Site icon المجرة برس

بالدارجي البسيط .. ” اودة جالوص” .. يوسف البروف

اودة جالوص واحدة مربوطة براكوبة من القش والحطب، تقع فى اطراف العاصمة،الخرطوم،تسكن هى وزوجها وبنتهم الوحيدة التى هباهم اياها رب العباد عشان طيبة امها، فى بداية التمانينات حجزوا ترابها وعملوا ليهم فيها راكوبة من شوالات الخيش، لموا التراب ودقوا الطوب الاخضر وبنوا هذه الاودة، بعد سنين عددا ومشاوير كتيرة بين اللجان والحليفة والمساككة شدا وجذبا بين ناس اللجنة وناس الاراضى صدقوا ليهم بالقطعة التى تقف اودة الجالوص الوحيدة شاهدا على معاناة امتدت طويلا قبل التمليك، كنا طلاب فى الجامعة، من الجامعة عشان نصل هذه الاودة الجالوصية كنا بنحتاج لاكثر من تلاتة ساعات، بالرغم من ذلك كنا بنحرص ان نقضى نهاية الاسبوع ، خميس وجمعة، فى هذه الاودة، الحاجة البتخلينا نترك ما طال ووسع من بيوت اهلنا ومعارفنا التى تقرب من الداخلية ونختار هذه الاودة المتهالكة قوة ومنظرا واثاثا هو بشاشة وجمال وطيبة حبيبتنا وامنا واختنا اخت صاحبنا ست الاودة، سبحان الله كانت تقاسمنا كل شىء،تستقبلنا ببشاشة، تسال عنا اذا غبنا، تشاركنا دروسنا وتعيش معانا اضراباتنا واعتصاماتنا، ما كنا برانا، كان معانا اخو زوجها، شارك معانا كل شىء، الفرق الوحيد البينا وبينوا،هو ساكن على طوال فى هذه الاودة ونحن كنا بنسكن فى الداخلية وبنجى نهاية الاسبوع، كان رجل متدين شكلا، دقنوا طويلة، صلاى، ينتقدنا كثيرا فى طريقة نقاشاتنا خاصة فيما يتعلق بالسياسة والكورة والحب…كان يحثنا على الصلاة ويصر على ان نذهب معه الى الجامع…كنا نناديهوا بمولانا…تخرج فى نفس الاودة…حفظ القران…اصبح شيخ يدرس فى الخلوة…عرس فى نفس الاودة…عمل المناسبة فى نفس الاودة…اختنا وامنا وحبيبتنا هى من شالت وودت الشيلة لاهل العريس…كانت تمثل ام العريس فرحا وزغرادا ودفاعا عن العريس…اشتغل فى نفس الاودة…سكن ورحل اولادوا الى بيت اخر فى مدينة اخرى من نفس الاودة…سافر زوج امنا وحبيبتنا واختنا الى مدينة اخرى تختلف عن العاصمة عددا وعاداتا…اكتر من تلاتة سنة تركها لاخوانها والدروس الخصوصية التى تقدمها للطلاب فى نفس الاودة…تخرج اخيها واغترب…اصبح هو الاخ والاب والزوج…القروش كان برسلها عن طريق شخصى الضعيف…اصبحت توفر من مصاريف اخوها التى يرسلها لها…كسرت الاودة…بنت البيت طوب احمر…فرشت البيت…تزوج زوجها فى المدينة التى سافر اليها…انتقل زوجها الى الرفيق الاعلى…كرمت لزوجها فى نفس البيت…التقينا جميعا فى نفس البيت الذى ضمانا طلابا وجوعى ومشردين…اعدنا شريط الذكريات افندية ومولانات…ضربت لى تلفون عشان اقابلها فى المحكمة…جيت المحكمة…لقيتها وبنتها واقفين باتجاه…اخو زوجها …المولانا…الحافظ للقران…الصلاى…ابو دقتا كبيرة واقف فى اتجاه…تقدم بشكوى ضدها للمحكمة مدعيا ان البيت ملكا لاخوهوا وان كل شىء يخص اخوهوا…سلمت عليه قبال ندخل على القاضى…قلت ليهوا انت ما عندك اخلاق…لو عندك اخلاق ما بتقيف مع من شاركتك اودتها الوحيدة نوما …اكلا…شرابا…امام القاضى…لو كنت تملك اخلاق ما بتقيف مع من صبرت عليك طالبا…مشردا…حتى اشتغلت وعرست امام القاضى…دخلت شاهدا امام القاضى وكررت نفس كلامى القلتوا ليهوا برا…القاضى قال لى كيف تتهم انسان بانوا ما عندوا اخلاق…حكيت للقاضى القصة…سكت القاضى ووجه ليهوا سؤال…هل ما قاله هذا الرجل صحيح؟…صمت…لا زالت القضية لم تنتهى بعد…ولا زلت احد شهودها الاساسيين…
هبوية بنتى الكبيرة الزمن البتقضيهوا فى حفظ السور يساوى 70%من الزمن البتقضيهوا فى حفظ ومراجعة كل المواد الاخرى…شنوا يعنى؟…ودايرين يقولوا لينا شنوا الناس الوضعوا منهج التربية الاسلامية ديل…دايرين يقولوا لينا اولادكم وبناتكم ديل لمن يحفظوا طوال السور ديل حيطلعوا ناس كويسين للمجتمع…الزول القبال شوية دا ما حافظ القران وبدرس الطلبة فى الخلاوى كمان …اها حفظ القران غير منوا شنوا؟…طيب لو قبيل ريحوا الطلبة ديل من المنهج بتاع التربية الاسلامية التقيل دا واهتموا وزرعوا فى الطلاب الصغار ديل القيم التى من اجلها نزل هذا القران ما كان افضل…يعنى بدل ما نخلى تلميذ فى سنة اولى ولا سنة تانية ولا سنة تالتة يحفظ ليهوا تلاتة اجزاء خلينا ننمى فيهوا قيمة الصدق….يعنى نشيل روح النصوص القرانية ونشربها ليهوا بدل ما نحفظوا النصوص…نزرع فيهوا قيمة الوفاء…نزرع فيهوا قيمة صلة الارحام…نزرع فيهوا قيمة احترام الاخرين…نزرع فيهوا قيمة الاخلاص…نزرع فيهوا قيمة عدم الكذب…نزرع فيهوا قيمة حب العمل وحب الوطن…نحن ما محتاجين لحفظة نصوص …ما اكثر الحافظين للقران …ما اكثر الدعاة…ما اكثر الخلاوى…ما اكثر الشيوخ…فى الجانب الاخر ما اكثر اللصوص…ما اكثر عديمى الاخلاق…ما اكثر قاطعى صلة الرحم…ما اكثر الكذابين والمنافقين وتجار الدين…
حفظ النصوص القرانية اذا لم يغير من سلوك واخلاق وتعامل الفرد الى الافضل يبقى ما منوا فايدة….
اللهم ارحم حبيبنا واستاذنا وزميلنا عادل البلالى واسكنه فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين…
Exit mobile version