دعاش حلتنا
غااااااااب القمر وعم الظلام ، لكن سينبلج ضوءُ الصباحِ مهما أشتدت عَتمةُ الليل البهيم ..
الحمد لله الظاهر في تنزّلاته العليّة ، بنفسه
لنفسه على نفسه في الأحديّة ، الرّامز لتفصيلها والمصرّح بقوله تعالى …
( إن المتقين في مقام أمين ،،، في جنات وعيون ،،، يلبسون من سندسٍ وإستبرقٍ متقابلين ،،، كذلك وزوجناهم بحورٍ عين ،،، يدعون فيها بكل فاكهةٍ آمنين ،،، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم ،،، فضلاً من ربك ذلك ، هو الفوز العظيم …)
والصّلاة والسّلام على وحدة وجوده وواحديّة شهوده في التّنزّلات الإيجابية والإمكانيّة ، سلّم التّدلي ومعراج التّرقي في تنزّلات الذات والصّفات والأفعال ، القائل في حديث شريف …
( العلماء ورثة الأتبياء) . ..
وعلى آله وأصحابه ينابيع الإمداد وصهاريج معارف الإيجاد إلى الفيوضات الرّبّانية خصوصاً البضعة
الطّاهرة والسّلالة الفاخرة المغموسة في عين ذاك الجمال … .
ثم أما بعد :
غراءُ الزاويةُ المدينةُ المفجوعةُ المكلومةُ الحزينةُ الباكيةُ ، كيف لا وقد فارقها غوثها ومؤسسها ، نورها ونارها أحمد حنفي صالح ، ستبيتُ هذه المنطقةُ ليلةً قاسيةً مجروحةً ، مكسورة الخاطر وكسرها لا ينجبر ، جرحها غائر لا يندمل ، هي مشيئة الله وأقدارة في عباده ولكل أجل كتاب ، سيوارى جثمانه الطاهر ثراها ، لتكون الملاذ الآمن والدار الفسيحه التي ستضم جسدة المعتق بطول قيام الليل وحرارة صيام النهار .
فاضت روحه الطاهرةُ الى بارئها ، غادر الوتد دنيانا الفانية إلي رحاب الله الواسعة ، فبكى على مرٌ رحيله وفراقه نفر من عباد الله كثير ، بكوا عليه بدموع الرجال النادرةُ الغاليةُ ، وليس بغريب أن تحزن لفراقِ أمثاله الاراضين ومن فيها ، وأن تستبشر بمقدمه السماوات ومن عليها والموت كأسه تدور هكذا ولا يُسْتثنى من الشراب به أحدٌ أبدا ..
المغغور له بإذن الله من أكابر مشايخ طريقتنا التجانية الأفذاذ ، رمزٌ من رموزِ الإسلام الموحدين ، قبلةٌ لطلاب العلم ، عرف بالصدقِ وبالهمةِ العاليةِ والنخوةِ اشتهر بالإخلاص وبالبساطة والتواضع والكرم والقدرة على حمل الأمانة فأداها حق أدائها ، التواضع قد زاده ألقاً وإحتراماً وتقديراً وهيبةً ، فالتصوف عنده هو ثفافة راسخة متأصلة في ضمير المريد وسلوكه القويم لتشكل لنا صمام أمن وأمان من الفتنِ والمحنِ والإحنِ ما ظهر منها وما بطن ..
حديثه يشع صدقاً ونزاهةً فيُلامسَ أوجاعنا ليداويها ، لا يُملُ حديثُه أبداً ، قلما تجد فرصةً لتتحدث إليه لأن قلبه ولسانه مشغول يلهج بذكر الله تبارك وتعالى ، والصلاة على رسوله المصطفى صل الله عليه وسلم على الدوام ، خُلقه القرآن وكلامه ذكرٌ ودعاءٌ وإستغفار ، مآثره جمةٌ ستظل محل تقديرٍ وإجلالٍ وعرفان لكل من عرفه ، هو العالم الرباني المعتٌق والعابد التقي الزاهد ….
غيابه فقط سيكون جسداً ، وكيف يُنسى مثله ، فهو خالدُ في قلوبنا وقلوب طلابه ومحبيه ومؤيديه ومريديه ما داموا على ظهر هذه الحياة عفةً وطهارةً وأدباً جماً ، هو من طراز العبٌاد الزُهاد ، عَرفَ نفسه حقاً فعرفه ربه فعمل لما بعد الموت ، غرس الحب والزهد والعفة بين أبنائه وطلابه دونما إستثناءٍ ، فهم أقمارٌ وشموسٌٌ بأيهم إقتدينا إهتدينا إن شاء الله ….
نُم أيها الشيخ الورع في مرقدك مرتاح البال مطمئن الفؤاد ، فقد أبليت البلاء الحسن ، نودعك أيها القرآني فتنحني هاماتنا إجلالاً وتقديراً ومعزةً لما تحمله من قرآن وأحاديث وسيرة لأعلام النبلاء في صدرك ، فمقامك رفيع ، ها أنت تفارق الدنيا إلى دار القرار بعد مسيرة من العطاء ومشوارٍ طويلٍ في تعليم القرآن لطلاب العلم وتحفيظه للدارسين ، إحياء نار القرآن هي همٌك الأول وسوف لن تنطفئ جذوته أبدا بإذن الله ، تركت خلفك سيرةً عطرةً وذكرى طيبةً وأبناء بررة أتقياء أنقياء ، سيخدمون الاسلام والمجتمع ، هي أمانة في أعناقهم الى يوم الصعقة النفخة الطآمة والآزفة ….
ألا رحم الله شيخ الطريقة التجانية بغراء الزاوية أحد أركان الدعوة إلى الله بصدق وعلى بصيرة ، لتترك الدنيا خلفك ملأى بالقبيح الآن والجميل الذي يأبى أن يزول …….
اللهم بيض وجهه يوم تبيض وجوهٌ وتسود وجوه … اللهم يمن كتابه ويسر حسابه … اللهم ثبت قدمه يوم تزل الأقدام … اللهم أكتبه عندك من زمرة الصالحين والصديقين والشهداء والأخيار والأبرار …. اللهم جازه بأفضل ما جازيت به عبادك الصالحين وأنت أرحم بعبادك من أنفسهم ، ومن الأم بولدها …. اللهم ارحمه فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض .. اللهم استقبله عندك ضاحكا مستبشراً وأنت راض عنه يا رب العالمين .
إنا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم …
محبه في الله
إبن الخطاب آدم أبوزيد
٤ شوال ١٤٤١ هجريه
الموافق
٢٧ مايو ٢٠٢٠ ميلاديه