مجموعة قصصية (عذابات الملاك الاسمر) تحتوي على ستة عشر نصاً قصصياً في 112صفحة من القطع المتوسط للكاتب والقاص الطيب قرشي. وهي أول اصداراته..
الإنفعالات التي تسكننا، الصراعات التي تشي بعصف الأذهان، وتشقق جدران الذكريات حين تطالع المطر قبيل وصول السحاب، تشكيل الذات بحنين فائق التصور، الإلهام الواقعي الذي يضئ باحات الخيال ويسرج خيل التخيل، التراث وأشجار الحراز، الأرواح التي تقرفص وحيدة بعيداً تناجي عطف الأمكنة، فتشيخ الغرف التي لا تسع خطى المتسكعين، النوافذ التي ترتدي الستار وحيدة رفقة القمر، السفر الأبدي وهم الرحيل، صراعات الهوية والتحليق خلف رؤية الحرف، الفنتازيا والميثولوجيا، والإبداع السردي بلغة رفيعة، سلاسة الحكي التشويق وذلك بتتبع الأحداث المترابطة مع بعضها، الحكايات التي تبلل العقل ريثما تغادر ضفة الكتاب إلي حين رجعة سريعة، لأنك لاتستطيع منه فكاكاً.
الحروف المجففة المعلقة في مشاجب الكلمات، حين يراودها حفيف المعنى ترتاد أزقة ذائقتك دون علم الشفاه عبر السطور.
الكتابة المحببة البسيطة، مشاهد تشد الإنتباه وتسلب الألباب ، استطاع الكاتب في هذه المجموعة القصصية المدهشة، خارقة الجمال أن يفعل فعائل السحر ليضيف للمكتبة السودانية موهبة حقيقية ونسخة فريدة من نوع خاص من الكتابة الواقعية الكلاسيكية والواقعية السحرية، والواقعية الجريئة. تتميز بآفاقها المنفتحة، والحالات السردية المتميزة،التكثيف، التوصيف الدقيق، اللغة الباذخة، التعاير متدفقة الجمال،النستولوجيا والإدهاش وغالبا مانجده في قفل النصوص وخاتمتها دائما تكون مفاجئة أو علش شاكلة التحليق وهي سمة من سمات الإبداع وهي نافذة من أحلام الكاتب، التكثيف حيث يكون الحدث متماشياً مع فكر السرد والحكي وتغدقه اللغة الراقبة وصفا يشمل الأصوات وخصائص المكان، كما للمكان خصوصية فريدة في هذ المجموعة، المكان عند الطيب ثقافة وحياة تتحرك باتجاه الأحداث لذا يجعلك تتعلق بكل زواياه وقبيل ان تغادره تحسب نفسك أحد ساكنيه ويشعرك بالإنتماء،وقد ترى ذلك جلياً في نص (السقوط إلى أعلى) الذي يعتبر أيضاً يناقش قضية الصراعات ربما تجعل الهوية ناحية ذاك التوجه، أن يكون خارج منظومة الإنغلاق فيتمرد تماماً ويصبح مسكونا بالغلق من الراهن الذي يعيشه وتزاحم التساؤلات قلبه لتكون صنوا للهموم والنزاعات.
بضمير المتكلم والراوي العليم يخاطب الكاتب ذاك الشخص المهموم فينم عن واقعية الحكي والسرد الذي يعالج القضايا بصورة مشاهد حية قضية الهوية تعتبر من السرديات الكبري وتتجاوز المجموعة السرديات الصغري التي تخص النزاعات وصراعات النفس.
فيخاطب بطل النص أي كأنه يرسل له رسالة كمضمون للتخلص من غيمات الحزن وجعلها تسلك طريقها هطولاً لتحيل دواخله مغسولة ويسكنها الأمآن.
هذا القلق يجعل حالة الكتابة ممكنة ويجعل صدق المشاهد صوراً في مخيلة الحدث.
يقول الكاتب : تشعر أثناء نزولك بأنه ثمة أجنحة دخلك، تهفو بك عن الأرض، فلا تحس بوقع أقدامك، ولا يصيبك الرهق قط، برغم كل تلك الطوابق السبعة التي تعبرها سريعاً، تتجه صوب الشارع، وتأخذ مكانك المعتاد، بل مقعدك ذاته، قريباً من تلك المرأة، ست الشاي، لتعد لك قهوتك (السادة).
