28 فبراير الماضي لم يكن يوماً عادياً بامتداد الدرجة الثالثة مربع 8، فعند الرابعة عصراً، فر أفراد الأسرة عن بعضهم، وأغمي على بعض أهل الحي وفاق النائم فزعاً، بعد أن تساقطت مقذوفات دوشكا على عدد من المنازل، فأحدثت انفجاراً عنيفاً حول مساءهم إلى ليل دامس، ورُعب وهلع.. وسقطت القذائف بميدان كرة القدم، وبحسب المواطنين فإنها تجاوزت الـ(20) قذيفة.. مصادر مطلعة كانت هناك وتحدثت مع بعض سكان الحي .
البلاغ صحيح
بعد أن فاق أهل الحي من هول الصدمة، أخذ بعض الشباب المقذوفات وذهبوا إلى قسم شرطة امتداد الدرجة الثالثة، ودونوا بلاغاً بالحادثة، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر .
وأكد مصدر شرطي أن البلاغ صحيح، وأن التحري مستمر، وأنه تم إرسال الظروف إلى المعامل الجنائية للوصول إلى نتائج .
حالات إغماء
وصال إلياس كانت تجلس في (حوش) منزلها، وأعدت شاي لجارتها، وأثناء تبادلهما الحديث، رأت أن جسماً غريب يقترب منها، أدارت وجهها، ووقع المقذوفة بالقرب منها، ولأنها تعاني من الضغط، وأزمة الصدر لم تستطع أن تتحمل الموقف فأغمي عليها ، وتم إسعافها إلى المستشفى .
وصال ما تزال تعاني من مضاعفات الصدمة، ولا تستطيع النوم، وتخاف على أبنائها، وتقول لهم لا تناموا في (الحوش) حتى لا تأتيهم قذائف أو رصاص طائش لذلك فالأفضل الغرفة، وأصبحت قلقة على أبنائها عندما يغادرون المنزل، وقالت إنها لم تعد تشعر بالأمان .
استقبال بالحلوى
حتى مساء أمس، يستقبل مواطنو الحي الزائرين من الامتداد وخارجه، حامدين الله أن حفظ أرواحهم، يوزعون الحلوى والعصير، ويعيدون سيرة ذلك اليوم بنفس الألم، وتلاحظ أن النساء هن الأكثر ألماً تفيض أعينهن من الدمع وترتجف أيديهن .
اما الاطفال فارق النوم أعينهم ويذكرون جيداً تفاصيل اليوم، وكيف أنهم ظلوا تحت الأسرة لدقائق، وهم يصرخون، ويذكرون أنهم كانوا يضحكون ويلعبون وبعد لحظات تحول حالهم إلى العكس تماماً، وهي المرة الأولى التي يشاهدون فيها هذا الأمر، بعضهم قال إنهم لا ينامون في الليل، ويتوقعون أن يتكرر هذا الأمر، عندما حمل إليهم ذووهم إحدى الطلقات التي يحتفظون بها، فروا هاربين، ووضعوا أيديهم على أذنيهم، ورددوا (طاخ طاخ ).. بعضهم لا يخرج للعب في الميدان ويفضل البقاء في المنزل.
عزيز لديهم
إمرأة خمسينية بعد أن سمعت صوت العالي، صاحت بصوت عالٍ لأبنائها أن (ادخلوا تحت السرير)، سريعاً استجابوا لها، لكن أحد الأسِرة اخترقته إحدى القذائف، تعالت أصوات الصراخ، وخرجوا جميعهم من المنزل ليجدوا أن مواطني الحي في الشارع، وكل يسأل جاره (الحاصل شنو؟)، فلا أحد يعرف من أين جاء الرصاص؟ حمدوا الله أنه لم يصب أحد بأذى ولم يفقدوا عزيزاً لديهم، رغم أنهم جمعوا ما لا يقل عن (20) قذيفة.
مسألة صعبة
محجوب مأمون وهو ضابط بالمعاش، وقعت قذيفة في منزله، واخترقت سقف الغرفة، ثم سقطت على الارض وتركت أثراً وكذلك على دولاب الملابس، وقال توجد (3) حالات مماثلة بالحي، واضاف: “قمت مفزوعاً من السرير، وكنت أتخيل أن أنوبة الغاز قد انفجرت، و(جريت حفيان)، وجريت الشارع، فوجدت أهل الحي وهم خرجوا في وقت واحد، لأن المقذوفات سقطت في وقت واحد، وكانت مسألة صعبة .
مشيراً إلى أنه ربما تم إطلاق القذائف من سيارة تقف بالقرب من مستشفى الجودة، وأضاف: “واضح أن هذه المقذوفات تم إطلاقها من دوشكا في عربة، وأنها لا يمكن أن يتم استخدامها في الأحياء السكنية، مؤكداً ضرورة معرفة من مصدر إطلاق النار؟ ولماذا؟ .
حادثة مروعة
د.سامية عبد القادر إحدى من وقعت القذائف في منزلها، أوضحت أن مقذوفات الدوشكا عمدت على ترويع من يظنون أن بيوتهم مأوى آمن لا يطالع بطش المتربصين بشرفاء النضال الوطني في سوح مليونية الثامن والعشرين من فبراير، مشيرة إلى أنها طالت خمسة منازل وروعت سكان المربع والمربعات المجاورة عند سماعهم أصوات الأعيرة ، لافتة إلى أنه تم فتح بلاغ بمخفر الشرطة، وحضر المتحري، وأبان بأنها حقاً من مدفع دوشكا .
وقالت عبد القادر لولا ستر الله لكانت عواقبها وخيمة ولكن الحمد لله ألا خسائر في الأرواح، وتذكرت المقولة المشهور (حدث ما حدث)، وتساءلت على من أطلقت القذائف؟ ومن أين اتي مصدرها، ورأت أن هذه الحادثة المروعة لم تجد اهتماماً من الجهات الأمنية تحديداً، ولم تتم متابعة البلاغ، وإفادات المتضررين بهذه المدافع الثقيلة؟ومن هو المسؤول عن إطلاقها إذا كان الجيش والحكومة ينفيان بكل قوة استخدام القوة ضد المتظاهرين، لافتة إلى أن هذا السلاح يُستخدم للطائرات وفي أرض المعارك، وليس للمواطنين العزل السلميين .
بكاء النساء
عدد من شباب الحي كانوا يلعبون كرة القدم بالميدان، وعندما وقعت المقذوفات ، جلسوا جميعا علي الارض ، وطلبوا من الأطفال الموجودين كذلك، وبعد لحظات قاموا وجمعوا المقذوفات، واسرعوا إلى الحي، بعد أن سمعوا صراخ الأطفال وبكاء النساء، وتلقوا اتصالات من الأحياء المجاورة للاطمئنان عليهم، بعد أن سمعوا دوي انفجار، وبعد دقائق جاءوا ليعرفوا ماذا حدث بالضبط، وبحسب شباب تحدثوا لـ(السوداني) بأن كان يوماً غير عادي، مشيرين إلى أن القذائف التي سقطت بالمنازل نحو (25) قذيفة، وتخوفوا من تكرار الحادثة التي روعت أمن سكان الح ، مشيرين إلى أنه تم تدوين بلاغ بالرقم (٨٣) على ٢٠٢٢ المادة (٤٤) إجراءات.