من المعلوم ان تحالف اعلان قوى الحرية والتغيير تكون لاحقا بعد بداية الثورة، ولم يكن قبله اي تنسيق تحالفي بين القوى السياسية المعارضة للنظام بهذا التكوين العريض؛ الذي جمع كل الجبهات المعارضة وتكويناتها المتحالفة في هذا الجسم الكبير، لدواعي المرحلة والتنسيق لانجاح الثورة، وهو عمل باهر وجبار، عكس ارادة هذا الشعب، وبين قدراته حينما يتوحد ويصوب وجهته نحو غاية واحدة، فتم له ما اراد بعد انحياز المكون العسكري للثورة .
التحدي الان بات كبيرا امام هذا التحالف ( قحت ) في الوصول الي غاياته النهائية، وهي عبور المرحلة الانتقالية عبورا آمنا ومتماسكا حتى الوصول الي انتخابات عامة تعطي الشعب حقه في اختيار ممثليه بكل حرية وشفافية ، وقبل ذلك وأثنائه؛ العمل علي تحقيق مطلوبات الثورة، وترجمة شعاراتها علي ارض الواقع، بداية بتحقيق سلام دائم شامل مع حركات الكفاح المسلح، ووضع البلاد اقتصاديا علي بداية المسار السليم بوقف التدهور الاقتصادي، واصلاح الاوضاع المعيشية للمواطنين .
تماسك مكونات المرحلة الانتقالية يعتبر العمود الفقري،والركيزة الاساسية للوصول بالبلاد الي بر الامان، وهي نتيجة بديهية لاتحتاج الي كبير نظر في مقدماتها أو مبرراتها كفرضية ضرورية في هذا الجانب ، ومع ذلك كلما امتد الزمن بالفترة الانتقالية، تتفجر الخلافات بين مكونات المرحلة الانتقالية، اولا مابين مكون عسكري ومدني، وقد نستطيع ايجاد نماذج كثيرة علي هذه الجفوة وعدم الانسجام الكامل بينهما، علي الرغم من انهما كلاهما في مركب واحدة، لا نريد استدعاء نماذج عدم الانسجام، اذ ليس هذا غرضنا ولأنها أكثر من أن تحصر، ليس آخرها حديث نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في خطابه بافتتاح أحد المساجد، بأن معالجة الاوضاع الاقتصادية هي من مهام الحكومة المدنية، ولا الغياب التام لأي فرد من المكون العسكري في اي احتفال للمكون المدني بذكرى الثورة المجيدة، هذا بغض النظر عن الاتهامات المباشرة او التلميح بالادانة لهذا المكون العسكري في مجزرة القيادة العامة، هذه فقط نماذج لما بين المكونين الكبيرين للمرحلة الانتقالية ، وكان من المؤمل العمل معا بتنسيق كامل وتضامن تام من اجل انجاح المرحلة خاصة وفي الذهن السوداني تجربة الشراكة المتشاكسة مابين الموتمر الوطني المحلول والحركة الشعبية طرفي نيفاشا ومآلات تلك الشراكة التي ادت الي تقسيم البلاد واضعافها في الجانبين . اما في جانب المكون المدني تحالف قحت فحدث ولا حرج من تباين بين مجموعاتها الكبرى وتمترسها امام رؤاها الخاصة حتى بعد نجاح الثورة وتحالف الاعلان مابين نداء السودان وقوي الاجماع فضلا عن الخلافات العميقة مابين فصائل هذه المجموعات وليس خافيا حدة الخلافات الان مابين الجبهة الثورية وقوى اعلان الحرية والتغيير وما تطالعنا به الاخبار في كل حين من تصريحات غاضبة من كل مكون تجاه الاخر ، هذا عدا الهجوم الذي اصبح عادة ضد النهج الاقتصادي للحكومة الانتقالية من حاضنتها السياسية نفسها ، وما اظهرته الموازنة العامة ورغبة الحكومة الانتقالية في رفع الدعم السلعي ، من اختلاف كبير وعدم تنسيق بين هذه المكونات السياسية واحكام السيطرة علي القرار ووحدة الارادة الخاصة باصداره . وهو ما يعكس خللا كبيرا في التنسيق ووحدة الهدف والمصير ! بحيث يظن المراقبون ان التحالف اصلا كان مرحليا لغرض اسقاط النظام السابق وحينما تم ذلك فترت هذه القوى في تطوير التحالف لخلق جبهة عريضة تدير عبرها هموم المرحلة كجسم واحد وظهر ذلك جليا في رفض الهيكلة التي تعمل علي رشاقة وسرعة ومرونة جسم (قحت ) في مجابهة الامور والتحديات الماثلة . خاصة وان هنالك من يتوقع مزيد من الاختلاف بين قوى الاعلان في مقبل الايام بين يدي الحوار المجتمعي والمؤتمر الاقتصادي الخاص بالتقرير بشان رفع الدعم السلعي ومعالجة تشوهات الاقتصاد القومي ، وقد شاهدنا علو نبرة الاختلاف بهذا الشأن بين الحكومة وقحت من جانب وبين فصائل قحت نفسها من جانب اخر وذلك ماهو متوقع ان يزيد في الايام المقبلة . ونرجوا ان لا يصدق هذا التوقع لحاجة المرحلة الانتقالية حقيقة لتماسك مكوناتها للعبور الآمن للفترة الانتقالية وتحقيق شعارات الثورة وآمال واحلام الشعب,
336