متعاملون في السوق: نتوقع تجاوز الدولار الـ500 جنيه لدخول موسم الحج
وزير المالية يؤكد توفر النقد الأجنبي لدى بنك السودان
محلل اقتصادي يستبعد وجود حلول للأزمة الاقتصادية في القريب العاجل
الناير: لا توجد رؤية واضحة لإعادة هيكلة اقتصاد ما بعد الثورة
الخرطوم / خالد الفكي
ظل الاقتصاد السوداني في حالة تراجع مستمر، حيث اتسعت دائرة الفقر بين شرائح المجتمع لتتجاوز الـ60% وفقاً لتقارير اعلامية، فيما يشير مراقبون لأن نسبة الفقر تتجاوز الـ85% خاصة في اطراف البلاد، يعاني السكان من توفير ابسط مقومات الحياة الكريمة على رأسها الخبز والمياه الصالحة للشرب، حيث ان السودانيين مازالوا يأملون فى ايجاد حلول للازمات المتلاحقة.
إجراءات حكومية
وزير المالية جبريل ابراهيم أكد أن هناك العديد من الرؤى والإجراءات والترتيبات للتحكم في سعر الصرف، موضحا أن الأسعار التي تحدثت عنها وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لها بواقع السوق وان القصد منها أحداث المزيد من الاضطراب و البلبلة في سوق العملة الوطنية وإيجاد المشكلات التي تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، وناشد المواطنين بعدم الالتفات إلى ما تنشره وسائط التواصل الاجتماعي.
متعاملون بالسوق الموازي توقعوا المزيد من ارتفاع النقد الاجنبي “الدولار” مقابل الجنيه غضون الأيام المقبلة وتخطيه لحاجز (500) لدخول مؤسم الحج، كشفوا عن توفر احتياطات ضخمة لديهم، وقللوا، من الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتعويم او المزادات والعمليات الأمنية للقبض على تجار العملة.
وأضاف ابراهيم” الدولة قادرة علي التدخل لتوفير الموارد المطلوبة لسوق السلع الأساسية والاستراتيجية”، لافتا إلى توفر النقد الأجنبي ببنك السودان المركزي وامكانية تلبية مطالب الأفراد وسد حاجتهم لا سيما في حالات العلاج.
بالمقابل أبدى الخبير واستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية الدكتور محمد الناير أسفه لاتجاه الدولة نحو ما وصفه بـ”دولارة السوق”، بسبب سياسياتها التي لم تراعي وضع حلول ناجعة للازمة الاقتصادية في البلاد، وقال لـ”المواكب”، انه ومنذ انفصال جنوب السودان قبل عشرة سنوات لا النظام السابق ولا بعد الثورة توجد رؤية واضحة لاعادة هيكلة وتصحيح مسار الاقتصاد.
ونوه الناير إلى ان كافة المقترحات لم تؤدي لتحسن مؤشرات الاقتصاد السودانى، مستدلاً بذلك بارتفاع معدلات التضخم ليمون السودان من بين ثلاثة دول هى الاعلى على مستوى العالم، بجانب تدهور قيمة العملة الوطنية، منتقداً اهتمام حكومة الانتقال بالمجتمع الدولى والنظر الى امكانية ايجاد حلول وبدائل لمشكلات الاقتصاد من خلال مؤسساته المالية والاقتصادية دون النظر الي ضرورة توظيف الموارد الوطنية.
ووفقاً لمراقبين أن السبب في زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازي مقارنة بالسوق الرسمي برغم سياسة توحيد سعر الصرف وتدهور العملة الوطنية هو أن البنك المركزي ينقصه الاحتياطي النقدي الكافي من العملة الأجنبية مثل الدولار لمواجهة الطلب المتزايد على العملة الأجنبية.
