المقالاتالاخبار

هيفاء حسن تكتب .. قصة واقعية من يوميات الحرب(1)

136views

 

بعد ما ساءت الأوضاع في ولاية الخرطوم وأصبح حالها يغني عن سؤالها وأصبحت رائحة الموت تسكن البيوت بدلا عن سكانها وأصبحت الشوارع تضج بين نداءات استغاثة او صراخ من دوي المدافع او سكون مخيف اصبحت الخرطوم تعج بالأروائح النتنة اما رائحة جثة او نتانة احدي الخونة والماجورين
اصبحت الخرطوم مسرحا لكل انواع التراجيدية واحيانا مسرحا للصمت وأضحت بلد المهالك وامست بلد الجريمة والي ان يهل فجر النصر ساسرد لكم بعض من حكايات من أرض الجحيم حتي لاتنسي جرائم المرتزقة والنصر قادم ان شاء الله
سنبدأ بقصص أهل بيتي

في يوم ١٤ أبريل ذهبت انا واسرتي الصغيرة لتناول إفطار رمضان في بيت جدي الذي يقبع في وسط إحياء الخرطوم العريقة ذلك البيت الذي يعني كل شئ تعلمناه في حياتنا من قيم وتربية وحنين وحب الخير هذا البيت صغير من حيث المساحة كبير من حيث المعني والقيمة هو بيت جدي والد امي الخليفة حسن محمدعبدالله أحد خلفاء الطريقة الختمية
جمعنا في هذا المنزل كل أحفاده واحسن أدبنا وتربيتنا بكل ماهو مطلوب نحن وكثير من اقرباءنا وآخرون
تناولنا وجبة الإفطار مع اثنين خالاتي ولم اكن اعلم انه اخر لقاء لنا بهم حتي إملاء عيني منهم لم اعلم اني لا يمكن أن تختفي واحدة منهم من حياتي وهي تمثل لي كثير من معاني الأمومة والحب كانت في وداعي انا وابناءي بعد تحميلنا بكثير من الهدايا والحلوي والقروش لابناءي يشهد الله أنها لم تفارق الشارع الي ان قطعت الرقشة ووصلت إلي اخر الشارع وهي تلوح لأبناء ي وهم يلوحون لها وما كنت اعلم انه الوداع الأخير .
أصبح يوم ١٥ اليوم المشؤوم في تاريخ الخرطوم وبعدها تقطعت سبل التواصل وأصبح التلاقي شبة مستحيل ولا شئ يشفي خوفنا وقلقنا علي بعضنا الا صوت في الهاتف في بعض الأحيان الا ان أصبح الهاتف نفسة مستحيل بسبب سحب الشبكة وانقطاع الكهرباء وبعد ان اشتدت الحرب قررنا ان نخرج من الخرطوم وان نصحبهم معنا خاصة وان احدهن مصابة بجلطة دماغية ولا تستطيع الحركة وبعد أن توجهنا إلي منزلهم اوقفتنا قوات الدعم السريع ومنعتنا من الوصول إليهم غيرنا الاتجاه وذهبنا لنحاول بشارع اخر اوقفتنا القوات المسلحة ومنعتنا من العبور لان الشارع قريب من منطقة عسكرية وهذا يمثل خطورة علينا باءت كل محاولاتنا في الوصول إليهم بالفشل قررنا ان نواصل في طريق خروجنا علي ان نبحث عن كيفية خروجهم لاحقا وبعد أن وصلنا الي مقر اقامتنا خارج الخرطوم ظللنا نتواصل معهم وتطمئن علي حالهم في كل لحظة وظللنا نبحث لهم عن خروج امن ومريح لان إحداهن لا تستطيع الجلوس فلا بد من سيارة كبيرة وبين مسافات البحث وهواتف السؤال عن الحال نتفاجاء بخبر وفاة إحداهن بسبب الخوف من دوي المدافع وانقطاع التيار الكهربائي وهي تعاني من الأزمة رحلت وهي التي تقف علي مساعدة اختها المريضة رحلت دون تودع ودون أن تؤمن من يخدم شقيقتها رحلت حتي دون أن توصي عليها رحلت دون أن نراها او تشيع جثمانها وهي التي ظلت تربي أبناء إخوتها واخواتها رحلت دون أن يمسك أحدهم ب العنقريب الذي يحمل جسدها النحيل الي مثواها الاخير رحلت دون أن يمشي صغارنا خلف جثمانها ودون أن نملاء أعيننا بآخر نظرة ونودعها رحلت وتركت جرح غائر في قلوبنا بفراقها وبطريقة موتها وعدم تشيعها رحلت لوحدها وكان هذا البيت الذي كان يضج بالبشر لم يكن يوما مأهولا بهم رحلت وتركت شقيقتها وهي في أشد الحاجه لها لكم ان تتخيلوا مرارة الرحيل الذي لا يحضره أحد لكم ان تتخيلوا مافي دواخلنا من حزن علي فراقها وحسرة علي عدم وجودنا معها واحساس بالذنب يلازمنا بتركها خلفنا سنعيش بقية عمرنا بعقدة الذنب التي ليس لنا ذنب فيها
هذة واحدة من قصص الجحيم في الخرطوم وغيرها كثر بسبب الحرب اللعينة
سنعيش ندعو علي الجنجويد الخونة وكل من يقف بجانبهم ليسقونا كؤس المر لعنة الله علي قوم زرعوا الحزن في قلوبنا
الا رحمك الله بقدر سعة صدرك وصبرك رحمك الله بقدر ماقدمت يداك لنا
وعهد الله بيننا وبينك بعد رحيلك صدقة جارية والدعاء لك بالرحمة والمغفرة

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

سبعة عشر − 10 =