Site icon المجرة برس

د.عمر كابو يكتب….مذبحة القضاء

رسالة لسعادة رئيس القضاء الموقرة

بحثت ، ثم نقبت في كل التجارب الإنسانية عليً أجد سندا من تجربة ارتكزت عليها لجنة التضليل الحزبية فلم أجد تجربة مماثلة أو سابقة تدعم ما قامت به من مجزرة داخل حصون القضائية وهي تنتهك عري العدالة وتمارس أسوأ أنواع الوحشية والبلطجة السياسية في الهيئة القضائية عندما قامت أول البارحة بفصل هذا العدد الضخم من السادة القضاة ممن صبرت وصابرت عليهم الدولة فتدرجوا طبيعيا إلي أن صاروا قضاة محاكم عليا لتأتي هذه اللجنة الحزبية والتي ضمت نشطاء سياسيين بلا رؤية ولا خبرة ولا وازع أخلاقي يحصنهم ويمنعهم من وحل هذه القرارات التي ترقي لمستوي الجريمة٠ فليس هناك من جريمة أكبر من تسييس القضاء وليس هناك جريمة أعظم من الطعن في نزاهة وحيدة وطهارة وعفة القضاة٠
هذه القرارات مثلت مذبحة حقيقية لقضائنا العظيم٠ لكن أهم من ذلك ضربت بأصول وقواعد ومباديء القانون المتعارف عليها عالميا بعرض الحائط٠ فمن جهة داست هذه القرارات علي مبدأ الفصل بين السلطات وهو أهم مبدأ ترتكز عليه دولة القانون وتسعي لحمايته وتبذل فائق جهدها لحمايته وتحصينه من التغول عليه وإهداره؛ حين يمتنع علي السلطة التشريعية والتنفيذية التدخل أو ممارسة أي سلطة أو اختصاص منحه القانون للسلطة القضائية وبالتالي لا تستطيع أي جهة مهما علا شأنها أو سما قدرها، أن توجه أو تأمر قاض درجة ثالثة صونا لهذا المبدأ(مبدأ الفصل بين السلطات)٠ بل هذه القرارات أهدرت قيمة أصيلة ومبدأ سام هو مبدأ إستقلال القضاء ومن هنا فإن ما أقدمت عليه لجنة التضليل يعد مساسا بهذه القيم والأصول والمباديء ويشكل إهدارا للعدالة جلها٠فهذه اللجنة وهي تمارس هذه المجزرة غفلت عن حقيقة مهمة هو أن التجربة العملية والشاهد التاريخي من السوابق القضائية أكدت علي إستقلال القضاء وأن كل مؤسسات حكومة البشير كانت تراعي لمبدأ إستقلال القضاء وهو مايبرر أن كثيرا من أحكام وقرارات السادة القضاة جاءت ضد جهاز الأمن والمخابرات فلم تمنعه هيبته ولا سطوته من أن يذعن لها٠ بل هولاء القضاة أنفسهم لم يعبأوا بمنعة وقوة وجبروت جهاز الأمن فمارسوا سلطاتهم وأصدروا قراراتهم وفقا لما انعقد عليه وجدانهم السليم بعد وزن صحيح للبينات دون أدني رهبة أو خشية من أحد أو جهة٠قناعتنا الخاصة أن هذه القرارات لن تصمد ساعة في المستقبل القريب العاجل حيث سيعودون لممارسة وظيفتهم بعد تعويضهم التعويض المجزي جراء هذه الإهانة والتشهير الذي طال معاليهم٠ليس عن هذا نحدث الناس وانما عن تدنيس القضائية بتحويلها لحلبة تصفية الحسابات السياسية والحزبية٠الخاسر فيها المواطن المغلوب علي أمره والوطن٠ لأنه ليس هناك أمن ولا أمان إلا في وجود قضاء عادل يطمئن له الناس ويأنسون في رشده ونزاهته ولأننا لم نسمع طيلة الثلاثين عاما شكوي ضد القضاء أو طعنا في نزاهته سنظل نقف ضد هذه القرارات ونرفضها بشدة٠
وهو تندرج تحت خطة محكمةوسعي لتفكيك المؤسسات المهمة وافراغها من الكوادر المؤهلة والمدربة كعمل مخابراتي منظم القصد منه زعزعة أمن وطمأنينة الناس وإضعاف البلاد أكثر حتي يتمكنوا من تنفيذ مخططهم الآثم لتمزيق وتقسيم البلاد لخمس دول٠
مولاتي رئيس القضاء هولاء اليسار باعوا السودان٠ وقبضوا الثمن فلا يتخذونك مطية يعبرون بك إلي شاطئ مؤمراتهم الخربة٠
وأعلمي أن التاريخ الذي منحك شرف أن تكوني أول سيدة تنال شرف رئاسة القضاء؛ سيكتب عليك أنك خنت زملائك، واستبحت القضائية، وفرطتي في هيبتها واستقلالها٠ فأنت اليوم أمام الخيار الحسن إما أن ترفضي هذا القرار وتصوني القضاء عن سفور السياسة وتنتصري لشرف الزمالة٠وثقي بأن اليسار لن يجرأوا حتي علي إقالتك فهم أوهن من ذلك وإلا فلا تنتظري من التاريخ غير تشييعك بأقذر الصفات واللعنات٠فهل تنحازين لصوت الحكمة والوقار ليخلدك أنك من حصنتي القضاء وأمنت استقلاله وحفظت وحدته وحيدته ونزاهته من غلواء الساسة أم ستضعفين أمام اغراء السلطة التي لم تدم لأحد٠
أتوقع أن تقولي كلمتك للتاريخ وتمضي فهو خيار العقلاء٠

Exit mobile version