كما افاد الناير ” المواكب”، ان سياسة الحكومة بدولارة السوق تقود الي تقييم التجار والمتعاملون في السوق لسلعهم بقيمة الدولار الامريكى وليس الجنيه السودانى، وتابع “هذا يقود الي انه كلما تدهور قيمة العملة الوطنية زادت قيمة الدولار ليحدث مايجرى الان في البلاد من اختلال للموازين الاقتصادية”.
هذا وقد طالبت اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير بالرجوع إلى البرنامج الإسعافي والبرامج والمذكرات ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول، وتطبيق ما ورد فيها باعتباره الحل الشامل لأزمة الاقتصاد السوداني في المرحلة الراهنة، ثم يكون العون الخارجي في حالة وصوله عاملاً مساعداً، وحذرت من مغبة تجاهل تطبيق ذلك، لكون ان البلاد موعودة بمستوى شامل وأكثر عمقا من الانهيار الاقتصادي والتجويع للشعب والانفراط الأمني بسبب السياسات الراهنة للسلطة والتي تتناقض تناقضا جذريا مع أهداف وبرامج ثورة ديسمبر المجيدة وطموحات الشعب.
محاكمات
الصحفي والمحلل الاقتصادى عاصم اسماعيل شدد على وضع خطة محلية تعتمد على تفعيل الانتاج وتشغيل العاطلين عن العمل بجانب الغاء جميع الرسوم الزراعية والثروة الحيوانية اضافة الي دعم الانتاج الزراعي وتوفير الوقود بسعر مناسب مع تفعبل اليات الرقابة ومحاكمة المجرمين والمضاربين في الاسواق العملة والاسواق الاخرى .كما علي الحكومة انشاء شركات مساهمة عامة تدخل فيها الحكومة بنسبة كبيرة لتوفير السلع الاساسية عبر الاستيراد من الخارج للسلع الضرورية.
كما دعا اسماعيل خلال حديثه لـ”المواكب”، إلى محاكمة كل من تثبت ضده جريمة المضاربة والتهريب ، وتفعيل عمليات مكافحة الجريمة وتهريب الذهب والوقود، ويلفت إلى أن الطلب المتزايد على الدولار يتم تغطيته من السوق الأسود، مما يعني ارتفاع سعر الدولار مباشرة.
واضاف: ” لحل يكمن في قيام الحكومة بشقها العسكري والمدني بالتنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي بتفكيك الشرائح والجماعات التي تمتلك الاحتياطي النقدي الأجنبي خارج القنوات الرسمية وخارج البنك المركزي ووزارة المالية”.
هذا وقد اجاز مجلس الوزراء مؤخراً التوصية الخاصة بسياسات ضبط الصادر والوارد والتي تتضمن الاسراع في تطبيق النظام الالكتروني والعمل بنظام النافذة الواحدة لتسهيل الرقابة على الصادر والوارد فضلا عن مراجعة الرسوم المفروضة على المنتجات المحلية وكذلك التحكم في تصدير الذهب والقطن والصمغ العربي والسمسم.
بُعد الحل
وأستبعد المحلل الاقتصادي الفاضل ابراهيم، حلول للأزمة الاقتصادية في القريب العاجل ما لم تعيد الحكومة خططها وبرامجها وتعتمد على نفسها خاصة في الانتاج والاستثمارات الخارجية لتستطيع الحصول على تحريك الاقتصاد السوداني سواء كان في الاقتصاد الصناعي أو الزراعي أو الثروة الحيوانية، في اطار جذب الاسثمارات.
وقال نحن بحاجة إلى أسس وضوابط ترغب وتجذب المستثمر، مضيفاً .. الآن هنالك انفلات امني والوفاق السياسي غير متوفر، إضافة إلى مناكفات ما بين مجموعة قوى الحرية والتغيير والمجلس السيادي، إلى جانب عدم استقرار داخل الحكومة والتخوين لدي الأحزاب السياسية، كما أن هنالك بعض المشاكسات والمناكفات التي تحدث باقصاء بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني من المشاركة والمساهمة في ايجاد الحلول في هذه الأزمة.
