Site icon المجرة برس

صلاح الدين عووضة يكتب : كلنا كدا !

<p>كلنا عظماء&period;&period; كلنا كذلك هذه الأيام… أو الغالبية العظمى منا&period;&period; وقبل أن تفرح فلتنتظر حتى تفهم المقصود بمفردة عظماء في سياق كلمتنا هذه&period;&period; فقد ترى من يكلم نفسه في زماننا هذا&period;&period; وستقول بلا تردد&colon; إما مجنون هو… أو مسطول… أو مفروس… أو مضغوط&period;&period; ولكن كذلك كان يفعل كثيرٌ من العظماء&period;&period; فلماذا نقبل التصرفات الشاذة منهم – ومن عباقرة – ونستهجنها من تلقاء غيرهم؟&period;&period; الإجابة قد تحتاج إلى تفلسف… مدعوم بشيءٍ من علم نفس&period;&period; ولكن مهما يكن؛ هل يصح أن نسخر من غرائبية أفعال بعض البشر؟&period;&period; ونبيح لأنفسنا – من ثم – أن نضحك منهم… وفيهم… وعليهم؟&period;&period; كنت – إذن – ستضحك كثيراً وأنت تبصر أحدهم يدخل على أصحابه من النوافذ&period;&period; ولكن ضحكك لن يطول أمده فور أن تعرف الشخص هذا&period;&period; بل ربما تحول إلى تقديرٍ… وإعجابٍ… وانبهار… أو حتى محاولة تقليد&period;&period; إنه تشارلز ديكنز الروائي الإنجليزي الشهير&period;&period; ونضحك نحن على شخص عادي إن نسي شيئاً مهماً ونردد طرفة معروفة&period;&period; طرفة الذي ذهب إلى طبيبٍ نفساني يشكو معاناته مع النسيان&period;&period; فسأله الطبيب&colon; والحالة هذه معك منذ متى؟… فقال متسائلاً هو نفسه&colon; أي حالة؟&period;&period; ولكن توماس أديسون كان ينسى أحياناً حتى اسمه ذاته&period;&period; ودوماً – لا أحياناً – ينسى طعامه… ونظارته… ومحفظته… بل واسم زوجته&period;&period; ونسخر نحن من صاحب الصوت المشروخ حين يغني&period;&period; بينما تمنى الكثيرون سماع غناء أينشتاين في الحمام؛ وقد كان لا يغني إلا داخله&period;&period; وتعجب زوجة صاحب نظرية النسبية من هذا التمني&period;&period; فهي كانت تضطر – من شدة قبح صوته الحاد – إلى سد أذنيها &lpar;بطينة وعجينة&rpar;&period;&period; ولكن أعجب من ذلك قصة مخترع لقاحات الجراثيم&period;&period; فلويس باستير نسي – لا ترك فقط – عروسه ليلة زفافهما؛ ومضى إلى المختبر&period;&period; وحين عثر عليه البعض هناك غمغم &lpar;آه حقاً؛ لقد نسيت&rpar;&period;&period; قالها – هكذا – بكل بساطة&period;&period; وأنور السادات كان يخاف من القطار وهو &lpar;كبير&rpar;&period;&period; وقبل أن يضحى رئيساً فر من السينما عندما رأى قطاراً يأتي مسرعاً نحوه&period;&period; يأتي في الشاشة… لا في الواقع&period;&period; فقد كان يظن أن القطارات تلاحقه هو &lpar;بالذات&rpar;&period;&period; رغم أن صاحب البحث عن &lpar;الذات&rpar; اجتاح خط بارليف المنيع كما &lpar;القطار&rpar;&period;&period; ويسخر بعضنا من الذين يبالغون في &lpar;التوهم&rpar;&period;&period; كسخريتنا من زميلٍ – إسلاموي – كان يتوهم وجود خطرٍ خارجي على كل شيء&period;&period; على بلاده… وعلى حكومته… وعليه هو نفسه&period;&period; ولكن الأديبة مي زيادة كانت تتوهم أكثر من ذلك… أكثر بكثير&period;&period; فلا يسخر منها أحد… ولا يضحك… توهمت أن أديب الأدباء طه حسين يريد سرقة حُليِّها؛ رغم إنه ضرير&period;&period; فهو لا يرى – أصلاً – ما تتزين به&period;&period; ولو رآه لما سرقه&period;&period; فغرابة الأفعال تكون مقبولة من جانب العظماء&period;&period; وما عداهم – من البشر – إما مجنون هو… أو مسطول… أو مفروس… أو مضغوط&period;&period; وكثير من السودانيين – هذه الأيام – يأتون أفعال العظماء&period;&period; فينسون… ويسرحون… ويتوهمون… ويكلمون أنفسهم… ويضحكون بلا سبب&period;&period; أو قد يكون ضحكاً لسببٍ يستحق البكاء؛ لا الضحك&period;&period; فلا تضحك منهم… وفيهم… وعليهم&period;&period; فربما تكون – أو تصير – أحدهم؛ بل ربما أنت كذلك بالفعل الآن… كحالنا جميعاً&period;&period; فكلنا كده&excl;&period;<&sol;p>&NewLine;

Exit mobile version