ويستمر في مخطابته والأحداث تتحرك دون ملل وذاك الشاب يضمر في نفسه كيفية مغاردته للحياة بطريقة لا يعلمها إلا هو لأنه لايجد على الأقل مايحكي له مايدور في عقله.فيستمر الحدث داخل السرد بذات اللغة البسيطة، ادرك غرفته أخيراً، وكان ممسكا بهاتفه ، فاتحا حسابه الخاص في فيس بوك، الذي لم يكن به أصدقاء، وكان على مقربة من أن يضغط على الخروج النهائ لكنه عزف عن الأمر فجأة،
في لحظة أقتربت من النافذة أزحت الستارة قليلاً التي تضبط مواعيد خروجها عليك، بعد أن الفتها وألفتك، حيث تلك المرأة العجوز ، ست الشاي، بقربها يطل رجل كهل ينقض على صحيفة كأنه يهم بإلتهامها، وكان بالقرب جمع من البنات يتوسطهن شاب تبدو عليه علامات الظرافة المحببة، كأنهم يوغلون في حديث مهم ، ولأول مرة تظهر بائعة الورد بلا دراجة تحمل إلي صدرها وردة واحدة تتلفت كأنها تبحث عن أحد ما.
كنت عاديا حين عمدت إلي إزاحة زجاج النافذة بعيداً، لم تتعثر أبداً وأنت تقف على سطحها الضيف ، لم تنظر إلي سطح الأرض الذي بدأ لك ضيقاً هو الآخر، وبعيداً أيضاً، صوبت نظرك للفضاء الرحب، وحين قمت بإفلات قدميك كانت تلك السحابة لا تغادر عينيك، برغم إغماضك لهما، كما لم يرتطم جسدك بالأرض قط ، حتى بعد دقائق كثيرة، ساعات ، أيام وسنين.
يناقش الراهن المعيشي والإجتماعي والسياسي بقص واقعي ، حيث أحداث تتنقل بين السطور لتحدث ذاك التمرد على الواقع الراهن.
كان يسكن في بناية عالية في طابقها السابع، حيث ينظر من مكانه إلي المرأة العجوز ، الست الشاي وإلي جوارها ذاك الكهل الذي ينقض على الجريدة، وكذلك طلاب الجامعة، وبائعة الورد، ينزل لشرب القهوة ولا يآبه للمتسول الذي يطلب منه المساعدة بحركة سريعة تعني (الله كريم) برده زاعما أن كل من يشحذ فهو محتال، يجلس ويطلب القهوة السادة ولم يحادث أي شخص كأنما ترك الأمر لتنوب عنه النزاعات الداخلية وتتملكه حالة من الرفض، لم يكترث لبائعة الورد، لكن ماشده حقا، دموع تلك العجوز عندما اراها الكهل صورة شاب انتحر شنقا في غرفته، تلبسه المشهد وقرأ من عيون ست الشاي صورته بين دمعها وكان بكائها على الشاب بمثابة رثاء له لانه يعلم إنه في يومه الأخير ولا أحد سواه يعلم.هنا تكمن القضايا الإنسانية وفي كل نص تلتمس ذلك والنزعة الإنسانية تتوجها الإنفعالات والإشتغال بالهموم ومناقشة الراهن من بطالة وأطفال شوارع وبائعات الهوى.
اللغة السليمة والتعابير السلسة، مضامين اللغة تمشي جنبا إلى جنب مع الأحداث في كل النصوص، وتسير كتف بكتف مع الأمكنة، وترافق دقة الوصف وفضاءات السرد، كل ذلك كان مقدراً حيث يجعل من الجمال ممكناً في جميع النصوص، جمال اللغة لم يفقد الأحداث بريقها، أي كان الحدث واضحاً والتوصيف له دقيقا مما سيساهم في مساعدة القارئ، ليتوغل في عمق ذاكرته.
