“صيد الخاطر” .. “السودان وبني اسرائيل.. حفريات معرفة ام رياح مصالح؟” .. “محمد امين ابوالعواتك”
المجرة
بداية التدبر عندي كانت من الكتاب القيم (في رحاب الرسالة) لمولانا الشيخ النيل ابوقرون الذي تم الاحتفاء به في اكثر من بلد ومنصة، وتمت ترجتمه الي اللغه الانجليزية ، والكتاب يتحدث عن وحدة الرسالات السماوية ومقصدها واسلوب الدعوة وكيفيتها والتشريع، وتواصل اهتمامي من بعد في حفرياته المعرفية في كتاب “نبي من بلاد السودان” في بداية العام حتي 2010 فصرت انظر لتفاصيل مشهد الحراك البشري علي مسرح الاحداث بمعطيات جديدة لفتوحات معرفية خارج اطار الصندوق المعرفي او مابين يدي الناس والفوه، وللدلالة يمكن للمهتم ان يتابع الفعاليات المتكررة التي تقيمها احدي طوائف “بنو اسرائيل” …اكرر احدي الطوائف الاسرائيلية ضد “دولة اسرائيل” في جميع انحاء العالم والذين يتضامنون مع اخوتنا الفلسطينيين ويدعون الي عدم الاعتراف بدولة اسرائيل “الصهيونية” لانها غير شرعيه وتخالف صحيح التوارة الذي هو (دعوه) وليس (دولة)!! اتتبع كذلك اتجاهات رياح مصالح السلطان في بلادنا منذ زمان مبكر في التواصل في هذا الاتجاه علانية او استحياءا ، والتطور الاهم حول ماتم مؤخرا علي صعيد علاقات السودان مع اسرائيل واللقاءء النوعي لرئيس مجلس السيادة السوداني مع رئيس الوزراء الاسرائيلي في عنتبي وما تلاه من وجهات نظر متباينة ، وتجدني لا اشارك الاخرين الحيرة او الحرج في هذا الامر فهو موضوع تعامل للسودان مع دولة تفهم ( الدين) بصورة غير صحيحة وانه (سلطان) كحال العديد من الدول الاخري التي نتعامل معها، صحيح هي تعتدي علي جغرافيا عزيزة علينا ولها حقوقها المشروعه التي لاتسقط ولايقول او يؤمن احد بذلك، الا انه يجب التركيز علي ماهو اهم ايضا في ان فهم (اخوة) لنا اخرين في نفس تلك الجغرافيا (للدين) انه (دولة وسلطان) ، لذا عندما تنظر للامر بكلياته او في صورته الكلية فانك تجد بان السودان يتعامل مع دول عديدة تماثل هذه الحالة بصورة عادية وفيها من يعتدي علينا وايضا من فهمه للدين بذات الطريقة السلطانية!!
هذا الموضوع ينظر اليه العديد من الناس بحساسية متوهمة الا ان وضعه في اطار الفهم الكلي الصحيح والفكر المتعمق في وحدة الرسالات السماوية ومقصدها والعلاقات بينها كما أوضحت في البداية يجده معركة في غير معترك ويتبين انه موضوع جانبي لموضوع آخر أهم هو أن الدين (دعوة) وليس( سلطان ودولة) محددة جغرافياً يستفتي الناس علي دستورها الذي هو عرضة للتعديل والتبديل وهو امر لاينطبق علي كلام الله المقدس.
قادني ذلك ايضا الي تتبع اثارهم وتابعت قبل سنوات مؤتمرا في كيمبردج لمجموعه من المستنيرين من (الذين هادوا) الذين ينشطون فكريا في مناهضة الدولة الصهيونية ويرغبون في حوار أهل الايمان في كل الرسالات السماوية الاخري موضحين ان تفسير مصطلح (اليهود)… لايشمل وفق تفسيرهم “المؤمنين” من “الذين هادوا” العاملين بالتوراة والمناهضين لفكر الدولة الصهيونية وهو مايطابق قول الله تعالي: (.. منهم امة مقتصدة وكثير منهم ساء مايعملون) فتتضح اهمية مشكلة المصطلح هذه عند بعض (الغلاة) عندنا في بلاد اهل الرسالة الخاتمة في الخلط بين .. “بني اسرائيل” و “الذين هادوا” و “اليهود”.. في الدعاء مثلا (اللهم دمر اسرائيل) وبتدبر قليل نجد انهم يدعو علي( نبي) من انبياء الله وهو سيدنا يعقوب عليه السلام الذي هو اسرائيل وليس من قصد بالدعاء وهي الدولة الصهيونية المعتدية!!
