هذه الثورة هي أعظم ثورة شعبية في المنطقة، ثورة شبابية، جسّدت الروح النضالية، والهِمّة الوطنية، والنسيج الإجتماعي، ثورة تحدّت العسكر بشجاعة ابطالها وجيلها الذي اثتبت بأن معارك الحق يخسر فيها المترتزقة والمآجورين ،الذين باعوا الوطن ببيع ضمائرهم وإنسانيتهم، لا خير منهم إطلاقاً، الذين تسلّقوا علي دماء الشُهداء لا رجاء منهم، فهم مجرد كلاب أتت لتآكل مما تبقي من فُتات ِ الفساد، الذين يتآجرون بأراوح الأبرياء لا ثق فيهم؛ فمن يبيع ويتآجر بالموت لا يقدم لك سوي سِلعتهِ «الّقتل » رغم كل الإرتجاف والهبوط، والإنكسار والخوف، تظل اصوات الشهداء و مواقفهم البطولية هي فصلاً بين الحق والباطل ،وبين النضال والإنتحال، وبين الثبات والسقوط ،حقاً هذا الوطن عظيم ولكن ساسته ساقطون ، ساقطون في مناهجهم، في تاريخهم ، في أخلاقهم …….الخ ،هكذا هم يشلون الوطن بصراعات ٍ جهوية وطائفية، حقاً هم الساقطون …
لك أن تذهب في تاريخ هذا الشعب وانت تقلّب دفاتر التاريخ، شعب عظيم ولكن حُكّامه فقراء من الإنسانية والوطنية، فهم يتشابهون في لغة الآلة ،يختلفون في المناهج التي صنعت منهم فراعنة بين النيلين يثيرون الحروب، و يساعدون علي نماء الفساد ،لا يسعون الي بناء دولة ؛بل تنتهي مظاهر الدولة في عهدهم، هكذا هم السّاسة الساقطون … و رغم ذلك يظل هذا الشعب يقاوم ويناضل من اجل التحرير واستعادة الوطن المنهوب من ابناء البنادق المارقين، سيظل هذا الشعب يقدم الدروس في فصول التاريخ، شعب اخرج الإستعمار، شعب علّم العسكر معني البطولة ومعني التضحية ومعني الوطن، انه حقاً شعب ُ السودان، الوطن الذي لازال يموت تحت اقدام العسكر وغفلة الساسة….
ثورة عظيمة و شعب عظيم، شعب أسقط حكم كان يعذب الشعب ،وينهك صحة الوطن لأكثر من ثلاثين عاماً ،هذا الشعب الذي يبرهن للعسكر بأنهم مجرد طُغاة لا حماة لهذا الوطن، ولك نموذجاً عظيم هذه الثورة (ثورة ديسمبر) اثبت للعالم بأنها سلمية، شباب يواجهون آلة القمع والإستبداد والعقلية العسكرية التي شكّلت جذور الأزمة السودانية،…….الي هذه المرحلة وبعد مرور عام عليها، تظل الرؤية السياسية عاتمة، والخصصة الحزبية تطفو علي مياه السياسة الضحلة، هذا الهرج الذي تمارسه الأحزاب يجعل بفشلها مسبقاً،« فالدولة بعد الثورة اشبه بفتاة مغتصبة، تجتاح رجال لا إنتهازيين» ولكن المشهد الآن يعيدنا الي مربع الأزمة مجدداً، وبهذا العبث الذي تطرحه الأحزاب من علمانية واشتراكية ……الخ، لا يمكن تطبيقه في دولة فقيرة ،غير قادرة علي اي صراع، عليه إذاً تصبح الثورة في خطر حادق من الذين لصوص الليل، كل ما تحتاجه الثورة الآن، اكمال ما دفع الثوار ثمنه من دم ٍ خضبة انأمل الحرية لتصبح الثورة كفتاة ٍ تريد تحقيق أحلامها، …
لم تآتي الثورة لترقص في الحانات عاريا، وتشرب النبيذ الساخن ،وتعترض الأ جساد من اجل حِفنة من المال ،لم تآتي الثورة لتصعد القوة الرأسمالية لتشكل خطراً علي المجتمع والإقتصاد معاً، لم تآتي الثورة ليتم تقسيمها زيفاً وتنكرا….لم تآتي الثورة ليطرح الهاربون من نيرانها مشاريعهم الساقطة، لم تآتي الثورة لتباع الدماء من اجل المناصب، وتباع القضية من اجل المصالح الشخصية، لم تآتي الثورة كي ينام من أؤكلت لهم قضية الوطن علي تخدير السلطة ، لم تآتي الثورة لتصبح هزال وجدال علي المناصب والسباق الهابط نحو قاع الفساد،…….هذه الثورة خرجت لتحرير الوطن تحريراً كامل حتي يتم اعادة بناءه من جديد، هذه الثورة قامت لتخلص من السلسلة والحقب الديكتاتورية التي تعتبر نخاع الأزمة في الوطن بصورة عامة، هذه الثورة قامت من اجل استعادة كرامة الإنسان واستعادة حقوقه القانونية، الإجتماعية والفكرية، هذه الثورة مشرح لتطهير امراض الوطن ومعرفة الاعداء له داخلياً وخارجياً ، حقاً هي عظيمة ولكنها الآن في خطر، جهل الناس والغفلة وعدم السعي نحو تحقيق مطالب الثورة يجعل اهداف الثورة في خانة فارغة واستفهامات عديدة، هنالك خطوط يحب ألاّ يتنازل عنها احد مهما كلف ذلك ثمن، القصاص لكل القتلة، اعادة هوية الوطن، استعادة المؤسسات الوطنية، اقامة البنية العدلية، وتأسيس البنية الإقتصادية ….لاتزال الثورة في بداية طريقها، والتحديات تزداد يوماً بعد يوم، اوقفوا الرقص والغناء هنالك الوطن يجب تحريره وتطهيره من المرتزقة والفاسدين …..