الأمكنة التخيلية التي وردت في بعض النصوص يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمكان ما في ذاكرة الكاتب مما يجعل صوت نداء الذاكرة واسترسال مواعدة الأحداث في ذاك المكان، يأتي من سحيق الحكايات، دخولك لأي نص يفرد لك مساحة خاصة جداً تجعلك تغوص بعيداً، عند العودة تكون قد آتيت محملاً بعبق تلكم اللحظات والتي ربما لن تفارقك طوال تذكرك النص او استرجاعه في شكل فلاش باك من الحكي والفضاء السردي الماتع.
في نص (تقمص).
يظهر الإبداع الحقيقي في خلق الأساطير التي تجوف فضاء السرد بخاصية الواقعية ، كان بطل القصة يتقمص كل روح يسمعها في كل حادث من قط بري إلى أن فقد طريق العودة إلي المنزل لغة الحكي تجعل من التشويق رفيقا للقارئ، وأخيراً يصل به الحال أن يصبح أخطبوطاً
فالختام المدهش للقصة كان على النحو التالى..
لحظتها توقف عن القفز، وبدأت أظافره التي كانت طويلة تصغر، وأخذ صوفه الأشقر يتساقط، وأنيابه الحادة تختفي، ولكنه بدأ يشعر بمجسات تنمو على جسده، ورغبة ملحاحة في العناق تغمر روحه..
للناظر والمتامل في نص (الخيار الثالث)..
يمكننا القول بأنه ضمن المدرسة الواقعية التي تهتم بالمكان ومدارسة الأحداث من خلال السرد بلغة يكتنفها الوضوح وشفافية الدور الذي تبرزه الشخصية،
حيث يتحدث النص عن حياة العاهرات بمفردة جريئة جداً ليصف فيها الدور الذي تقوم به العاهرة وكيفية استحقاقها للأجر.
المكان الواقعي شارع عبيد ختم حيث تتم فيه بداية الحكايات مع الزبائن، وكثيراً ما تنكر سنها وتتجاوز عمرها لتصبح فتاة صغيرة بردم التجاعيد وفجوات الوجه بكمية المساحيق الهائلة التي لا تآبه في وضعها على الوجه لتظهر الحسن الذي يجعلها تنافس اليافعات.
يبدأ الحدث بالسرد حيث تقف أمام المرآة متفقدة علامات البؤس والشقاء محاولة إزالتها واخفائها، ثم تخرج ليلا بحثاً عن رزقها المقدر.وقد تصادف زميلة لها تعمل في نفس المهنة لكن بمواصفات مختلفة وهئية مختلفة أيضاً. فجيمعهن لهن خياران في طريقة التعامل مع الزبون إلا إنها تعرفت علي خيار ثالث حيث يقول القاص:على لسان بطلة القصة ..
نحن معشر العاهرات صاحبات الدوام المسائي ، ليس لدينا سوي خيارين، فأيهما تختار؟؟
لا اعرف كيف وجدت نفسي داخل سيارته، لكنني أذكر جيداً انه احتضني بقوة، كأنه يتنهد في صدري، كطفل يتوق إلى الهدهدة لينام. وضع رزمة من النقود بداخل حقيبتي، التي لم يكن بها غير ثمن الرجوع إلى البيت، ثم ساعدني على فتح باب السيارة، انسحب من المكان سريعاً، وتركني متسمرة هناك بينما أفكر لأول مرة في ذلك الخيار الثالث الذي عرفني عليه للتو.
هكذا كان يتمثل أحد الجوانب التي يجب ابرازها حول الواقعية في أنه لا يقتصر على احتواء انعكاسات الواقع المحيط، ولكن يتعلق بمستوي الإهتمام الذي يستحقه الواقع ليكون كائنا ادبياً ، هكذا ولد التيار الواقعي استجابة لحاجة اللحظة التي طالبت باظهار الجوانب المرئية في البيئة، في هذا السياق الأدبي من خلال المثالية يصبح الخطاب الواقعي اتجاها ادبياً وفنيا بشكل عام.
في الواقع لايضيع شيء لا توجد موضوعات معلقة ، الواقع وكل ماتحتويه هو بطل السرد والقص والحكي .
كل الشجر يكتسي خضرة في فصل الخريف مانحاً المشاهد صوراً زاهيةً ومبشر بمشهد يفضي إلى التوغل في طيات النفس السعيدة، إلا شجر الحراز ذاك الشجر الذي يفقد كل اوراقه في ذاك الفصل، وكأنه يجافي المطر ورد تشبيه الأم في نص
(وجه على مرآة متصدعة). بأنها شجرة حراز فمنظرها يشي بتساقط الأوراق، رغم أنها في موسم الخريف، وهذه دلالة رمزية دقيقة جداً وتعبير يفوق الحنين بمسافة شهقة من القلب وزفرة من وجدان يسكنه غبار السنين محبة، تدل على أن البنت ذات الأربع عشرة ربيعاً تغادر ديارها، لكنها مغادرة داخل أزقة الحياة التي يمكن للمرء التنقل فيها تاركاً مكانه شاغراً وليكون إضافة إلى حيث يذهب.
إنها غادرت إلي مكان جديد لتري منه تلك النجمة التي ينثال منها الضاء، تزوجت وستفارق أهلها والمكان، وسيصبح فراشها فارغاً سابحاً في ضوء النجوم ليتلقف الذكريات،وتبلله الأشعة الواهنة التي لم تزل ترسلها تلكم النجمة.
يقول الكاتب:
“إنها الثالثة فجراً، ربما ينقص الوقت أو يزيد، ففي كل يوم تبتعد نجمتان كبيرتان عن زمرة النجوم لتستقرا بمحاذاة بيتنا، وتحل ثالثة بينهما، نجمة صغيرة لكنها تفوقهما ضياءاً، في هذا الوقت تماماً تصحو امي لتراقب بحنو ذلك الفراش الذي أصبح خالياً”
قبل رحيلها من الديار كانت عندما تصحو يدور حوار بينها وبين أمها بصورة لطيفة ولغة رقيقة محببة إلي النفس تنم عن محبة الأم غير المشروطة، فتسأل أمها عند كل صباح ، بعد ان احتضنتها بقوة ودفء ثم قالت وضياء كضياء النجمة الصغيرة يشع من عينيها : أن النجوم عرائس السماء، هي مخلوقات مثلنا تماماً لكنها تفوقنا إيثاراً إذ تخصنا بالرعاية، فالقمر الذي كان يتبعك أينما ذهبت، أنما كان يرعاك ليلاً، ولا يبتعد إلا بعد أن تنامي ثم يبتعد ليحترق، ثم يتحول إلي شمس ليرعاك نهارا.
فهنا تظهر النوستالجيا حيث الحنين للوطن والعودة إلي الماضي بشعور غامر من المحبة ولكن قد يلا يتمكن الإنسان من فعل ذلك ويظل أسيراً للحنين والدموع تخضب منه الأجفان كما ستلازم هذه الحالة تلكم الفتاة.
في نص (لعنة آرتميس) ..
مزج الواقع بالمتخيل فكان الخيال عبر ممرات السرد واقعاً يسحر الأحداث فيحيلها إلي دهشة فاغرة الفاه وربما يفقدها حاسة التتبع لتلبس حللاً من الوله وعشق الفانتازيا.
البطل هو كاتب قصصي له سماته وطريقته في الكتابة، ذات مرة حاول كتابة قصة رومانسية بإيعاز من رئيس تحرير أحد الصحف اليومية ذائعة الصيت.
لأنه وجد فيه كل صفات الكاتب الناضج، فطلب منه أن يكتب عن أسرار الناس الدفينة، ليسدد أهداف صعبة في مرمى المجتمع المكبوت.
هذه رمزية ساخرة جداً من الكاتب تجاه بعض الذين يقومون بدورهم التنويري في المجتمع المثقف. وفاجاءه بالتحفيز حالما يقوم بالدور الذي طلب منه،
حول البطل القضية لصالحه حين تذكر أن لديه مجموعة قصصية في دار نشر ويجب أن تطبع وعليه سداد الإلتزام المالي، لذا تحلى بالصبر ولم يرد عليه ووافق بالعرض. أن يكتب قصة أسبوعية عن كوامن المجتمع المكبوت.
