قضية تفجير سفارتي امريكا
.. ابتزاز سياسي مغلف بتعويض الضحايا
استبشر الكثيرون بانفراج الازمة مابين السودان وامريكا مؤكدين ان الحل بات قاب قوسين او ادني وان البلدين توصلا الي مايشبه الاتفاق لتجاوز ازمة تصنيف السودان في القائمة الامريكية للدول الراعية للارهاب واغلاق قضية تفجير سفارتي امريكا بنيروبي وتنزايا!؟
ولايخفى علي الجميع ضخامة الاموال المطلوبة من السودان وفق حكم المحكمة الامريكية سواء اكان لتعويض الضحايا واسرهم ام لتعويض الاضرار المادية والحق العام الامريكي.
وهي مبالغ يسيل لها لعاب التاجر ترامب واسر الضحايا ، خاصة وانها تأتي بين يدي تنافس انتخابي يجعل منها قضية سياسية خاصة بمسرح التنافس السياسي الامريكي بامتياز!؟
لهذا يجب ان لايفرح المتفاءلون كثيرا بتعاون امريكا مع السودان او حتي التخفيف عليه بشأن الاموال وتقليلها او الوصول الي جدولة مريحة في تقسيط دفعها.
باعتبار تصريح وقرار الولايات المتحدة “إن قضية التسوية المالية للوضع مع انفجارات السفارات مغلقة عمليا” بحيث لم يبقى امام السودان الا التعاطي مع الامر الواقع بالبحث عن او إيجاد مصادر تمويل آخذين بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد!؟!.
هذه هي امريكا ايها السادة! لمن لايفهم منطقها وازدواجية المعايير التي تحكمها!؟.
ومع قبول السودان وامتثاله القوانين والاوامر والابتزاز الامريكي وسعيه اليائس الي الوصول لمعالجات تخفف عن كاهله عبء المبالغ الضخمة، واغلاق الباب مستقبلا عن اي ابتزاز يمكن ان تتيحه اي ثغرة قانونية متعلقة بهذا الجانب.
فقد طالب (السودان) بدوره بالحصانة في المستقبل لمنع الدعاوى القضائية ضده.
مع العلم انه من أجل الحصول على الحصانة ، يجب على الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية التحدث أمام الكونغرس وإقناع أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس بأن السودان لا يدعم الإرهاب العالمي ثم من بعد ذلك سيدرس الكونجرس الأمريكي هذه القضية لمدة 45 يومًا ومع ذلك، ليس من المؤكد أنه سيتخذ قرارًا إيجابيًا!؟.
بالإضافة إلى ذلك يرى المحللون الأمريكيون أن الوضع السياسي الداخلي في السودان يؤثر على إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب !؟.
وإذا قررت الولايات المتحدة أن الحكومة المؤقتة لا تتعامل بنجاح مع المرحلة الانتقالية ، فإنها ستؤجل قضية استبعاد السودان من القائمة تماما في هذه المرحلة!!.
ويجب ان لا نندهش امام تصرفات الولايات المتحدة غير المنطقية وغير الاخلاقية ايضا!؟ فلا نصاب بالذهول ونحن نرى تلهفها للوصول باتفاق مع “طالبان” التي لايختلف اثنان في انها حركة إرهابية مسلحة ولا تخفي هي نفسها ضرب الولايات المتحدة ومحاربة مصالحها في العالم وقتلها الالاف من مواطنيها ومواطني الولايات المتحدة واصدقائها!؟!.
هذه المسارعة الامريكية للتصالح مع طالبان والتشدد في المقابل مع ايجاد تسوية مقبولة مع السودان تؤكد ما رؤيتنا تجاه نفاق وازدواجية امريكا وعدم موضوعيتها في التعاطي السياسي مع قضايا العالم ولا تحركها سوى مصالحها واجندتها الخاصة ولا عزاء لمفاهيم العدالة وحقوق الانسان وغيرها مما تتخذه مجرد زريعة لاحكام قبضتها وسيطرتها علي العالم.
ولعله يتضح الآن لكل ذي عينين أن استبعاد السودان من قائمتها الخاصة بالدول الراعية للارهاب ليس قضية قانونية ، او قضية ضمير ومبدأ بل هي في الاساس قضية سياسية، وسياسية بامتياز!؟!.