
#صالون_الريس
عامان من الجحيم
د/ أشرف الريس
أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام وبسم الله نبدأ الكلام… من ١٥ أبريل ٢٠٢٣م حتى ١٥ أبريل ٢٠٢٥ م تكون قد بلغت الحرب العامان ويدخل الشعب السوداني، غدًا، عامه الثالث في مواجهة حربٍ مدمرة شنتها مليشيا الدعم السريع المتمردة على الدولة والمجتمع، حربٌ لم تستثنِ مدينة ولا قرية، ولم تميز بين مدني أو عسكري، طفل أو شيخ، امرأة أو رجل. عامان من الرعب والخراب والنزوح، وشعبٌ لا يزال صامدًا، يُقاتل من أجل كرامته وبقائه.
ففي منتصف أبريل 2023، خرجت مليشيا الدعم السريع من تحت عباءة النظام، لتوجه سلاحها ضد الدولة التي أنشأتها، وتعلن بداية تمرد دموي بدأ في الخرطوم، لكنه سرعان ما امتد إلى دارفور، وكردفان، والجزيرة وسنار والنيل الأزرق ، مخلفًا وراءه عشرات الآلاف من القتلى، وملايين النازحين، وانهيارًا شبه كامل للخدمات والمؤسسات.
عامان من الانتهاكات والجرائم، حيث شهد السودان خلال هذين العامين جرائم موثقة يندى لها الجبين اغتصاب جماعي، نهب للممتلكات العامة والخاصة، قصف عشوائي على الأحياء السكنية، وحصار للمدن، لا سيما في الجنينة والفاشر وزالنجي ونيالا. تقارير منظمات دولية أكدت ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب قد ترقى إلى التطهير العرقي، خاصة في إقليم دارفور.
الاقتصاد أصبح في غرفة الإنعاش فلم تسلم الحياة الاقتصادية من قبضة الحرب، فقد انهارت البنية التحتية، وانهارت قيمة الجنيه السوداني، وارتفعت معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة. ومع استمرار الحرب، توقفت عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي، وتعثرت الصادرات، وأصبحت المساعدات الإنسانية المصدر الوحيد للبقاء في كثير من المناطق.
رغم كل ذلك، لا يزال الشعب السوداني يضرب أروع الأمثلة في الصمود والمقاومة. تشكّلت لجان المقاومة في الأحياء والقرى، ونشطت المبادرات الإنسانية، وانتظم الشباب في جبهات القتال والمساعدة، دفاعًا عن الأرض والعِرض. المدن التي حاولت المليشيا إخضاعها لم تنكسر، بل زادت صلابة، وآخرها مدينة الفاشر التي تستعد هذه الأيام لمواجهة جديدة.
مع دخول الحرب عامها الثالث، تبدو الصورة قاتمة، لكن الروح الوطنية لا تزال متقدة. هناك دعوات متزايدة لتوحيد الصف الوطني، وإسناد الجيش، والتوجه نحو الحسم العسكري لإنهاء التمرد واستعادة الدولة. وفي المقابل، لا تزال المليشيا تمارس الخداع الإعلامي وتستنجد بدعم خارجي لتطيل أمد الصراع.
وأقول ختاماً ما بات واضحًا، أن السودان، رغم الجراح، لن يقبل بالهزيمة. وأن إرادة الحياة لدى هذا الشعب أقوى من الرصاص، وأكبر من أي مليشيا.
#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي