#صالون_الريس
الطاقات المهدرة
أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام.. في شوارع السودان، ينتشر مشهد أطفال وشباب يواجهون واقعًا قاسيًا يفرضه الفقر، والتهميش الاجتماعي والاضطرابات السياسية والاقتصادية. يُطلق عليهم “أبناء الشوارع” وهم يمثلون شريحة من المجتمع تعيش في الظل، لكنها تحمل في طياتها إمكانيات كامنة قد تتحول إلى قوة إيجابية إذا وجدت الرعاية والاهتمام المناسبين.وتعاني هذه الفئة من ظروف معيشية قاسية حيث يُحرم الكثير منهم من التعليم والرعاية الصحية ويضطرون للعمل في مهن هامشية أو التسول لتأمين قوت يومهم. بعضهم يواجه استغلالًا اقتصاديًا وجسديًا مما يُفاقم من تدهور أوضاعهم النفسية والاجتماعية.
وتُقدَّر أعداد أبناء الشوارع في السودان بمئات الآلاف خاصة في المدن الكبرى حيث تظهر بوضوح انعكاسات الفقر والنزاعات المسلحة التي تُهجر العائلات وتُفكك الروابط الأسرية خاصةً في ظل الحرب المدمرة التي نعيشها اليوم. وعلى الرغم من الواقع المرير الذي يعيشه هؤلاء الأطفال والشباب، إلا أنهم يمتلكون طاقات ومواهب يمكن أن تُسهم في تنمية المجتمع إذا تم استثمارها بشكل صحيح مثل المهارات اليدوية حيث يكتسب العديد من أبناء الشوارع مهارات في الحرف اليدوية مثل النجارة والحدادة والخياطة نتيجة اضطرارهم للعمل مبكرًا.وكذلك يتمتع أطفال الشوارع بمواهب مميزة في الرسم والموسيقى حيث يستخدمون الفنون للتعبير عن معاناتهم وآمالهم.ويعيش هؤلاء الأطفال في ظروف صعبة، ما يمنحهم قدرة فريدة على التكيف مع التحديات وإيجاد حلول مبتكرة لمشاكلهم اليومية.وبرغم هذه الإمكانيات، تواجه محاولات دمج أبناء الشوارع في المجتمع تحديات كبيرة منها غياب الدعم المؤسسي حيث تفتقر الدولة إلى برامج فعالة لاحتواء هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهموالأمر الأكثر إيلاماً هو نظرة المجتمع إلى أبناء الشوارع نظرة سلبية، ما يجعل من الصعب قبولهم كجزء فاعل في المجتمع.
ومن أكبر التحديات معاناة المبادرات المجتمعية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل مع هذه الفئة من نقص الدعم المالي وإليكم وصفة تضاعف من فرص التحول ودور المجتمع في إعادة دمج أبناء الشوارع في السودان وهذه المهمة ليست بالمستحيلة، بل يمكن تحقيقها من خلال خطوات عملية تشمل أولاً إطلاق برامج تعليمية ومهنية مرنة تُعزز من مهاراتهم وتؤهلهم لسوق العمل. وثانياً إنشاء مراكز الرعاية الاجتماعية التي يمكن أن توفر ملاذًا آمنًا لهؤلاء الأطفال، مع تقديم الدعم النفسي والصحي.ثالثاً تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص ويمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا في تمويل المبادرات أو تقديم فرص تدريب وتشغيل لأبناء الشوارع.رابعاً زيادة التوعية المجتمعية وذلك بتغيير نظرة المجتمع لهذه الفئة يتطلب جهودًا توعوية تُبرز إمكانياتهم وقدرتهم على المساهمة في بناء الوطن.
ختامًا أبناء الشوارع في السودان ليسوا مشكلة بقدر ما هم فرصة مهدورة. في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، تحتاج السودان إلى استثمار كل طاقاتها البشرية لتحقيق التنمية. إن تحويل معاناة هؤلاء الأطفال والشباب إلى قصص نجاح يُمكن أن يكون بداية لمستقبل أفضل لهم وللبلاد ككل.
#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي