ورحل سليمان حمودة ,رحل الشفيف الراقي ,حامل لواء التعليم منذ اكثر من ثلاثين عاما لم تزده الا قوة واصرار على تعليم النشء، رحل بعد ان وصله خبر وفاة شقيقته فلحق بها بعد اقل من خمس ساعات، ولمن يعرف سليمان حمودة كان عليه ان يتوقع رحيله هكذا فالرجل لا يحتمل رحيل احبابه ابدا وتجده ساهما ما ان يصله خبر وفاة احد من معارفه. قبل وفاته بعدة ايام دخل موقع الدلنج بالواتساب واعتذر عن انقطاعه عن المداخلات بسبب المرض خاصة وان جميع مداخلاته كانت عبارة عن دروس مجانية في التاريخ والثقافة خاصة فيما يتعلق بمدينته الحبيبة (الدلنج)التى زارها قبل اسابيع لعيادة اخته المريضة التي رحلت قبل وفاته بأقل من خمس ساعات كما اسلفنا، وسليمان حمودة النيل كان من اكثر اساتذة المدينة صرامة الا انه اكثرهم حنية اذ يتابع تلاميذه اجتماعيا ويحاول حل جميع مشاكلهم لذا فعندما افتتح مدرسته الخاصة لم تزده الا زهدا وتواضعا في حياته وماكله مشربه
ثم ماذا بعد؟
نعم ان رحيل استاذ هو رحيل امة ولكن رحيل الاستاذ سليمان حمودة هو رحيل امم بحسبان انه مدرسة متفردة في كل شئ ,في طريقته في التعليم وحياته الاجتماعية لذا فقد كان تشييع جثمانه بمقابر حمد النيل عبارة عن استفتاء جمع اناس لم اكن اظن ان لهم علاقة به او بالدلنج اذ وقف طويلا قبل وصول الجثمان الفريق شمس الدين كباشي واللواء خليل باشا والعقيد محمد حسن الدولي والاستاذ عبد الله بيتر احمد عجبنا(حفيد السلطان)وقبيل عودتهم الى مهجرهم جاء عبد الرحمن عبد الفراج اميقو ويوسف مساعد وكثيرين لا مجال لاحصائهم هذا غير جيرانه وتلاميذه وضجت الاسافير بالبكاء فارسل الصادق يوسف قصيدة بكائية في رثائه وهكذا قبرنا كنزا من المعرفة وعلما من اعلام مدينة الدلنج وعدنا يلفنا الحزن ولسان حالنا (انكسر المرق واتشتت الرصاص بعد ود حمودة مين البيلم الناس)