Site icon المجرة برس

هيثم كابو : شهيد الفيضان طي النسيان!

<p>&rsqb; لن تسمع عنه كلمة واحدة، مع أن قصته تستحق أن تروى، ولن تجد صورته تزين شاشات قنواتنا الفضائية، فهؤلاء في قضايا الأمة وهمومها الكبيرة وقيمها وتضحياتها لا يعملون، وعندما ينفجر الناس في وجوههم غضباً، تحركهم تلك الغضبة الآنية بالريموت كنترول؛ فيقدمون مردوداً هزيلاً متواضعاً في وقت طويل ممل، وحتماً لن تأتيك عن هذا الشاب &lpar;الأيقونة&rpar; معلومة واحدة لأننا في زمن نجوم الورق المصنوعة، حيث &lpar;القونات&rpar; الأعلى صوتاً، والأكثر تمدداً، والأوسع انتشاراً، ولن تكتب الصحف عنه، ولن تسمع قصته على أثير إحدى الإذاعات، ولن تجد صورته منتشرة عبر الأسافير كصورة &lpar;العربة الباترول&rpar; التي امتطتها مغنية شابة، فكان لزاماً علينا معرفة سعرها، وسرعتها، ورقم لوحتها، بل و&lpar;رقم الشاسي&rpar; الخاص بها، مع سماع أغنية تمجد &lpar;كاش&rpar; الحصول عليها، ومغنية أخرى تدخل &lpar;ردحي الأنغام&rpar; مشككة في سيرة الشراء العطرة، وكاشفة للرأي العام أن القصة مجرد تضخيم زائد، والحكاية &lpar;شو&rpar; وأقساط، و&lpar;لعنة الله على تقليعات هذه الأيام التي ترفع الضغط، وتفتح غُدد الإحباط&rpar; &period;&period;&excl;<br &sol;>&NewLine;&rsqb; لن ترى صورة أحمد الحبر على شاشات قنواتنا الفضائية، فمعظم الذين يعملون بتلك القنوات من الموظفين محدودي الإبداع، ومتواضعي القدرات، وقليلي الهمة، صموا الأذان بالأنغام عندما كان صوت غضبة النيل عالياً، وما أن كربجتهم سياط النقاط حتى هرعوا للضفاف ليغطوا غيابهم بكل ما هو &lpar;أوفر&rpar; ، فخاضوا في الماء أكثر من المطلوب، ولم يخوضوا في القضية، ذات الأسئلة الهشة المحفوظة منذ سنين طويلة، لا يكتبون تقارير مسبوكة، ولا يوردون معلومات جديدة، ولا يقرأون الوجه الآخر للأزمة، ولكنهم لسوء حظنا بهم يكررون المكرر، فجلهم يستسهل العمل، ويحفظ ذات الكتاب البائس، ويقرأ من نفس المقرر، أنهم &lpar;عباقرة الاستطلاع&rpar;، نعم، يثبتون الكاميرات، وينادون الناس للحديث من طرف، فحتى الاستطلاع التلفزيوني لا يتقنون فنونه، ولا يحترمون أصوله، ولا يعرفون أبجدياته، فكل خمسة أشخاص موجودن في مكان واحد يستطلعون آراءهم، ولو تطابقت وجهات نظرهم، وتشابهت مهنهم وحرفهم، وتقارب المستوى التعليمي والفكري بينهم، وكانوا ينظرون للقضية من زاوية واحدة&period;<br &sol;>&NewLine;&rsqb; أحمد الحبر يا سادتي شاب سوداني من تراب هذه البلاد الطيب أهلها، مليان همة، وأصالة، ومروءة، وشهامة ورجالة، وفراسة وتحدياً وبسالة&period;<br &sol;>&NewLine;&rsqb; يقطن أحمد الحبر الكلاكلة القبة جنوب الخرطوم، وكعادة &lpar;رجال الحارة&rpar; في ساعات الفزع، عندما داهم النيل المنازل، ودخل البيوت، هب &lpar;ود الحبر&rpar; مع أبناء الحي لنجدة الجيران، وكان مع الشباب الذين أنقذوا الأطفال؛ وساعدوا كبار السن في مغادرة منازلهم التي باتت قاب قوسين أو أدنى من السقوط على رؤوس ساكنيها، وأخرجوا ما استطاعوا من أثاث ومقتنيات، وشاءت الأقدار أن يسقط أحد الجدران على من كان يعمل بهمةٍ وتفانٍ لإنقاذ الآخرين، ففارق الحياة الدنيا، تاركاً في العين دمعة لا تجف، وفي القلب حسرة لا تنتهي، وفي الذاكرة قصة لا تنسى لشباب يجسدون صورة السوداني الأصيل التي تغنى بها صلاح أحمد إبراهيم مردداً&colon;<br &sol;>&NewLine;الشعب الحر الفعله بسر<br &sol;>&NewLine;آب لحماً مُر<br &sol;>&NewLine;في الزنقة أم لوم قدام باينين<br &sol;>&NewLine;البسمع فيهم يا أبو مروة<br &sol;>&NewLine;بي فرارو ينط من جوه<br &sol;>&NewLine;يبادر ليك من غير تأخير<br &sol;>&NewLine;دا اخو الواقفة يعشى الضيف<br &sol;>&NewLine;الحافظ ديمة حقوق الغير<br &sol;>&NewLine;سيد الماعون السالي السيف<br &sol;>&NewLine;الهِدمو مترب وقلبو نضيف&period;<br &sol;>&NewLine;&rsqb; هزني جداً صبر عمنا الحبر عندما ذهبنا لنقدم له واجب العزاء أمس الأول، كانت المرة الأولى التي أراه فيها، ورغم أن العزاء كان على عجالة، وقرأنا الفاتحة على روح &lpar;شهيد الفزعة&rpar; وسط مياه النيل التي تحاصر المنازل، إلا أن عيني عم الحبر عكست ما في قلبه المفجوع من أمل وألم، فالوالد الذي وضع الأحلام والهموم على كتفي ابنه الذي كبر عاماً تلو الآخر حتى تجاوز العشرين سنة بات هو عكازته التي يستند عليها، وعينيه التي يرى بهما، وهواءه الذي يتنفسه، ودمه الذي يجري في أوردته،<br &sol;>&NewLine;ثم نزفه عند الرحيل المفاجئ دفعة واحدة، فاكتحلت الدنيا أمامه بالسواد، ولبس الحي بأكمله ثوب حداد&period;<br &sol;>&NewLine;&rsqb; نسأل المولى سبحانه وتعالى أن يتقبل أحمد الحبر قبولاً حسناً مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يفتح بصيرة أحزابنا السياسية فتنعي من قدم روحه رخيصة لإنقاذ الجيران والأهل، أما قنواتنا الفضائية فليس عليها حرج، و&lpar;نسألك اللهم الصبر والفرج&rpar;&period;<br &sol;>&NewLine;نفس أخير<br &sol;>&NewLine;&rsqb; مؤسف أن تكون سيرة شهيد المروءة والفيضان طي النسيان<&sol;p>&NewLine;<p>الانتباهة<&sol;p>&NewLine;

Exit mobile version