Site icon المجرة برس

“الأزمة المكتومة”.. الجيش والدعم السريع.. هل هي صراعات جنرالات؟

الفريق سليمان: الدعم السريع أصبح موازياً للقوات المسلحة في التسليح

مستشار البرهان ينفي أي توترات أو خلافات بين الجيش والدعم السريع

فزاري: تراشقات حميدتي وقادة بالجيش لا تعدو كونها صراع جنرالات

تقرير/ آمنة حسن

منذ تكوين قوات الدعم السريع في العام 2017م بموجب قانون اصدره البرلمان خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير نشأت علاقة متوترة بينها والقوات المسلحة ، باعتبار انها قوة قد تكون موزاية لها و ربما يتطور الامر ليصبح جيشين في دولة واحدة ، وهو مصدر لتخوف الكثيرين الى الان خاصة وان قوات الدعم السريع تمتلك عتاد وسلاح متطور ويتم تمويلها من قائدها محمد حمدان دقلو بكافة احتياجاتها اضافة الى الزيادة المضطردة في اعداد المنضمين لها ، و ازداد الامر حساسية بعد ثورة ديسمبر ووقوف قائد الدعم السريع مع الثوار ومخالفته لاوامر البشير انذاك ، ومن ثم اصبح لهذه القوات ادوار جديد ودخل قائدها عالم السياسة بصفته نائباً لرئيس المجلس السيادي، إلا ان العلاقة بينها والجيش ليست على ما يرام ولم تفتأ التسريبات تخرج للإعلام عن وجود خلافات والخوف من وقوع المواجهة .

تصريحات نارية

وكان آخر هذه التصريحات ما أعلنه الفريق محمد حمدان دقلو خلال تأبين احد قيادات حركة مناوي عن رفضه دمج قواته في الجيش لان ذلك سيؤدي الى حدوث قتال بين الطرفين داخل المدن، وإن الحديث عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش يمكن أن يفكك البلد، وقال ان قواته تم تكوينها بموجب قانون مُجاز من برلمان منتخب وهو ليس كتيبة أو سرية حتى يتم ضمها للجيش ، اضافة الى حديثه عن وقوفه مع الثورة وان هنالك جهات لا تريده في القصر الرئاسي وإنما ترغب في حصر دوره في قتال الحركات المسلحة ، وانه أصبح عدوا للشعب وذلك بعد شيطنته بأنه حاز الفريق دون دخول الكلية الحربية وهو أمر اصطلح عليه السودانيين بـ فريق خلا . وقال نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان إن هناك خلافات بين الجيش والدعم السريع داعيًا إلى العمل على عدم حدوث وقيعة بينهما.

هذه التصريحات النارية حاول اخمادها كل من الجيش والقوات المسلحة وذلك عبر بيانين الاول لنائب رئيس مجلس السيادة طاهر ابوهاجة الذي نفى وجود اي وجود أي توترات او خلافات بين الجيش والدعم السريع ومن يروجون لذلك لديهم اغراض ويسعون لزعزعة الامن وعرقلة الفترة الانتقالية ، كما جاء في بيان لقوات الدعم السريع نفت فيه وجود خلافات بينها والجيش وقالت في بيان على لسان الناطق الرسمي العميد جمال جمعة ان ما راج في مواقع التواصل الإجتماعي حول هذا الأمر لا اساس له من الصحة مشيرا لان هذه الشائعات لن تثنيهم عن القيام بواجباتهم ، وان تلك الشائعات تهدف الى خلق بلبلة وفتنة ومن أطلقها لا يريد خيراً للبلاد ، وان قوات الدعم السريع هي جزء لا يتجزأ من قوات الشعب المسلحة ، وستظل على العهد حامية للثورة ، تقف الى جانب الشعب في كل كبيرة وصغيرة لن تثنيها مثل هذه الشائعات عن القيام بواجبها الوطني في حماية الشعب.

صراع السلطة

البعض يرى ان الامتيازات التي حاز عليها الدعم السريع دون الجيش احدى اسباب الحساسية بين الجانبين، والعلاقة توصف بالمنافسة والعدوانية ، كما ان اضعاف الجيش كان خطة منهجية من الاسلاميين انصار النظام السابق حتى لا يتم الانقلاب عليهم، ولذلك تم تخصيص أموال ضخمة لتكون هذه القوات حماية لهم ، وعقب الثورة اصبح هنالك سباق على كسب ثقة الثوار والشعب والقضاء على بقايا النظام السابق ، الا ان بعض المحللين يرون ان هذه التصريحات لا تعدو كونها تراشقات بين جنرالات السلطة ، هذا ما اشار اليه المحلل السياسي محمد علي فزاري لـ”المواكب” ان ما حدث من خلاف وتراشقات بين حميدتي وبعض قادة الجيش لا يعدو عن كونه صراع بين الجنرالات في السلطة حيث يرى بعض الضباط ان حميدتي دوره المرسوم قد انتهى ويجب التخلي عنه سواء بالتي احسن او بالتي هي اخشن لذلك كل الخلاف العميق ازداد بعد زيارة حميدتي لتركيا وقبل قيادته لمفاوضات السلام وتوقيعه الوثيقة الدستورية مع قادة الحرية والتغيير كان واضحاً ان نفوذ الرجل في تصاعد مستمر ، وسبب اخر للخلاف بين القوتين هو ان قواته الدعم السريع اصبحت قودة ردع لا تقبل بدمجها في القوات المسلحة ، واضاف فزاري انه يستبعد ان تؤدي هذه الخلافات الى مواجهات مسلحة لانها ان حدثت سوف تكون بمثابة الحريق الذي يلتهم الجميع كذلك لا توجد لدى قوات الدعم السريع المقدرة القتالية الكافية لمقاومة قوات نظامية جيدة الترتيب.

