المقالات

صيد الخاطر .. محمد أمين أبو العواتك

851views

بين يدي التأسيس للهياكل الانتقالية في السودان-المواطنة (2)

▪مع البروف عبد الله يسن ومساهمة مؤسسة أونيكس في المواطنة

▪من القيم المشتركة الي المواطنة المشتركة من منظور اخلاقي

 

انتهينا في الجزء الاول الي ان لحظتنا الآنية وظروف مجتمعاتنا مع المهددات والتداخلات الداخلية والخارجية المختلفة تؤشر بوضوح إلى أولوية العمل في التطور الشخصي للمواطن على هدي شمولية القيم في الرسالة الخاتمة لتتماهى مع التطوّر الإنساني لهياكل الحكم المعروفة في هذه اللحظة التاريخية، وذلك بتعلية قدر “المواطنة” ومناهجها الأخلاقية والتربوية والحقوقية في أدائنا السياسي والتشريعي والتنفيذي ومعاملاتنا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، واستحداثها “كسلطة رسمية رابعة” تنفذ أمرها “بقوة الحق وسلطان المعرفة” لحراسة الحقوق الدستورية للفرد والمجتمع والبيئة،تجدني دائم التاكيد علي مقصد الهدي الالهي الذي اتت لاجله كل الرسالات السماوية وهو اقامة المجتمع الفاضل علي هدي الاخلاق فهي المقصد والقاسم المشترك بين كل البشر الذي لايتغير بتغير الزمان او المكان والمعارف والفكر والمعتقد وليس التجبر بالسلطان والاحادية والاقصاء بمثل الافكار الفطير للتجارب المرة لامة حضارة اصيلة قديمة لاتزال كل يوم اكتشافاتها تصنع الدهشة وتؤشر للمثير القادم.

تجدني كثير الاحتفاء باهل المراجعات والحفريات والمساهمات التي تصنع الفرق ليس فقط في جغرافيتنا المنهكة بالصراعات بل في العالم اجمع بحثا عن التعايش والمشتركات والتبشير برسالة الاخلاق وهو ماحدث في ويلز ويعتبر نموذج لذا لم يكن غريبا ان تحتفي بريطانيا علي اعلي مستوي بافكار ومشروعات مؤسسة الاونيكس وان تكرمها ملكة بريطانيا في شخص البروف عبد الله يسن بفتح المجال لاضافاتها المعرفية ومنهجيتها في المشروعات المجتمعية هنالك باعتبارها معارف جديدة تحتاجها البشرية لسد الثغرات والسلبيات في التجارب الانسانية القديمة المتعطشة لتمام هدي الاخلاق في رسالته الاخيرة الخاتمة، ولفهم اشكالات المواطنة يحلل بروف يسن مفهومها من منظور اجتماعي وفقا لماهو صادر من الاونيكس من حيث إنتماء الفرد العاطفي الطبيعي إلى وحدة اجتماعية والتفاعل الإيجابي الأخلاقي مع نظامها الإجتماعي وهو مجال التنمية الشخصية للمواطن ، فشهد هذا المفهوم توسعا تراكميا منذ نشأة البشرية على الأرض حيث بدأ التطور المجتمعي بعملية تكامل الأسرة أو الوحدة الإجتماعية فنشأ منها أولا مجتمع العشيرة والقبيلة، ثم مجتمع الأمة، ثم الأمل المنشود في نشأة “المجتمع الإنساني” ، وعبرهذه المسيرة توسعت الرقعة الجغرافية للوحدة الإجتماعية من بيت الأسرة، وحارة العشيرة إلى مرابض القبيلة، إلى الوطن القومي، ثم الأرض – وطن البشرية جمعاء. كذلك تطور النظام الاجتماعي لتوفير الأمن والعيش الكريم لأفراد المجتمع من الدور القيادي للأب والأم في الأسرة ، إلى القيادة العشائرية في القبلية ، إلى القيادة السياسية المتمثلة في نظم الحكم التي تعارفت عليها الأمم.

