المقالاتعمر الكردفاني

بيت الشورة عمر الكردفاني.. سليمان حمودة، عندما تبكي المدينة.

1.2kviews

جاءني صوته هادئا عميقا يتهدج ألما وهو يعزيني في وفاة والدي عليهم رحمة الله جميعا، قال لي في كلمات مقتضبة انني في الطريق اليك اخي عمر وما ان بدأت في استقبال المعزين حتى كان من اولهم يقدم مجموعة نيرة من ابناء مدينتنا الفاضلة مدينة الدلنج ,اندهش اهلي (البيولوجيين) من العدد الكبير من ابناء مدينة الدلنج وتباين سحناتهم فاوضحت لهم اننا هكذا في الدلنج ولدنا وترعرعنا وكبر ابناءنا ولا زلنا نجهل قبائل البعض حتى ان احد اعمامنا من مدينة الدلنج التقى عمي مصطفى سليمان واغلظ عليه القول عندما اراد عمي مصطفى ان يثبت ان والدي هو شقيقه فقال الاخر بل هو من ابناء قبيلة النيمانج الاصيلين فصمت عمي مصطفى وهو يتعجب لهذا الانتماء الغريب من سحنات مختلفة لمدينة واحدة، وصل الاستاذ سليمان حمودة وبمعيته طلابه وزملاءه من احبابي بمدينة الدلنج ابناء علي تية وابناء عمر احمد وابناء اخته ابناء محمد حسين كالتكس وابناء جولي ارقوف والحنين جدا ابراهيم موج والكثيرين ممن لا يجمعهم الا سليمان حمودة والدلنج .

ورحل سليمان حمودة ,رحل الشفيف الراقي ,حامل لواء التعليم منذ اكثر من ثلاثين عاما لم تزده الا قوة واصرار على تعليم النشء، رحل بعد ان وصله خبر وفاة شقيقته فلحق بها بعد اقل من خمس ساعات، ولمن يعرف سليمان حمودة كان عليه ان يتوقع رحيله هكذا فالرجل لا يحتمل رحيل احبابه ابدا وتجده ساهما ما ان يصله خبر وفاة احد من معارفه. قبل وفاته بعدة ايام دخل موقع الدلنج بالواتساب واعتذر عن انقطاعه عن المداخلات بسبب المرض خاصة وان جميع مداخلاته كانت عبارة عن دروس مجانية في التاريخ والثقافة خاصة فيما يتعلق بمدينته الحبيبة (الدلنج)التى زارها قبل اسابيع لعيادة اخته المريضة التي رحلت قبل وفاته بأقل من خمس ساعات كما اسلفنا، وسليمان حمودة النيل كان من اكثر اساتذة المدينة صرامة الا انه اكثرهم حنية اذ يتابع تلاميذه اجتماعيا ويحاول حل جميع مشاكلهم لذا فعندما افتتح مدرسته الخاصة لم تزده الا زهدا وتواضعا في حياته وماكله مشربه

ثم ماذا بعد؟

نعم ان رحيل استاذ هو رحيل امة ولكن رحيل الاستاذ سليمان حمودة هو رحيل امم بحسبان انه مدرسة متفردة في كل شئ ,في طريقته في التعليم وحياته الاجتماعية لذا فقد كان تشييع جثمانه بمقابر حمد النيل عبارة عن استفتاء جمع اناس لم اكن اظن ان لهم علاقة به او بالدلنج اذ وقف طويلا قبل وصول الجثمان الفريق شمس الدين كباشي واللواء خليل باشا والعقيد محمد حسن الدولي والاستاذ عبد الله بيتر احمد عجبنا(حفيد السلطان)وقبيل عودتهم الى مهجرهم جاء عبد الرحمن عبد الفراج اميقو ويوسف مساعد وكثيرين لا مجال لاحصائهم هذا غير جيرانه وتلاميذه وضجت الاسافير بالبكاء فارسل الصادق يوسف قصيدة بكائية في رثائه وهكذا قبرنا كنزا من المعرفة وعلما من اعلام مدينة الدلنج وعدنا يلفنا الحزن ولسان حالنا (انكسر المرق واتشتت الرصاص بعد ود حمودة مين البيلم الناس)

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

3 Comments

  1. لك الود والتقدير بالجد أعجبتني الكلمات الرائعة التي تعكس طيبة أهلنا السودانيين في غربنا الحبيب وتداخلهم وتمازجهم حتى في أرواحهم وكل شئ أتمنى لك التوفيق والسداد أخي عمر الكردفاني ..

    أخوك
    الفاتح البدري
    الجامعة المفتوحة

    1. اخي الفاتح لك مني الود والتقدير على متابعة كتاباتنا المتواضعة التي تسمو وتسمق عندما تلامس قامات مثل استاذنا سليمان وتصافحها اعين فاحصة مثلكم
      لك الود

Leave a Response

4 × 2 =