منذ الاعلان عن الوثيقة الدستورية ونشرها وتيقنا تماماً انها لا تشبه الوثيقة ولا الدساتير المعروفة، وكأن واضعوها هم طلاب فى سنة اولى قانون وليسوا فطاحلة فى المجال القانونى وهذا هو الامر المؤسف، ونجد ان تلك الوثيقة الدستورية تم تطويعها لخدمة اجندة جهات واشخاص وليس لتنظيم الدولة، وهى الآن باتت تشكل عائقاً كبيراً فى عدة مجالات، والحكاية بدت أشبه بالخرمجة، والآن بدأت سوءاتها تتكشف للمواطنين، وبدلاً من ان تصبح تلك الوثيقة المرجع الاول والاخير للدولة باتت الدولة تبحث عن طرق قانونية اخرى لتحتكم اليها. وباختصار هذه الوثيقة ملزمة للضعفاء وفضفاضة امام قادة الدولة وقابلة للتمييع .
الوثيقة الدستورية الآن سببت كوارث، ولعل ابرزها الآن الكارثة التى ستحل بالمراجع القومى قريباً، ودون ان يكترث للأمر المجلس السيادى (مجلس الهنا) او مجلس الوزراء (مجلس المنى)، فبسبب هذه الوثيقة الآن اضراب منسوبي المراجع العام يدخل يومه الثالث، والحق معهم طالما انهم امضوا اربعة اشهر دون ان يتسلموا استحقاقاتهم ورواتبهم المنصوص عليها بموجب الهيكل الراتبي المعدل، وحتى الآن لم يفتح الله على مجلس السيادة او مجلس الوزراء بالوقوف على اسباب الاضراب والعمل على حلها .
ما حدث باختصار هو ان الوثيقة الدستورية نصت على ان المراجع العام يتبع لمجلس الوزراء وهذا جهل تام من قبل واضعى الوثيقة الدستورية، لأن المراجع العام عالمياً وحسب الدساتير العالمية يتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية، باعتباره جهة مستقلة شأنه شأن القضاء. وما لا يعلمه واضعو الوثيقة أن تتبيع المراجع العام لمجلس الوزراء سيتسبب فى تحجيم اموال الدعم التى قد ترد الى السودان، والآن هنالك منظمة عالمية بصدد الوصول للبلاد للوقوف على اسباب عدم استقلالية المراجع العام والاسباب التى جعلت واضعى الدستور يتبعونه لمجلس الوزراء، ولمن يسأل عن العلاقة بين الدول المانحة والمراجع العام نقول له ان الدول المانحة قبل ان تقدم الدعم تطالب دائماً بتقارير المراجع العام للدولة التى بصدد منحها دعماً .
وابان التعديلات الاخيرة للرواتب قام مجلس الوزراء بوضع هيكل جديد للرواتب تمت اجازته، وكان من المفترض ان يكون المراجع العام والقضاء والنائب العام والقوات النظامية خارج الهيكلة، الا انه تم تعديل الرواتب ورفع الهيكل الجديد لوزارة المالية التى بدورها وافقت وقامت باجازة الهيكل، وذلك ممهور بامضاء السيدة الوزير هبة، الا انه عند مرور الهيكل للمراجع الداخلى التابع للوزارة تم ايقافه، وعندما طالب المراجع العام باستحقاقاتهم قوبلوا بالرفض من وزارة المالية رغم الموافقة السابقة للوزير، ولكنهم رفضوا استناداً الى ملاحظات المراجع الداخلى الذى استند فى رفضه الى الوثيقة الدستورية، كما نجد ان المراجع الداخلى للوزارة استند الى القرار 70/2019م الصادر عن مجلس الوزراء والقرار 370/2020م الصادر ايضاً عن مجلس الوزراء والقرار 227/2020م الصادر عن المجلس السيادى وعدد من القرارات الاخرى .
ومضى على المراجع العام اربعة اشهر لم يتم خلالها صرف استحقاقاتهم بالهيكل الراتبي المعدل، مما قادهم للاضراب وسيقودهم لخطوة اخرى اكبر، وهذا كله بفضل الوثيقة (الدستوكارثية)، علماً بأنه من اكبر الاخطاء التى ارتكبها واضعو الوثيقة الدستورية، انهم أتبعوا المراجع القومى لمجلس الوزراء، وهذا خطأ لأن المراجع القومى يقوم بتفتيش حسابات مجلس الوزراء وغيره من الجهات، فكيف يقوم بتفتيش جهة يتبع لها؟ وهذا خطأ يضاف لسلسلة اخطاء الوثيقة، ومن هنا نطالب المجلس السيادى ومجلس الوزراء بالتدخل العاجل لانهاء اضراب موظفى المراجع العام .
حاجة أخيرة:
غايتو الوثيقة الركيكة دى بحاجة لتعديل عاجل وشكراً.
الانتباهة