يجدر الإنتباه إلى أن مسؤولية القيادة من الأسرة إلى الدولة لم تتعد الغايات الأساسية: الإطعام من جوع والتأمين من خوف! وعموما قد واكب هذا التطور نوع من تدني المسؤولية في مفهوم المواطنة والتعايش السلمي: فنجد قمته في حدود الأسرة، ليصبح أقل من ذلك في حدود القبيلة، وبدرجة أقل في حدود الوطن القومي، عدا بعض الدول التي شهدت تقدما في مفهوم المواطنة مواكبا لتطور النظام الإجتماعي ونظم الحكم فيها مع بعض الأعراض الجانبية التي أثرت سلبا في الصلات الإجتماعية. أما مجتمع الانسانيه فقد تأخر تطوره كثيرا لذلك سادت التاريخ الحروب والإضطهاد والإستعمار والإستعباد. وقديما كانت معظم أسباب الحروب تعود لتغول الطمع على النشاط المشروع لسد احتياجات العيش الكريم، ثم نشأت لاحقا حروب دينية وعقدية وفكرية دون أن تهدأ حروب الأطماع الإقتصادية. وقد شهد التاريخ الحديث بعيد الحرب العالمية الأولى تنامي ضرورة تكامل المجتمعات الأممية لجمع شتات البشرية، فنشأت عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة، ولكن للأسف غلب على تكوينهما الفكر السياسي القائم على نظرية “البقاء للأقوى” عسكريا واقتصاديا بغض النظر عن الأخلاق، وقد كان الأجدى أن تقوم على الفكر الإجتماعي، فيكون ” البقاء للأصلح” من حيث مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية في التعايش السلمي وعمارة الأرض التي تقود عجلة التطور العلمي والتقني إلى ما ينفع الناس كافة وليس إلى تطوير آلة الحرب على الإنسان والحيوان والبيئية وكل ما يقود إلى شقاء البشرية. وغالب ما يعرف اليوم بين عامة الناس عن الأنظمة الأممية “مجلس الأمن الدولي” لكثرة النزاعات المسلحة و”الجنائية الدولية” لإنتشار الفساد بين قادة الأنظمة السياسية بينما لا يعرف الكثير من الناس عن المنظمات التي تعنى بالقيم الإنسانية المشتركة والمعرفة والثقافة وحقوق الإنسان والبيئة. وأخيرا جدا بعد أن ساءت أحوال البشرية السياسية والإجتماعية والإقتصادية لتدني الأخلاق والقيم مع التطور التقني والرقمي، ظهرت أصوات خافتة من بعض أهل الحجا تنادي بنشر قيم “المواطنة العالمية” والتعايش السلمي بين كل البشر.

استصحابا لهذا التحليل بنت الاونيكس منهجها الذي يقوم علي قيمنا المشتركة وذلك لان التعايش السلمي وترابط المجتمع من مستوى الأسرة حتى مجتمع الإنسانية الكبير يتتطلب التعرف على القيم المشتركة بين الناس وجعلها نصب العين والتعاون التام في المصلحة العامة لذا كانت تجربة الاونيكس في توثيق القيم المشتركة بين أطياف المجتمع في ويلز في مؤتمرها الأول لأصحاب الأديان والمعتقدات الذي انعقد 9 مايو 2018 بمدينة كاردف ، وشارك فيه سبعة من قادة الأديان والطوائف يمثل أتباعهم أكثر من 67 ٪ من السكان في إنجلترا وويلز ووقعوا اعلان بشأن قيمهم المشتركة في: الإنسانية، والأخلاق ، ورعاية الأرض – وطننا الكبيروالتي قد تكون نواة طيبة لمجهود مماثل وإخراج يلائم الوضع السوداني.
باتفاق قادة مجتمعات أهل الأديان والمعتقدات المشاركون في مؤتمر ويلز لحوار الأديان والمعتقدات حول القيم المشتركة في أن الإنسانية كيان واحد ، تجمعنا المساواة وكرامة الإنسان واحترم الاختلافات والاقرار بأن التنوع في الإعتقاد أو العرق أو الثقافة يثري الوحدة ويقوي العلاقات المجتمعية،وأن الأخلاق تظهر ثمارها في فعل الخير للآخرين والإمتناع عن التسبب في الأذى لأي كائن الأساس الذي يمكن أن نبني عليه علاقات مجتمعية جيدة من خلال الاحترام والحب ، فالأرض هي وطننا الأوحد وهذا يستلزم تعاوننا في التعايش السلمي والحفاظ على النظام البيئي المتوازن لذلك تقع على عاتقنا مسؤولية الحفاظ على انسجام نشاطنا الحياتي مع متغيرات جميع مكونات الأرض ومواردها البيئية للحفاظ عليها كمكان مناسب لنا ولأجيال المستقبل ومكن هذا الاعلان النموزجي عن مشتركات القيم في تمهيد الطريق للتعاون في الأنشطة والعلاقات المجتمعية والمواطنة وهو موضع الجزء الثالث.

ليصلك كل جديد انضم لقروب الواتس آب

Leave a Response

10 + تسعة =