صالون_الريس
المارد الافريقي
د/ أشرف الريس
أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام… يعيش السودان مرحلة حرجة من تاريخه الاقتصادي بعد الحرب المدمرة التي اجتاحته في الخامس عشر من أبريل للعام ٢٠٢٣م “اليوم المظلم في تاريخ السودان” ، حيث يواجه تحديات كبرى نتيجة للدمار الذي لحق بالبنية التحتية، وتدهور القطاعات الإنتاجية، وهروب رؤوس الأموال. ومع ذلك، فإن السودان يمتلك موارد طبيعية وزراعية ضخمة تؤهله للعب دور رئيسي في تأمين الغذاء، خاصة في ظل التوقعات بأزمة اقتصادية عالمية وموجة مجاعات تهدد العديد من الدول.
تعاني البلاد من تضخم متزايد، وانخفاض في قيمة العملة المحلية، وشح في النقد الأجنبي، إضافة إلى انهيار شبكات الإمداد والخدمات الأساسية. كما أدت الحرب إلى تعطيل الإنتاج الزراعي والصناعي، مما زاد من اعتماد السودان على الاستيراد، في وقت تواجه فيه الأسواق العالمية اضطرابات متزايدة.
وبرغم كل ذلك هنالك فرص اقتصادية متاحة منها الزراعة والأمن الغذائي حيث يمتلك السودان أراضي زراعية شاسعة تقدر بأكثر من 200 مليون فدان صالحة للزراعة، إضافة إلى موارد مائية كبيرة من نهر النيل والأمطار الموسمية والمياه الجوفية. فمع ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا، يمكن للسودان أن يصبح سلة غذاء إقليمية، عبر الاستثمار في الزراعة التعاقدية، وتشجيع المشاريع الزراعية الموجهة للتصدير، وتعزيز سلاسل القيمة المضافة في المنتجات الزراعية. وكذلك يمكن استغلال الموارد الطبيعية التعدين حيث يحتوي السودان على احتياطيات ضخمة من الذهب، والمعادن النفيسة، والبترول والوقود الحيوي ” الايثانول. وفي ظل بحث الدول عن مصادر جديدة للموارد الطبيعية، فإن الاستثمار في التعدين وإصلاح قطاع الطاقة يمكن أن يكون مصدرًا رئيسيًا للعائدات، خاصة مع تحسين القوانين الاستثمارية الذي تم خلال الأيام الماضية وتمت اجازه في الاجتماع المشترك بين المجلس السيادي ومجلس الوزراء والذي يضمن الاستفادة القصوى من هذه الثروات.
ومن المؤكد ان السودان مع انتهاء الحرب سيتجه إلى إعادة الاعمار، وستكون هناك حاجة ماسة لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، مما يفتح المجال أمام مشاريع ضخمة في مجالات البناء، والطرق، والطاقة، والاتصالات. كما يمكن جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم حوافز اقتصادية، وضمان الاستقرار السياسي، وتسهيل الإجراءات الجمركية والضريبية.
ويمكن للسودان الاستفادة من موقعه الجغرافي الاستراتيجي لتعزيز دوره كمركز تجاري يربط بين شمال ووسط إفريقيا، ومنطقة البحر الأحمر، والخليج العربي. كما أن تعزيز الشراكات الاقتصادية مع دول الجوار سيساعد في تحقيق الاستقرار وزيادة فرص التصدير.
ولكن برغم هذه الفرص، هناك تحديات كبرى يجب مواجهتها، مثل ضعف البنية التحتية، والحاجة إلى إصلاحات اقتصادية شاملة، ومحاربة الفساد. كما أن تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي سيكون العامل الحاسم في قدرة السودان على الاستفادة من إمكانياته الاقتصادية.
أقول ختاماً انه برغم الظروف الصعبة، فإن السودان يمتلك إمكانيات هائلة تجعله قادرًا على النهوض اقتصاديًا بعد الحرب. وإذا ما تم استغلال هذه الفرص بشكل صحيح من خلال سياسات إصلاحية واستثمارات استراتيجية، يمكن أن يتحول السودان إلى قوة اقتصادية واعدة في القارة الإفريقية، خاصة في ظل التحولات العالمية التي تعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية، ويحتاج السودان إلى مجلس وزراء فعال وليس قوال، وعندها فقط يستيقظ المارد الأفريقي من سباته العميق.
#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي