هل تتغيير نظرة المجتمع نحوهم
حميدتي ينشل اطفال الشوارع من المجاري لحضن الدولة
تقرير- المجرة برس
بدرجة عالية من الانسانية، احرز النائب الاول لرئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دلقو هدفا نبيلا في شباك نسيجنا الاجتماعي التي تحتاج لرتق جديد.
هدف طال انتظاره ليرتقي بالعمل الطوعي والمجتمعي في السودان الي فضاءات الانسانية الرحبة، وبالبلاد لمصاف الدول التي تحترم انسانها وتسمو به الى حياة كريمة تحفظ تكريم الله له في الارض، وتعينه على الخلافة والعمار.
مبادرة الفريق اول حميدتي الخاصة برعاية وتكريم اطفال الشوارع في دولتي السودان وجنوب السودان تستحق ان تصطف خلفها كل فئات المجتمع من خيريين ومبدعين ورجال اعمال ورياضيين لينجزوا هذا المشروع الانساني النبيل.
…..
و اطفال الشوارع او الشماسة في بلادي ظاهرة تستحق مثل هذا الاهتمام من هرم الدولة السودانية، وتستحق الدراسة والبحث والتحقيق من علماء وطلاب كليات الاجتماع.
هم أطفال وشباب يعيشون في خوف وقلق دائمين بعد ان لفظهم المجتمع دون جريرة اقترفوها، هم في أمس الحاجة لمساعدتنا لهم، ومع ذلك نقف في اوقات كثيرة مكتوفي الأيدي عاجزين عن تقديم أي خدمة لهم تارة بسبب اللامبالاة، وثانية بسبب ضعف الإمكانيات، وأخرى بسبب ضعف الوازع والحافز للعمل الجماعي والطوعي في مجتمعنا.
(3)
لرتق نسيج علاقتنا المهتوك مع إخوتنا الشماسة بحثت (المجرة) عن توصيف دقيق لنظرة عدد من فئات المجتمع نحو اطفال الشوارع.
وكانت بداية البحث من على ظهر حافلة هابطة من حلة كوكو، جلس المحرر على المقعد الأول من بابها واتخذه (منصةً) يطلق منها اسئلة استطلاعه التي صوبها بصوت منخفض، نحو كمساري الحافلة الذي كان يبدو عليه بعض الجدية والفهم والاستيعاب، ولكن سرعان ما ظهر عليه عكس ما اعتقد..
في شارع السيد عبد الرحمن قبالة صيدلية الشهيدة (سلمى)، لاحظ المحرر ثمة أطفالاً مشردين يضعون قطعاً من قماش مبلول بسليسيون (يشفطون) منه ما ينسيهم معاناتهم ويجعلهم يعيشون في مجتمع وهمي يحسون انهم جزء منه، سأل المحرر الكمساري وهو يتأمل عيونه المفتونة (بكرفسة) القروش:
*- رايك شنو في الأولاد ديل..؟
لم يوله كثير اهتمام، فهؤلاء لا يعنونه في شيء، وقال بدون مبالاة:
ــ ياخي ديل (شماشة) ساهي!
*- لو أشروا ليكم ما ح تقيفوا ليهم؟
ــ والله لو ورّوني قروشوهن في يدهم ما بخليهم يركبوا، ديل حرامية مستهبلين!.
(4)
الشماسي لم يولد لصاً سارقاً، ولا متعاطي سلسيون، بل لم يولد شماشياً من اصلو، انما كان جزءاً من أسرة مترابطة القوام، فككتتها ظروف خارجة عن ارادتهم، فتشتتوا نازحين في حواشي المدن وهوامشها بحثاً عن أمان، منهم من وجد حضنا احتواه فصار انساناً كامل الحقوق والواجبات، ومنهم من نبذه المجتمع فضاقت به الدنيا على سعتها، وأصبح (شماشي ساهي)، على قول كمساري حلة كوكو!
اذن… هل تقلل بعض سلوكيات الشماسة الإجرامية من نظرة العطف والشفقة نحوهم؟
(5)
الطالبة (سامية عبد الرحمن) -الدارسة لعلم الاجتماع بجامعة النيلين- قالت:
ــ نسبياً نظرتنا نحو الشماسة اصبحت نظرة اشمئزاز اكثر من كونها نظرة عطف وحنان.
وأرجعت ذلك لطبيعة حياتهم التي اصبحت لا ترتقي حتى لكلمة (حياة)، فهم يعيشون في المجاري وأمام المستشفيات والأماكن المظلمة.. ينامون بالنهار ويتحركون بالليل، يتعاطون السليسيون مما يجعلهم في حالة متواصلة من اللاوعي، لذلك تبدر منهم بعض الأعمال الإجرامية التي تقلل من نظرة العطف والرأفة بهم.. من الضروري ان تنشئ الدولة دار رعاية وتأهيل للشماسة، فعندها ستتحول نظرة المجتمع لهم ويصبحون اكثر تعاطفاً وشفقة ورحمة بهم وتنشأ جمعيات تقوم بمساعدتهم كأصدقاء للشماسة.
(4)
(بحشي ليهو سندوتش عشان يتخارج سريع ما ينفر زبائني)، هكذا هي علاقة (ابكر عبد الرحمن) -صاحب مطعم بالخرطوم- مع الشماسة: العطف مقابل الإبعاد.
وبعكس صاحب المطعم قال الأستاذ (عبد الله عقيد):
ــ انا عندي صديق شماسي!
استغرب الجالسون حوله فرد على نظراتهم الجاحظة في وجهه قائلاً:
ــ انتوا قايلين الشماشة ديل شنو؟؟ ما ناس زينا كده!
اعتدل (عقيد) في جلسته ثم بدأ يحكي:
ــ أخطر ما في الأمر إحساس الشماشة بأن الشارع ينظر اليهم بدونية، لأنو من هذا الإحساس يتنامى داخلهم السلوك العدواني.
*- اعدت عليه السؤال:
ـــ كيف تنظر انت لهم؟
ــ أنا أنظر اليهم بشفقة وحنان، بعكس نظرتكم ليهم انتوا
*- نحنا منو؟
ــ الإعلام مقصر في حق الشماسة ديل، يا استاذ مفروض تطالبوا بدار لرعايتهم وتأهيلهم بدل تتفرجوا عليهم كده نايمين في المجاري.
(5)
نظرة حسب السلوك، هكذا أجاب (خالد أحمد) -الطالب بنظم المعلومات- مؤكداً ان نظرته تجاه الشماسة تتغير حسب سلوكهم تجاهه، فيما دعت (سمية عبد الخالق) الى ضرورة التعاطف التام مع الشماسة رغم ما يبدر منهم من سلوكيات اجرامية لأنهم لا يمارسون الإجرام من اجل الإجرام ولكنه يسرقون ليأكلوا.. ثم اضافت في انفعال:
ــ يا اخى الشماسي بسرق ليهو سندوتش!.
فيما دعا (معاوية الصادق بابكر) المواطنين ومنظمات المجتمع المدني الى الالتفاف حول الشماسة، منبهاً الى ضرورة انقاذهم وقال في حسرة:
ــ الشماسة ديل يا أستاذ فيهم بنات اصبحن فتيات وأقمن علاقات جنسية مع رفقائهن وأنجبن اطفالاً، حيكون مصيرهم نفس مصير آبائهم، لذلك يجب ان تتوحد نظرتنا نحوهم ونوليهم عطفنا وشفقتنا، وهذا اضعف الإيمان.
_