فكتب عن آرتميس تلك المرأة المومس، فكان لها شباك سحرية تصطاد بها رهائنها من الرجال، وعلى حسب إنفعالها الداخلي اللحظي تكون فريستها.
لتكون القصة مدهشة جعل منها قاتلة بعد الإنتهاء من العملية السحرية، وجعل النهاية مفتوحة ، فتبدت كلعنة حلت على جميع الرجال وحاقت بهم، واصبحت القصة تريندا وتداولها الناس في جميع وسائل التواصل.
فذاع صيت الكاتب على إثرها.وتم تحفيزه بعد المكالمة ذهب إلي الجريدة ليستلم الحافز، لكنه تفاجأ بتلك المرأة التي تقف في ركن بعيد
فأخذت تلاحقه في أي مكان كلعنة أبتدرها ولم يجد منها مفراً، ليلاً أوى إلى فراشه بعد أن أحكم إغلاق باب غرفته، ولكن ما حدث معه جعله يظن في بادي الأمر أنه مجرد هلوسات لا منطق لها ، لكنه بعد ذلك لم يجد تفسيراً، لباب الغرفة الذي وجده مفتوحاً.
هنا يأتي دور الكاتب في كتابة الفانتزيا، ويظهر في إدراج العناصر الخيالية داخل إطار متماسك ذاتياً (متناسق بالداخل)حيث يظل الإلهام النابع من الاساطير والسحر فكرة أساسية منسقة، بداخل هذا الشكل ويمكن تحديد أي مكان لعنصر الخيال فقد يكون مخبأ، أو قد يتسرب إلى ما قد يبدو عالماً حقيقياً، كما يمكن أن ترسم الشخصيات في أي عالم باستخدام هذه العناصر أو قد توجد كاملة في إطار لعالم خيالي، حيث تكون هذه العناصر جزءاً من هذا العالم.
كما قال الفرنسي جون دابليو كامبل : أن أحداث القصة من المستحيل أن تتحقق إلا أنها تتبع قوانين ولها إطار منسق داخلياً
هنا نجح الكاتب في خلق أسطورة داخل قصص كاتب ابتدره الكاتب الحقيقي قص داخل قص وسرد يكمن في أعماق سرد سحري بديع..
عذابات الملاك الأسمر)
“سافعلها هذه المرة..
وكمن يمخر عناء محاولات الأمس الفاشلة، فقد غاصت يداي عميقاً داخل ذلك الطين الذي كان ماثلاً امامي، كان ثمة تمثال ضخم ، يتشكل على يدي، بنحو بالغ الدقة، إنه ذات التمثال الذي مافتئت صورته تطارد مخيلتي، منذ ما اشتعل بروحي جمر الرغبة الملحة في رسمه وانجازه”
الهموم والقضايا ودواعي النفس من سبر أغوارها وتحديد مكامن الأحلام فيها توقاً إلي التحليق بعيداً بلون الهوية المبتغى كان الأسم الذي تحمله المجموعة البارعة نصا يعالج هواجس النفس نوازعها وصراعاتها والأسلئة التي لم يجبها الأدب ولم تجبها القصص فكان مجرد أسئلة مفتوحة الخيال مشرعة النوافذ للعقول ليتداعي كل من يمرمن خلالها واضعاً بصمة عينه على الحروف وبصمه دهشته على عمق تناولها للموضوعات المختلفة.
الإهداء كان مدخلا مطلبياً من روح الكاتب في رفق، نثر حروفه في لحظة لاوعي الكتابة بل بمنطق الوعي والإدراك كان بمثابة سحنة تميزه وتجعل كل من يراه رافعا سبابته إنه هو نعم، إنه ذلك الفتى المبدع البارع الذي حلق بنا في عوالمه التي كانت تخصه بعد أن فقدت تلك الميزة وأصبحت تخص كل مهموم بقضايا الإنسان بعد أن يطلق على كاتبها البارع في نسج الخيال، الإنسان..
“إلى كل من هوت به الأيام في مكان سحيق، دون أن يجد أحداً ينتشله، أو يداً تمتد إليه.
إلى كل الأصوات المكبوتة، التي تئن من الداخل، دون أن تقوي حتى على الصراخ”