فهم يؤمنون بالله ورسولهم و يصدقون نبوة خاتم الانبياء صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه واله ويعانون كما نعاني في تبيان ان الاسلام دين ودعوة وليس حكما سلطانيا تسلطيا اقصائيا كما هو الحال في حالاتنا او صهيونيا في حالتهم، نتفق كيف نشاء في تنظيم مجتمعاتنا علي هدي الاخلاق التي هي مقصد الرسالات اما الشرائع فمكانها القضاء يتحاكم اليها الناس كل بهديه ويتضح ذلك في قوله سبحانه وتعالي: (..لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة..) وايضا في قوله: ( وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه…) وايضا: ( وكيف يحكمونك وعندهم التوارة فيها حكم الله..) وكل هذا التنوع الايماني وضحه القران الكريم فقال الله فيه: ( ان الذين امنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون)، اما التكفير او الحكم بايمانيات الناس بادعاء الاطلاع علي السرائر فهذا شان خاص بالله سبحانه وتعالي وعلمه عنده ولم يعطه لبشر او جماعه او تنظيم وهو الحكم الفصل فيه يوم القيامة.
تحدي الامة هو تحدي مراجعات ومرجعية فكرية لمغادرة تصنيف تزيل الامم وقديما قالوا: اذا (اتسعت)الرؤية ضاقت (العبارة) و المرء عدو ماجهل ، فالذي يحدث عندما تضيق (الفهوم) تضيق معها (الصدور) فتكون افة (النفس) هي سيدة الموقف ومدينة العلم سيدي رسول الله صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه واله اوصي بطلب العلم من المهد الي اللحد وكان رده علي الذي الح طلبا للوصية..(لاتغضب) وكررها ثلاثا.
ان مقصد الرسالات السماوية هو السلام وبناء المجتمع الفاضل علي هدي الاخلاق والمعاملة الحسنة وان الدين عند الله واحد وهو الاسلام ، فالذين امنوا بالله ورسلهم الذين بعثوا فيهم واعتقدوا بصحة الرسالات السماوية الاخري و استقاموا علي ذلك وعملوا صالحا اولئك لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ونوقن كذلك بان الاسلام في مختلف رسالاته هو دين ودعوة لخير البشرية بلا اكراه او سيطرة او عدوان علي الاخر الا ردا علي عدوانه وان جنحوا للسلم فاجنح لها ولاتكون طريقة تنظيم مجتمعاتنا وتسيير شئونها مجالا للقول بان هذا هو الدين حصريا ، ويجب التدبر لنعرف ان ما انزل الله حقيقة والزمنا الحكم به هي التشريعات وهي القانون و مكانها القضاء لحفظ الحقوق وضبط المعاملات بين الناس للحفاظ علي الحد الادني للاخلاق في المجتمع وليس الحكم السلطاني كما يعتقد الكثير من الناس.واتباع الرسالات السماوية فيهم من امن بالله و برسوله الذي بعث فيهم وهؤلاء هم المسلمون ، وفيهم من كفر واولئك هم الكافرون ، ولم يكن الرسل عليهم السلام سلاطين او حكاما او ملوكا عدا سليمان وداوود عليهما السلام بل كان دورهم البلاغ (فهل علي الرسل الا البلاغ المبين) وليس السيطرة والاكراه ، فاختطاف الدين لفرض السلطان هو مجانبة لمقاصد الهدي في كل الامم سواء كان في اليهودية او المسيحية او الرسالة المحمدية الخاتمة.