Site icon المجرة برس

“بيت الشورة” .. “لقاء البرهان نتنياهو…..جاااكم” .. “عمر الكردفاني “

منذ ان راى جيلنا النور وحتى أوائل التسعينات بمدينة الدلنج درجت مجموعة متميزة من أبناء المدينة ممن حباهم الله بالصحة الوافرة والنشاط ،درجوا على الخروج كل يوم جمعة للصيد وصيد الارانب على وجه الدقة ،وكانت المجموعة تتألف من ألوان الطيف القبلي والاجتماعي لا يجمعهم شئ سوى صيد الارانب والغزلان إن وجدت ،وكانت لهم اجتماعياتهم كما لهم مصطلحاتهم في المدينة وحين يخرجون للصيد،
ومن أدبيات الصيد انك اذا وجدت ارنبا وهربت منك فإنك بالطبع توجه النداء إلى حيث تعلم أن أحدا ما هنالك صائحا بالاتجاه الذي سلكته الطريدة،لأنهم اصلا ينتشرون على امتداد الوادي الذي يسلكونه لذا فهروب الارنب من جناح يعني سقوطها في فخ الجناح الآخر. لان المجموعة تسير في خط مستقيم من الشمال إلى الجنوب مثلا ،ولكنهم جميعا يتوجهون إلى الشرق وبذا يغطون مساحة واسعة لا يمكن الارنب الخروج منها .فإذا هربت الارنب من الجناح الشمالي فإن من فيه يصيحون الآخرين جنوب جنوب جنوب، اي إن الارنب متوجهة الى الجنوب، وفي احد الايام خرج معهم احد ضيوف المدينة وكان لا يعرف المصطلحات وقدر الله ان تخرج الارنب من تحت رجليه ،ومن هول المفاجأة وعدم علمه بالكلمات المتداولة في مثل هذه الحالات صاح الرجل :جااااكم ،وكلمة جاكم لدى هذه المجموعة إن هنالك حيوانا مفترسا،اسدا أو ذئبا ،يقال والعهدة على الراوي أن معظم أفراد المجموعة لم يلتقوا الا مساءا بالمدينة فقد هرب كل واحد بالاتجاه الذي يعرفه .
والقصة تشبه إلى حد بعيد خطوة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ،فالرجل لا يعرف احابيل السياسة ولا مصطلحاتها فهو ابن المؤسسة العسكرية التي لا تعرف من الألوان الا الأبيض والأسود فالرمادي لا وجود له عند العسكريين ،والبرهان حانت له فرصة رآها مؤاتية لا لخدمة حزب أو ايدلوجيا او قبيلة ،بل لخدمة الشعب السوداني ،والفرصة ربما فعلا كانت قيد التداول بينه ورصيفه في مجلس الوزراء وربما دوائر أخرى تضيق أو تتسع ،والرجل ربما قرأ ما يتداوله الشارع من أن القضية الفلسطينية ما عادت كالسابق قضية مواجهة عسكرية بل انتقلت الى دوائر السياسة والمحافل الدولية المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة ورصيفاتها من مؤسسات ،على كل حال إن قراءة الجنرال برهان كانت صحيحة وخطوته كانت تلبي أشواق الكثير من السودانيين (رغم أنني اعارضها بشدة ) إلا أنني التمست أنها صحيحة مية في المية حسب ما تمليه الساحة السياسية وحسب ما تمليه مصلحة البلاد ،عاطفيا هنالك الكثيرون يتمنون الموت عوضا عن رؤية العلم الإسرائيلي يرفرف في سارية على مبنى السفارة الإسرائيلية بالسودان
المهم في الأمر أن الجنرال البرهان صاح في الساحة السياسية جااأكم فاضطربت الساحة ايما اضطراب وطفق الكل يجري كيفما اتفق ولم يهدأ لهم بال حتى الآن، وقرأت الكثير من الآراء السياسية والدينية وحقيقة الآراء المعضدة لخطوة البرهان كانت أكثر من تلك التي تنتقدها لذا كما أسلفت إن الخطوة صحيحة رغم كرهي لها وإن كانت هنالك منقبة على الخطوة فهو توقيتها إذ أنها خطوة الحكومة المنتخبة والله أعلم.
ثم ماذا بعد ؟
في رأيي المتواضع إن حمدوك وحكومته بالإضافة إلى المكون المدني من المجلس السيادي كلهم يغردون خارج السرب حتى ان معظمهم إنما كانوا متغربين من البلاد متدثرين بالغياب لم يذوقوا ما عاناه رفاقهم من سجون وتشريد وقطع ارزاق ،لذا فكان يجب أن يتم تكوين المجلسين من نشطاء الداخل الذين جابهوا حكم الإنقاذ حتى فقد بعضهم كل ما يملك وآخرين أرواحهم، إن الحل يكمن في احد أمرين، إما إعادة تشكيل المجلسين من ثوار الداخل أو انتخابات مبكرة والله اعلم
Exit mobile version