تعقيبا على مقال الدكتور المفكر النور حمد حول قضية الاعلام والذي اصاب فيه كل رؤوس الحقيقة بدقة اواصل حديثه الذي لايمل ولغته الجاذبه نطقا وكتابة في امر الاعلام ،مثل كل القضايا التي فشلنا فيها منذ التحرر فقد فشل الاعلام في خلق رسالة لبناء الشخصية السودانية تماما حتى صفوتنا التي نسبح بحمدها سرا وجهرا بقليل من التروي والنقد البناء نجد انها فشلت ان توجد خطاب وطني واحد يصب لمصلحة خلق علاقة بين الاجيال والوطن فما ورثتناه من كتابات معظمها ان لم اقل جميعها تعبر عن مواقف اما شخصية تجاه اخرين اوحزبية تجاه حركة سياسية اوحزب ما لذلك كل تجاربنا الاعلامية الصحفية ظلت اسيرة هذا الوعي المتاخر بامر الاعلام وبالتالي دوره المهم في صناعة الشخصية الوطنية، قديما بدات الصحافة مناهضة للاستعمار ومع احترامنا للرواد ودورهم المقدر الا انهم لم يفلحوا ان يخلقوا مؤسسات اعلامية لها خطها الواضح الذي لايتاثر باي تحول سياسي في البلد ودونك تجربة الاهرام في مصر اكثر من مائة عام ،من المؤسف تماما ان يتحول الاعلام الى الة للتعبير عن سخط سياسي ضيق او الى تعمية للجماهير عن الواقع وعن رؤية المستقبل فالاعلام الخلاق مفقود عندنا كما ذكر الدكتور النور وهذا يذكرنا بمقولة سلامة موسى ان حرية الفكر دوما مرهونه بالشجاعه والايمان لكن يبدو ان شجاعة الاعلام لدينا هي المطلوبة،ان التطور التقني في الاعلام يزيد امر الصناع تعقيدا لانه وفر كثير من الوقت لتجويد الية الصناعه الاعلامية فقط لب الفكرة وكيف تخدم وطنا بكل صدق نجد انه من الدول المتقدمه في عدم الوطنية فيه فالجميع ولا استثنى احدا تحركه روح انتقامية من الاخر للنيل من اي مكتسب له وتقديمه لمحكمة التاريخ ممزقا بالعيوب ،كنا نصرخ ايام الدولة السابقة ونقول اعيدوا رسم خارطة الاعلام اعيدوا بناء هذه المؤسسات التي تضج بالدراويش والمهاويس والجهلاء بكل شي وقطعا مانشاهده او نقراءه يدل على اكثر من ذلك وكنا نقول ان من البديهي ان تتم ادارة هذه المؤسسات من عقول اعلامية حقيقية تتميز بالابتكار والمعرفه العميقة واكرر المعرفة العميقة للحياة والانفتاح والمهنية في اختيار العاملين في هذه المؤسسات لكن للاسف الدولة السابقة وحتى الحالية لم تتمكن من كسر هذا الحائط ومازلنا في مرحلة ثورية طفولية تقوم على الهتاف والشعارات والتجريح للسابقين دون الانتباه ان اول معين للثورات هو الوعي والاستنارة والبناء الجمعي وهذا دور الاعلام لكن في ظل وطن محاط بالبارود فاي خطاب قصير الامد يقيف في محطة الهتاف يزيد من ضعف الوطنية بمعناها الحقيقي !اننا نريد مؤسسات اعلامية تبتعد قليلا عن الرقص والغناء والدراما الفجة التي تجرح مشاعرنا ونحن نرى الاخرين في درامتهم كيف يعالجون قضايا انسانية بشكل راق ومتحضر وخطاب مجتمعي عميق ،ونريد ايضا كتاب حقيقين لايقدموا وجهات نظر قائمة على الانطباع النفسي فقط يرمون الاخرين في محرقة اقلامهم فقط لانهم لم يروقوا لهم فماهكذا تدار الاشياء ونحتاج الى رؤساء تحرير صحف يذهبون الى مواطن الاحداث المجتمعية لا يكون حرصهم فقط الذهاب الى مؤتمرات رئيس الوزراء اننا نعاني من هذا الوعي المتخلف بالاعلام ونعاني اكثر من شاشات قميئة ومقدمي برامج ماعدا القلة هم ابعد مايكون ان يوصفوا انهم اعلاميون ولكن لمن نوجه شكوتنا ولمن تقرع الاجراس وهل نحلم ان ياتي من اعلامنا من ان ياتي ليقود بثقافته ومعرفته تاريخنا الحديث مثل هيكل او يفتح الاف الاستفهامات للاجيال القادمه مثل احمد بهاء الدين ؟الاجابة الان تستحيل حتى ينقشع الضباب وتتبدل هوجة الثورية الى حكمة وطنية تعيد بناء الشخصية السودانية