بيت الشورة
عمر الكردفاني
قصة ولايتين
غداة اندلاع حرب الابادة التي خططت لها مليشيا الدعم السريع للقيام بتغيير جذري لاعرق حضارة إنسانية على وجه الأرض، كنا نظن أن هذه الفئة الباغية الظالمة سوف تكف عن مشروعها الدموي قريبا الا انها وخلفها دويلات الشر في الجوار والخليج استمرأت طعم الدم السوداني المسفوح فوضعت الشعب السوداني أمام خيارات كلها مرة بل أنها لتتنافس في المرار ، اختار الكثيرون بعضا مما تجود به الخيارات سالفة الذكر الا ان البعض قفز فوق المراحل وبدأ التفكير خارج الصندوق ، لله در رجال نسوا أنفسهم واسرهم ومسؤولياتهم وحملوا السلاح ونحن نعرفهم جيدا فردا فردا منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا،مواطنين وعسكريين ساسة ورجال دين تجار والكثير ممن ظلمهم الحال الاقتصادي فدخلوا الحرب وهم لا يملكون شروى نقير ، هؤلاء الممسكين على جمر القضية الهموا آخرين حملوا هموما فوق همومهم وتقلدوا تكاليفا كان يمكنهم التملص منها بلا عناء وهم كثر على رأسهم الأخ وزير الداخلية خليل باشا سايرين الذي يعجز قلمي عن التحدث عنه ولكن ربما لاحقا ،ولكني أرغب اليوم في تسليط الضوء على مشعلين من مشاعل نهضة هذه البلاد من كبوة الحرب اللعينة والتقدم بها في خطى سيزيفية مرهقة مؤلمة عسيرة ،لم يثنهم تكالب الأعداء بالداخل والخارج ولم يعيقهم كثرة الخونة الذين يمشون بيننا وياكلون طعامنا ويلغون في المال الحرام من بين يدي مليشيا الجنجويد المسعورة .
بالتأكيد عرفت أخي القارئ من أعني بهؤلاء المشعلين…أنهما والي الخرطوم الأستاذ محمد عثمان حمزة ووالي البحر الاحمر اللواء مصطفى محمد نور ،لقد احجمت مرارا عن الكتابة عن الرجلين لعلمي انني مهما كتبت عنهم فلن استطيع ايفاءهم معشار ما قدموا للبلاد والعباد ولعمري أن والي الخرطوم لا يذكرني الا بطائر العنقاء الذي ينهض من الرماد الذي مسته الدماء ….شامخا جميلا ومهيبا،لقد نهض حمزة بولايته من تحت رماد الحرب وبدأ مرتديا شرف الدولة وملابس الجندية في توسيع دائرة نفوذه مقاتلا وسط إخوته أبطال القوات المسلحة وكلما زاد من مساحة الأمن والأمان للمواطن غرس في تلكم المساحة ازهارا من الخدمات وورودا من عبير البذل والجهد والعرق حتى باتت ولاية الخرطوم اليوم قاب قوسين او أدنى من التطهر تماما من رجس الجنجويد قاتلهم الله انى يؤفكون ،ولعمري أن حمزة يستحق أن يوضع على يده مفتاح الولاية ليرثها ويورثها لمن يشاء من أركان حربه عسكريين ومدنيين فلله دره.
اما ولاية البحر الأحمر فإن أمرها أعجب فهي باتت سودانا مصغرا ومضغوطا في مساحة أقل من ثلاثة بالمئة من مساحة السودان الكامل فعجم المجلس السيادي اعواده واختار الأخ اللواء مصطفى محمد نور واليا للولاية الدولة وحق له أن يحمل لقب والي ولاية السودان ،لقد ورث مصطفى ولاية مثقلة بالديون والمشاكل وتعتورها المشاكل الأمنية منتظرة ساعة صفر المليشيا وشذاذ الآفاق الا ان الرجل الذي طهر جبل مرة في العام 2017من دنس التمرد استطاع في أقل من شهرين رافعا شعاره النبيل :الأمن فالامن ثم الصحة فالتعليم ،استطاع أن يجعل من ولايته وجهة لكل السودانيين حيث قاتل من أجل أن يدفع منسوبيه إلى التفاعل معه عملا دؤوبا وبذلا بلا من ولا أذى حتى باتت عاصمتها عاصمة للسودان ،إن مسؤولية اللواء مصطفى محمد نور لم تكن باليسيرة خاصة بعد ان انتعشت مافيا العقارات واذاقت السودانيين الفارين من جحيم الحرب الأمرين وكادت المؤسسات الخدمية أن تهرب منها إلى ولايات أقرب مسافة وأقل جشعا في الإيجارات الا ان استقرار الخدمات جعلها تحجم ومن ثم تواصل البقاء لولا ما اعترى خدمة الكهرباء من خلل نصحت السيد الوالي أن يعالجه ببتر كافة القائمين على إدارتها الا انه وبطبعه الحيي لم يرد أن يعمل سيف البتر في أعضاء حكومته وليته فعل .وهو ما لا يقدح في مهنية الرجل وقوة شكيمته في إدارة هذه الولاية الدولة.
ثم ماذا بعد ؟
إن ما سقته من حديث عن الاخوة ولاة الخرطوم والبحر الأحمر يحتاج إلى عمل توثيقي ممنهج حتى نحتفظ للرجلين بما يستحقانه من تبجيل وما هم أهل له من تقريظ،فنحن في السودان نمتلك ذاكرة كذاكرة السمك ولربما سمعت الكثير المثير سلبا عن الرجلين قريبا عند انتهاء الحرب لأننا أكثر الشعوب سباحة في البر (الفي البر عوام ) لذا يجب أن نعمل كإعلاميين على التوثيق لهما منعا لأي تناول سلبي لسيرتهما مهما حدث من تغييرات في مسار العمل الخدمي بالبلاد أسوة بالسلف (ما ضر فلان ما فعل بعد الآن ) نعم ما ضر هؤلاء الشجعان ما قد يفعلا بعد انطفاء جذوة الحرب وذهاب المليشيا الغاصبة إلى مذبلة التاريخ وقعر جهنم