الدمج والتسريح

وقد تم الاتفاق على دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة واعادة هيكلة الجيش وفقاً للوثيقة الدستورية الا ان ذلك لم يتم تنفيذه على الأرض حتى الآن ، هذا الى جانب اعادة دمج وتسريح قوات الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق السلام اكتوبر الماضي ، وايضاً لم يبدأ العمل على ذلك الى الان وسط العديد من المشكلات المالية والأمنية والسياسية والتي دفعت لتمركز خمسة هذه القوات في العاصمة على الرغم من الرفض الواسع من الشعب ومواطني الخرطوم ، وحول ذلك قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية مصطفى الجميل في تصريحات لصحيفة العرب أن عملية الترتيبات الامنية التي تنص على اعادة دمج وتسريح قوات الحركات تواجه بتعقيدات من الجانبين، لأن قادة القوات المسلحة يقفون حائلاً أمام إتمامها حيث تخصم من نفوذهم ، كما أن قادة الدعم السريع يفضلون أن يبقى وضعهم على ما هو عليه ويكون تدريبهم وتسليحهم بعيداً عن أوامر قادة الجيش .

وليس بعيداً عن ذات الاتجاه قال الخبير الامني حنفي ل”المواكب” ان مثل هذه التصريحات لا تخدم أي قضية والافضل ان يبتعد الناس عنها ولا يتم تداولها لأنها تربك الفترة الانتقالية اكثر مما هي عليه ، وان ما يتم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي يجب ان يناقش داخل المكونات الرسمية بدلاً عن العلن والمسؤولين يبتعدوا عن هذه التصريحات ، ومسألة اعادة هيكلة القوات مطلب موجود ويمكن ان يتم بصورة حضارية واي شيء يتم وفق الترتيبات المعروفة بالقانون ولها اهلها بدلاً من ان يمليها علينا المجتمع الدولي ، يجب ان يتم ذلك وفق الترتيبات الامنية عبر الدمج والتسريح وفق القانون يراعي الحصص المتاحة ليس برغبات الناس أي ان لكل حركة نسبة محددة وان يتم دمج المؤهلين في الجيش ، وبما ان أي حركة وقعت على اتفاق السلام لابد ان يتم دمج وتسريح لقواتها .

جيش واحد

وقال الفريق محمد بشير سليمان ل”المواكب” ان قوات الدعم السريع تم تكوينها لهدف محدد هو محاربة الحركات المسلحة في دارفور وعلى الرغم من انها انشئت بموجب قانون صدر من البرلمان انذاك الا انه انشاء خاطئ ولم يكن مقبولاً للقوات المسلحة ، ومن المعروف ان أي مليشيا يتم حلها بعد اداء مهمتها ، لكن الدعم السريع اصبح موازياً للقوات المسلحة في التسليح ، ووجود جيشين في الدولة يعتبر خلل كبير ، وبما ان الوثيقة الدستورية نصت على دمج الدعم السريع في الجيش يجب تنفيذ ذلك ، لكن تقلبات السياسة والصراعات حالت دون ذلك ، والعقل يقول ان يتم الرضوخ للاندماج والا سيؤدي عدمه الى مهددات واضطرابات ، وكان الافضل منذ البداية ان لا تتدخل القوات المسلحة في السياسة ولا تشارك في السلطة وتظل كجيش يحفظ الامن ويعمل على تنفيذ الترتيبات الامنية .

ويؤكد عدد من المراقبين على ان الحال يكمن في انهاء الازمة بين القوتين وضم الدعم السريع للجيش واعادة تأهيل هذه القوات واخضاعها للتدريب على مبادئ جديدة وان الولاء يكون للوطن السودان وليس لشخص واحد ، حينها تنتهي هذه التوترات ويصبح هناك جيش واحد بعقيدة واحدة يعمل على حماية البلاد دون التدخل في ادارة الشؤون السياسية والاقتصادية .

المواكب

Exit mobile version