في تسعينات القرن الماضي قامت لجنة مكونة من عدة جهات رسمية بزيارات للدول التي تحتضن اكبر عدد من السودانيين وقامت اللجنة بعرض ميزات كثيرة لهم من ضمنها قطع اراضي سكنية واستثمارية ،على الورق وبالبروجكتر كانت اراض مميزة في مناطق جميلة مشجرة وبها مرافق خدمية وصحية وميادين وأشجار باسقة ومساحات مخضرة ،ولكن عندما عاد الكثيرون منهم إلى الوطن وجدوا أن أراضيهم عبارة عن صحراء جرداء تقع شمال غرب ام درمان في منطقة لا يسكنها بشر ولا حتى حيوان اعزكم الله ،وإذا بالاراضي التي تساوى عشرات الآلاف من الدولارات لا تساوي فعليا أكثر من ستمية جنيه حتى أن تاجر اراضي تملك منها الآلاف من القطع
سقت هذا الحديث لاوضح أن المغترب السوداني عانى كثيرا في الماضي وذلك لعدم الإهتمام الرسمي ،ولكن بحمد الله بعد زيارة إلى جهاز المغتربين بعد غياب طال وجدت الكثير من التغييرات التي يجب أن تؤخذ مأخذ الجد وان تسايرها مؤسسات الدولة ليس لخدمة هذه الشريحة المهمة التي تبلغ ربع السودانيين فحسب بل للافادة من جهدهم وتغربهم عن ديارهم ، وأول الخطى الرائعة التي تلمست اتجاهها هي تحويل الجهاز إلى مفوضية وهذه المفوضية باتساع مهامها وقوة (عظامها) اذا صح التعبير ستكون أولا حاضنة لكل من وضع رجله خارج البلاد طوعا او طمعا او كرها ،فهذه المفوضية حسب تصريح امين عام الجهاز الأستاذ مكين حامد تيراب ستقدم خدماتها للمغتربين النظاميين والمهاجرين غير الشرعيين ورجال الأعمال خاصة الذين تضطرهم الظروف للبقاء خارج البلاد فترات طويلة واللاجئين إذ أن اللاجئ الذي خرج من دياره كرها يجب أن تعامله الدولة التي لجأ إليها باحترام كونه يحمل الجواز السوداني وأشار السيد المفوض أن ربط المغترب او المهاجر ببلاده يفتح له اكثر من باب للعودة
من الاشراقات التي خرجت بها من جهاز المغتربين أن الجهاز او المفوضية المستقبلية ستطلق بمشيئة الله اكبر مشروع استراتيجي بعد الثورة الا وهو البوابة الالكترونية الاضخم في السودان إذ أنها ستكون مرتبطة مع كل أجهزة الدولة ومتواصلة مع كل دول العالم لخدمة اي سوداني مهما بعدت مسافته من بلاده وايا كانت البقعة التي يوجد بها ولعمري هو مشروع ضخم سيرفع الحرج عن الكثير من مؤسساتنا التي تحبو على الورق وتتدثر خلف مقولة الشبكة طاشة في القرن الحادي والعشرين.
ثم ماذا بعد ؟
بالتأكيد هي إنجازات خلفها عدد كبير من القوة العاملة لها اليد ال القاصي عليا في خدمة البلاد والعباد ولكن لابد من مايسترو يدير هذه القوة لعزف مقطوعات يطرب لها الوطن وتصبح اناشيد يتعرف عليها القاصي والداني ويجد فيها لحنا سودانيا مميزا ،وبرغم عدم معرفتي اللصيقة بالأخ الأمين للعام للجهاز وللمفوضية مستقبلا بإذن الله الأستاذ مكين حامد تيراب الا انني وجدت فيه هذا الانفتاح على العالم وهذه المعرفة الدافئة لبلاده مع التعامل غير المتكلف مع موظفيه وزواره على حد سواء وفي رأيي المتواضع هي اللبنات التي تصنع النجاح ،وبحمد الله أثناء كتابة هذا المقال وصلني خبر يفيد أن الجهاز بدأ فعليا في استصلاح اراضي منطقة الوادي الاخضر التي لا تهم المغتربين فقط بل تهمنا نحنا الإعلاميين بصورة أقوى وفي هذا سيكون لنا حديث آخر بمشيئة الله