عندما احتدم الصراع واشتد القتال في الخرطوم حيث كنا نقيم انا وأفراد الأسرة الكريمة في امان وطمأنينة كاملة وسط الاهل والجيران وتدور عجلة الحياة بصورة طبيعية ونحن في تمام الرضا الا ان ويلات الحرب كانت سبب في زرع الخوف في نفوس أبناءنا بالرغم من ذلك كنا نطمئنهم ونحاول ان نكون طبيعين بقدر الإمكان الا ان زيادة وتيرة الحرب وشدة أصوات المدافع كانت سبب في ترويعنا نحن الكبار وارتفاع نسبة الجريمة في ظل غياب الأمن كل ذلك كان سببا في نترك مدينتنا الغالية الخرطوم التي ولدنا بها ولا نعرف غيرها اما واب الخرطوم التي بدأءت بها صرخت حياتنا الاولى و شهدت كل مراحل عمرنا وشهدت مدارسها كل مراحلنا التعليمية من الأساس والى الجامعات بمختلف دراساتناو تخصصاتنا الخرطوم تلك المدينة الحالمة التي أسرتني بجمالها وملا عشقها قلبي رغم تجوالي في كثير من ولايات السودان وكثير من المدن وزرت عدد من العواصم العربية الا ان عشقي للخرطوم يسيطر علي تماما ولم استطع البعاد عنها كثير فهي مدينتي المفضلة أعشق بزوغ فجرها وطلوع شمسها وضحاه الذي يفجر طاقاتي وظهيرتها التي تعج بالنشاط وعصرها الجميل ويدهشني غروب شمسها وهي تلملم خيوطها الذهبية ملوحة بالوداع وزوجها الي اقصى الغرب و ياثرني ويثير لواعج شجني ليل الخرطوم هذه البقعة الجميلة التي تشبةالعروس في ليلة زفافها في كامل زينتها
اااااه على الخرطوم
عندما قررنا الخروج منها كان القرار السبت والأسباب التي ذكرتها وأضيف عليها انقطاع الماء والكهرباء
بداء افراد أسرتي في تجهيز حقائبهم وانا رغم قناعتي بأن المغادرة هي الخيار الوحيد الا ان عشقي لبيتنا وحياتنا فيه كان يسيطر على عقلي واحس كأني مشلولة لا استطيع تجهيز حقيبتي انا وأولادي في مساء السبت نمت وكلي امل في ان يحمل الصباح بشريات تجعل لنا خيارات اخري غير المغادرة وللاسف كان الليل يحمل الويل لنا من صوت الرصاص الذي يطلقونه الدعامة داخل الحي لأسباب لا نعرفها الى الان ودوي الطائرات وأصوات انفجارات متباعدة واتى الصبح يحمل في نوره الحل الوحيد وهو ان نغادر الخرطوم بعد الحاح من أفراد الأسرة وقولهم اخرتينا ذهبت نحو الدولاب لأجهز حقيبتي انا وأولادي وعيوني تمتلئ بالدموع على اننا سنغادر بيتنا مجبرين والله اعلم سنعود ام لا سنغادر مكان بذلنا فية مجهود السنين وكل شئ فيه يحكي قصة كفاح اخواني سنغادر مكان كانت لنا فيه صولات وجولات من الفرح والحميمية واللحظات الجميلة
مكان كنا نجتمع فية مع اعز الناس وهي الوالدة وبعد رحيلها لم نفترق كنا نعيش علي ذكراها فيه وصدى صوتها وحنينها الذي يعطر المكان والدفء الذي نحسه لمجرد انها كانت هنا
خرجنا من أهم رقعة مكانية في حياتنا متجهين إلى جذورنا واصولنا في الولاية الشمالية رغم شوقنا الى أهلنا وحنينا لهم الا ان كل هذا لا ينسينا مر الرحيل والهجرة الجبريةواضف على ذلك ما واجهنا في الطريق من ويلات الحرب من ما زاد حزني على الخرطوم لقد نجونا من الموت في أكثر من موقع وكانت ارتكازات الدعم السريع بمثابة عصارة تعتصر قلبي الم وحزن على بلدي التي صرت فيها ذليل بلدي التي لم اتخيل مجرد خيال مايحدث فيها الان بلدي التي طالما كنت أفتخر بتاريخها الذي شوهت معالمه ودمرت متاحفه بلدي التي عشقت نيلها وسماءها زهدت حبا في ترابها بلدي التي حوت كثير من معالم الجمال وتغني لها الشعراء فخرا وعشقا ونثرا ولم يكتب فيها الهجاء سأكتب رغم الحزن ورغم الالم عنك يابقعة الجمال لانك جزء مني ودمي الذي يجري في عروقي من ماء نيلك العذب سأكتب فيك كل يوم بطولة وحكاية زمان يحوي الكثير من العبر حتي تتوارثها الا جيال سأكتب عن صمودك وعن كفاحك وتضحياتك ودماء أبناءك سأكتب قصة الغدر والخيانة التي استباحوا بها أرضك وعرضك وسيسطر التاريخ بسالة من ماتوا فداء لك وسوف نورخ في تاريخنا من دفع مهرك غالي في حوش القيادة العامة ومطار الخرطوم والقصر الجمهوري سنكتب قصة نضال من حمي البيوت والحواري ستكتب ونكتب كل يوم قصة بطل مثل مكاوي الذي أدهشني بحبه للسودان وحبه لرمز البلد وحبه للكاكي الذي تلفحها ثوبا الى الفردوس الاعلى ستكتب كل يوم قصة حتي تضاء انوار مدينتي الخرطوم ونغني فيها غناء النصر ونقيم فيها سراديق العزاء لهؤلاء الأبطال ونرسم صورهم علي جدران الحوائط والزمن دمتم في جنان الخلد ياابطال
ونكتب حتي يصفي سماء الخرطوم من رصاص الحقد والغل والخيانة
دمت يا سودان حر ان شاء الله
ويتواصل حنيني إليك يا الخرطوم فانتي في دمي 🌹🌹🌹
رغم الجراح 💔💔💔
سنعود قريبا ان شاء الله
المجروحة صاحبة القلب النازف
هيفاء حسن