي، ضم 12 فردا من منسوبي مكتب المدعي العام، بينهم عدد من المحققين والمختصين في قضايا انتهاك حقوق المرأة والطفل، وحماية شهود وأخصائيي صحة.

ويشير متابعون إلى أن محاكمة البشير سوف تظل سيفا مسلطا على رقبة المكون العسكري، والمكون المدني، فالأول يتهم بالتستر على جرائم البشير، والثاني متهم بعدم القدرة على تطبيق العدالة ومغازلة فلول النظام السابق.

العرب

Exit mobile version