وشدد الصحفي الاقتصادي عبدالوهاب جمعة على ان حكومة الفترة الانقتالية وقعت في اخطاء متعددة بشأن معالجة تدهور الاوضاع الاقتصادية خاصة المتعلقة بمعاش السودانيين اليومى.
وقال جمعة لـ” المواكب”، ان هناك غياب تام للتنسيق بين الوزارات الحكومية بشأن الرؤية إدارة الملف الاقتصادى وايجاد حلول لازمات ظلت تتراكم منذ عهد المخلوع البشير، كما انتقد غياب آليات الدولة للرقابة والتدخل الفورى للتحكم فى اسعار الصرف او السلع الاستراتيجية.
عمق الأزمة
وقال المحلل الاقتصادي الفاضل ابراهيم لـ”المواكب”، إن الأزمة الاقتصادية تجذرت في اعماق الاقتصاد السوداني، ويرى بشأن وضع حلول للأزمة السودانية ضرورة ان يكون هناك وفاق وطني شامل لا يستثني احد وتوفير الأمن والاستقرار، وبرر ذلك لأن المستثمر لا يمكن ان يقدم على بلاد لا يتوفر فيه الأمن واصفا اياها بالبند المهم. معتقدا ان الطريق طويل لايجاد حلول للأزمة الاقتصادية في ظل الوضع الراهن ما لم يكن هنالك تغيير مباشر في دينماكية المساهمة من جميع الشعب السوداني لحل هذه الأزمة، ووصف الانتاج بالمهم، قائلا أنه لا يتم الا بتوفير الأمن والاستقرار وتصافي النفوس وحلول لكل الأزمات الأمنية والسياسية والاجتماعية.
وتُشير موقع “المواكب” إلى ان اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير قد اتهمت السلطة التنفيذية بالتركيز على الخارج فقط لتنفيذ مطلوبات الاملاءات الخارجية مهما كانت تكلفتها على المواطنين وعدم وضع أي اعتبار للشعب السوداني ومطالبه الحيوية؛ بالتخفيض المستمر لقيمة العملة الوطنية حتى وصل إلى طريق التدهور المستمر من( 47) جنيه للدولار إلى ما يقارب الـ( 500) جنيه للدولار في استجابة مذلة للشروط صنوق النقد الدولي.
ودعت اللجنة الاقتصادية لسيطرة الحكومة على صادر الذهب وانشاء بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية وارجاع عمل الشركات الأربعة التي كانت تعمل في مجال الصادرات ( شركة الصمغ العربي وشركة الحبوب الزيتية ومؤسسة الماشية واللحوم وشركة الأقطان) لضمان توريد حصائل الصادرات في القنوات الرسمية، ووضع الدولة يدها على رسوم عبور الطائرات للأجواء السودانية ورسوم عبور نفط الجنوب بالإضافة إلى تطبيق مبادرة المغتربين المسماة بمبادرة داعمي البنك المركزي بحيث تؤدي تلك البرامح إلى توفير العملات الحرة بمبالغ كبيرة لا تقل عن ١٢ إلى ١٤ مليار دولار في العام على أقل تقدير.
هذا ويلخص مراقبونأسباب التدهور الاقتصادي فى السودان إلى التركة الثقيلة التي ورثتها حكومة الفترة الانتقالية من النظام السابق، فيما يتعلق بملف الاقتصاد “الدمار هو السمة العامة لهذا الملف”.
وقالت الأمم المتحدة إن أسعار المواد الغذائية في السودان تضاعفت ثلاث مرات خلال سنة، بينما ارتفعت تكلفة الخدمات الصحية بنسبة 90%، لترسم بذلك صورة قاتمة للأوضاع في البلاد.
وتصل كفلة استيراد الدقيق والمحروقات والدواء إلى نحو مليار ومائتي مليون دولار شهريا، وهي فاتورة ضخمة على بلد أنهكته الحروب والعقوبات الدولية.