في عهد النظام البائد لم تكن هنالك هيبة للدولة علي المستوي القانوني ولا المهني، قد كانت « الفوضي» هي الأسلوب المعهود في نخاع الدولة، وبتلك الممارسات اصبحت الدولة فاقدة للصيت القانوني والهيبة التي تثبت اركان الدولة وتعزز من صلابة قراراتها بصورة عامة.
ولا تزال الدولة السودانية تسودها الصراعات السياسية والفوضي ما ادي لغياب هيبة الدولة في ظل انعدام القوة القانونية الرادعة ، وضُعف القرارات التي تقلل من شأنها وهيبتها،
ومن المؤسف جداً وبعد الثورة لا تزال الآثار التي خلّفها النظام البائد متناسلة كالرشوة والتسوية …….الخ، وهي تهدد هيبة الدولة وتنسف استقرارها الأمني والإقتصادي، وهذه الأمراض تنتقص من صحة الوطن وتعيده الي رحم المعأناة. الدولة الآن تحتاج اعادة صياغة قانونية تتوافق مع متطلبات المرحلة، وايضاً تحتاج هيكلة كافة القوات الأمنية حتي تتطهر من كافة المظاهر السلبية التي تفشّت في عهد النظام البائد ،من غياب المسؤولية المهنية والوطنية ،وغياب القوة القانونية التي خلفت دولة غير متزنة سياسياً ولا إقتصادياً، وحتي الآن وبعد الثورة تظل الأمراض التي خلفها النظام البائد تكبح مسيرة التحول الديمقراطي لبناء دولة ذات سيادة قانونية، دولة لها قانون يكفل للجميع حياة آمنة ومستقرة …
وغياب هيبة الدولة يمكن ملاحظته في السلوك المجتمعي وتمرد الشعب علي القرارات وعدم خضوعه للقانون، وايضاً يظهر في هشاشة الدور الأمني وكسره لهيبة القانون بالتهاون والتسهيل مع المخالفين للقانون، سيادة وهيبة الدولة اهم مرتكزات الدولة وصمام الأمان لها، الذين يحاولون كسر القوانين والإرتشاء منها هم مجرد خونة، الذين يفتحون الحدود لتهريب هم مجرد خونة، الذين لا يخضعون للقانون هم مجرد خونة ، الذين لا ينفذون القانون هم مجرد خونة، الخيانة هي اعظم جريمة تهدد الدولة وتستحق عقوبة الموت، وما اكثر الخونة الآن، الذين يحتكرون السلع لتجفيف السوق، هم الخونة الذين يعملون علي عدم استقرار الوضع الاقتصادي، الذين يتاجرون بالعملة هم مجرد خونة يخلقون الفوضي التجارية، جميع هذه الاساليب حدثت لغياب هيبة الدولة وضعف القرارات الرادعة لكافة الممارسات التي تهدد امن الدولة واستقرارها. .
لا يمكن بناء دولة في غياب قانون رادع جداً، قانون ليس ساقط مادياً، الدولة قانون والقانون هو هيبة الدولة، والآن كل مظاهر الفوضي والفساد هي نتيجة لغياب القرارات القوية وضعف القانون، الذي جعل الدولة كغابة لا نظام لها، لم تكن هنالك قرارات حتي نجد إصلاح، وهي نفس المشكلة التي تواجه الحكومة الإنتقالية هشاشة وهيبة الدولة وضعف القرارات ،وهذه توضح الخلخل التسلسلي في عملية تنفيذ القرارات من الجهات العليا وحتي خروج القرارات بنتائج ايجابية، إنّ التهاون والتلاعب بالقانون وكسر القرارات يولد كوارث ، فلابد من فرض هيبة الدولة حتي نستعيد الدولة بصورة صحيحة ليسهل بناءها وتطويرها ..
الخلل ليس في الشخصية المتسلطة وانما في عقلية الفرد وثقافته ، وانحسار وارتخاء الحس الأمني في آلية تنفيذ القرارات. الحدود مخترقة والاقتصاد منهار، والتهاون مع الجريمة وعدم وجود للقوة الامنية بصورة فعالة «مجرد غيابها يدل علي غياب هيبة الدولة.»