Site icon المجرة برس

د. الزبير الطيب محمد يكتب .. برق الامل

لا أعرف من أين أبدأ، وكيف أكتب؛ والمداد لا يمكنه إيقاف الدَّمع بين السّطور، ولا أعرف كيف أستقر وأثبت؛ والأنامل ترتعش حزناً على ما حلَّ بعاصمة السودان؛ عند انطلاق شرارة الحرب، و قذائف النيران، وحصار السماء بجبال من الركام و الدخان!

ليت شعري! كيف كانت ترقبُ جموع المغادرين؛ وهي تودِّع مجبرةً ملتقى النيلين !
لا أجد لهم إلا قول ابن الملوح:
نظرتُ كأنِّي من وراء زجاجة
إلى الدَّار من فرطِ الصبابة أنظرُ

فعيناي طوراً تغرقان من البكا
فأعشى وطوراً تحسرانِ فأبصرُ

كيف حالهم حين فارقوا ديارهم، و هجروا مراتع الصبا، وميادين الأعمال لا لشيء إلا لأنهم أصبحوا على أصوات الحرب الغادرة هاربين من جموع التمرد الهادرة؛
التي ملأها الحقد وحركتها الضغائن؛ فعاثوا في الخرطوم فساداً لم تشهده من قبل!

جاءوا فأخرجُوا النَّاسَ من ديارهم قسراً، وكانت عاقبةُ من عارضهم أو قاومهم قتلاً وخُسراً..

فدمَّروا ونهبُوا واغتصبوا في مشاهدَ لا يعرفها أهل السودان في تاريخهم الطويل، وأفعال لا يمكن أن يتصوَّرها معدنهم الأصيل !

نفوسٌ زادُها الشَّرُّ ووقودُها الظُّلمُ والطغيان والقهر وهي تخادع في تناقضٍ عجيب العالم بأنَّها تسعى لإحلال الدمقراطية!

وحوشٌ يرتدون أزياء البشر، لا يسمعون إلا لقائدهم، ولا ينقادون إلا لشياطينهم..

إزهاقُ الأرواح عندهم أسهل من شقِّ حبات التسالي؛ فلا كبيراً يوقِّرون ولا صغيراً يرحمون كلابٌ مسعورة وذئابٌ مأجورة!

ومع كل تلك الغشاوة والظلام يبرق أملُ العودة، ويزداد طموح العاشقين لأرض الخرطوم فجراً بعد ليل وعماراً بعد خراب؛ تحمله دماء الشهداء، ممزوجاً بنصر خالق الأرض والسماء؛ وحينها سيفرح إن شاء الله العائدون، ويردِّدُون أمر المؤمن كله خير..

٢٦ذو القعدة ١٤٤٤هـ
١٥يونيو ٢٠٢٣م

Exit mobile version