بعد ما ساءت الأوضاع في ولاية الخرطوم وأصبح حالها يغني عن سؤالها وأصبحت رائحة الموت تسكن البيوت بدلا عن سكانها وأصبحت الشوارع تضج بين نداءات استغاثة او صراخ من دوي المدافع او سكون مخيف اصبحت الخرطوم تعج بالأروائح النتنة اما رائحة جثة او نتانة احدي الخونة والماجورين
اصبحت الخرطوم مسرحا لكل انواع التراجيدية واحيانا مسرحا للصمت وأضحت بلد المهالك وامست بلد الجريمة والي ان يهل فجر النصر ساسرد لكم بعض من حكايات من أرض الجحيم حتي لاتنسي جرائم المرتزقة والنصر قادم ان شاء الله
سنبدأ بقصص أهل بيتي
في يوم ١٤ أبريل ذهبت انا واسرتي الصغيرة لتناول إفطار رمضان في بيت جدي الذي يقبع في وسط إحياء الخرطوم العريقة ذلك البيت الذي يعني كل شئ تعلمناه في حياتنا من قيم وتربية وحنين وحب الخير هذا البيت صغير من حيث المساحة كبير من حيث المعني والقيمة هو بيت جدي والد امي الخليفة حسن محمدعبدالله أحد خلفاء الطريقة الختمية
جمعنا في هذا المنزل كل أحفاده واحسن أدبنا وتربيتنا بكل ماهو مطلوب نحن وكثير من اقرباءنا وآخرون
تناولنا وجبة الإفطار مع اثنين خالاتي ولم اكن اعلم انه اخر لقاء لنا بهم حتي إملاء عيني منهم لم اعلم اني لا يمكن أن تختفي واحدة منهم من حياتي وهي تمثل لي كثير من معاني الأمومة والحب كانت في وداعي انا وابناءي بعد تحميلنا بكثير من الهدايا والحلوي والقروش لابناءي يشهد الله أنها لم تفارق الشارع الي ان قطعت الرقشة ووصلت إلي اخر الشارع وهي تلوح لأبناء ي وهم يلوحون لها وما كنت اعلم انه الوداع الأخير .
أصبح يوم ١٥ اليوم المشؤوم في تاريخ الخرطوم وبعدها تقطعت سبل التواصل وأصبح التلاقي شبة مستحيل ولا شئ يشفي خوفنا وقلقنا علي بعضنا الا صوت في الهاتف في بعض الأحيان الا ان أصبح الهاتف نفسة مستحيل بسبب سحب الشبكة وانقطاع الكهرباء وبعد ان اشتدت الحرب قررنا ان نخرج من الخرطوم وان نصحبهم معنا خاصة وان احدهن مصابة بجلطة دماغية ولا تستطيع الحركة وبعد أن توجهنا إلي منزلهم اوقفتنا قوات الدعم السريع ومنعتنا من الوصول إليهم غيرنا الاتجاه وذهبنا لنحاول بشارع اخر اوقفتنا القوات المسلحة ومنعتنا من العبور لان الشارع قريب من منطقة عسكرية وهذا يمثل خطورة علينا باءت كل محاولاتنا في الوصول إليهم بالفشل قررنا ان نواصل في طريق خروجنا علي ان نبحث عن كيفية خروجهم لاحقا وبعد أن وصلنا الي مقر اقامتنا خارج الخرطوم ظللنا نتواصل معهم وتطمئن علي حالهم في كل لحظة وظللنا نبحث لهم عن خروج امن ومريح لان إحداهن لا تستطيع الجلوس فلا بد من سيارة كبيرة وبين مسافات البحث وهواتف السؤال عن الحال نتفاجاء بخبر وفاة إحداهن بسبب الخوف من دوي المدافع وانقطاع التيار الكهربائي وهي تعاني من الأزمة رحلت وهي التي تقف علي مساعدة اختها المريضة رحلت دون تودع ودون أن تؤمن من يخدم شقيقتها رحلت حتي دون أن توصي عليها رحلت دون أن نراها او تشيع جثمانها وهي التي ظلت تربي أبناء إخوتها واخواتها رحلت دون أن يمسك أحدهم ب العنقريب الذي يحمل جسدها النحيل الي مثواها الاخير رحلت دون أن يمشي صغارنا خلف جثمانها ودون أن نملاء أعيننا بآخر نظرة ونودعها رحلت وتركت جرح غائر في قلوبنا بفراقها وبطريقة موتها وعدم تشيعها رحلت لوحدها وكان هذا البيت الذي كان يضج بالبشر لم يكن يوما مأهولا بهم رحلت وتركت شقيقتها وهي في أشد الحاجه لها لكم ان تتخيلوا مرارة الرحيل الذي لا يحضره أحد لكم ان تتخيلوا مافي دواخلنا من حزن علي فراقها وحسرة علي عدم وجودنا معها واحساس بالذنب يلازمنا بتركها خلفنا سنعيش بقية عمرنا بعقدة الذنب التي ليس لنا ذنب فيها
هذة واحدة من قصص الجحيم في الخرطوم وغيرها كثر بسبب الحرب اللعينة
سنعيش ندعو علي الجنجويد الخونة وكل من يقف بجانبهم ليسقونا كؤس المر لعنة الله علي قوم زرعوا الحزن في قلوبنا
الا رحمك الله بقدر سعة صدرك وصبرك رحمك الله بقدر ماقدمت يداك لنا
وعهد الله بيننا وبينك بعد رحيلك صدقة جارية والدعاء لك بالرحمة والمغفرة